الخميس، نوفمبر 11، 2010

كتاب الإعلام البديل ـ ياسر بكر ـ الصحافة الورقية تحديات البقـــــاء


الفصل السادس :


الصحافة الورقية
تحديات البقـــــاء

لم يعد انتظار مشهد النهاية مقصورًا على صحافة «مصر المحروسة» وحدها بل شمل المشهد صحافة بلدان كثيرة، وإن اختلفت الأسباب وتعددت العلل وتنوعت!!
ففى محاولة لمنح قُبلة الحياة للصحافة الورقية فى  العديد من بلدان العالم؛ انعقد المؤتمر العالمى للصحف فى  يونيه 2010 فى  دورته الـ 58 بمدينة سيول بحضور أكثر من ألف مشارك من حوالى 80 دولة ما بين محرر وناشر ومقدمى خدمات الإنتاج الصحفى.  بتنظيم من الجمعية الدولية للصحف ومقرها باريس. وعلى جدول أعمال المؤتمر طُرحت تساؤلات حول مستقبل الصحافة المطبوعة وما تعانيه من مشكلات، والتحديات التى  تواجهها والحاجة إلى تطوير تقنيات وأساليب جديدة فى  ظل استمرار الانخفاض على طلبها فى  السنوات الأخيرة.
ولكن الشواهد كلها تؤكد عدم قدرة الصحافة الورقية على الصمود فى  مواجهة حتمية التطور والتحديث اللذان  يفرضهما دوران عجلة الحضارة، وأنها باتت تنتظر رصاصة الرحمة.
فالقارئ لم يعد يستجيب ويتفاعل مع الصحيفة أو المجلة الورقية أو يُقبل على شرائها؛ مهما فعلت من طرق ووسائل لتطوير وتغيير الشكل والمضمون، بالإضافة إلى ظهور الأجيال الجديدة من الشباب التى  تفضل الصحافة الإلكترونية عليها لما لها من ميزات نقل النص والصورة معا لتوصيل رسالة متعددة الأشكال والاحتفاظ بالقارئ الإلكترونى  أكبر قدر ممكن بتقديم مميزات منها السرعة فى  معرفة الأخبار والتحديث الدائم لها على مدار الساعة من خلال المواقع الإلكترونية التى  تختص بنقل الخبر والحدث، وتتناول الأحداث اليومية بأقل الصحفيين وتحليلاتهم ووجهات نظرهم مثلما يحدث تمامًا على صفحات الجرائد، ودون حاجة لشراء الجريدة أو المجلة ، مما وفّر ثمن الاشتراك فى  المطبوعات بأنواعها .
وأيضًا بالنسبة للمعلن الذى  أصبحت الساحة الإعلانية أمامه أكثر رحابة واتساعًا وتنوعًا بتعدد وسائل الإعلام المختلفة وتقديمها لعروض مغرية للغاية وأكثر جاذبية وربما أقل أسعارًا من هذه الإصدارات التى  انخفض توزيعها الآن بشكل كبير، مما لا يعود بالنفع والفائدة عليه.

 
مما دفع العديد من الصحف الورقية للبحث عن مخرج من أزمتها فى  ظل التراجع المستمر فى  أعداد توزيعها؛ وتكبدها خسائر مالية ضخمة من خلال محورين:
1 - تسريح مئات الموظفين.
2 – التوقف عن الإصدار المطبوع والتحول إلى إصدار إلكتروني.
3 إعلان الصحف تحويل موقعها على شبكة الإنترنت إلى موقع لا يسمح بتصفح مواده إلا لقاء مقابل مالى .  وهى  مجازفة وجدت فيها خلاصها، على الرغم من المخاطرة بفقدان جمهورهم والإعلانات.

الصحف البريطانية :

1 - «ترينيتى  جروب»

«ترينيتى  جروب» هى  المؤسسة التى  تُصدر صحف « دايلى  ميرور» و « صنداى  ميرور» و « ذا بيبول»، وقد أعلنت المؤسسة تراجع توزيع دايلى  ميرور ليصل إلى (مليون و238 ألف نسخة يوميًّا) بتراجع قدره 8 %عن العام الماضى.  أما صنداى  ميرور فقد هبط توزيعها إلى (مليون نسخة يوميًّا) بتراجع 7 % عن العام الماضى.  لكن التراجع الأكبر سجّلته ذا بيبول التى  انحدر توزيعها إلى (553 ألف نسخة فقط.). بتراجع قدره 9 %.
وربطت مؤسسة «ترينيتى  ميرور» بين قرارها الاستغناء عن 140 صحافيًّا، وهو رقم ضخم جدا، مقارنة بالعدد الإجمالى  للإعلاميين فيها فى  «دايلى  ميرور» و«صنداى»  و «ميرور» و «ذا بيبول» وبين إعلانها إنشاء «غرفة أخبار متعددة الوسائط الإعلامية» مرتبطة مباشرة بالنظام الإخبارى  على شبكة الإنترنت «Content Watch ويعد الخفض فى  عدد الصحفيين أكثر من 25 % من مجموع الإعلاميين فى  صحيفتى  «الميرور» (اليومية والأحد) و«ذا بيبول»، وهذا التسريح هو الأوسع بين وسائل الإعلام البريطانية التى  تقوم كلها بخطوات من هذا النوع، ولكن ليس بحجم خطوة «ترينيتي»، التى  أعلنت أنها ستدمج قسمى  الصحافة المطبوعة مع الصحافة الرقمية (ديجيتال)، وشددت على أن الصحف الثلاث ستحافظ على قيمتها ومصداقيتها وهويتها الفريدة، و أن كل صحيفة سيبقى على رأسها رئيس تحرير.

2 - التايمز
وسجلت صحيفة التايمز تراجعًا ضخمًا فى  عدد توزيعها بلغ 14 % عن العام الماضى.  إذ أظهرت أرقام التوزيع الرسمية لشهر أبريل الماضى  أن تايمز وزعت506 آلاف نسخة مقارنة بـ 590 ألف نسخة فى  أبريل العام الماضى*.
3 – جارديان
سجلت صحيفة جارديان بدورها تراجعًا مماثلاً، إذ باتت اليوم توزع 288 ألف نسخة يوميًّا (إحصاء أبريل) بعدما كانت توزّع 343 ألف نسخة فى  الشهر ذاته من عام 2009. وبذلك تبلغ نسبة تراجعها 15 % عن العام الماضى.
وجاء هذا التراجع فى  وقت أعلنت « مجموعة جارديان الإعلامية»، مالكة الصحيفة خسائر السنة المالية السابقة ارتفعت من 96,7 مليون جنيه إسترلينى  إلى 171 مليون جنيه إسترليني؛ وخسائر «جارديان» للسنة المالية 2009 2010 - أعلى بكثير.
4 – إندبندنت
صحيفة الإندبندنت كانت الأكثر تعرضا لتداعيات الأزمة وتراجع توزيعها بنسبة 15% مقارنة بعام 2008 فلم تعد توزع أكثر من 200 ألف نسخة يوميًّا.
ولجأت الصحيفة إلى محاولة استرجاع نسبة خسائرها فعرضت على القراء الجدد شراء أعدادها بسعر رمزى  جنيه واحد طوال فترة تجريبية لمدة شهر إلا أن محاولتها فشلت.

الصحافة الأميركية :

1– كريستيان ساينس مونيتور
أعلنت كريستيان ساينس مونيتور الصحيفة اليومية توقفها عن الصدور الورقى وهى


ملحوظة: تبدأ السنة المالية فى  بريطانيا فى  أول أبريل من كل عام و تنتهى  فى  آخر مارس من العام التالى .

الصحيفة العريقة التى  تصدر منذ ما يقرب من قرن كصحيفة مطبوعة يوميًّا لكنها لم تستطع أخيرًا أن توفر تكاليف صدورها؛ وكان عددها الصادر فى  أواخر مارس 2009 آخر عدد يومى  ورقى  لها واستمرت فى  إصدار عدد أسبوعى  حتى أكتوبر 2009 وبعدها انتهى  عهدها بالورق .
وأرجعت الصحيفة السبب فى  إلغاء النسخة المطبوعة إلى تراجع توزيعها وكذلك تراجع عائدها من الإعلانات.
 2 - سياتل بوست
فى  يوم 15 مارس 2010 توقفت صحيفة سياتل بوست اليومية عن الصدور، والتى كانت تصدر يوميا من مدينة سياتل الأميركية طوال قرن ونصف القرن، وأعلنت إدارة الصحيفة أن توقفها سيكون عن الإصدار المطبوع فقط، وأنها قررت أن تتحول من نسخة ورقية إلى أخرى إلكترونية، وأرجعت الإدارة السبب فى  هذا التحول إلى تراجع العائد من الإعلانات الورقية، وكذلك اتجاه غالبية المعلنين إلى الصحافة الإلكترونية.
3 – نيويورك تايمز
تواجه صحيفة «نيويورك تايمز» أشهر الصحف الأمريكية مشكلة مالية فتقدر ديونها بمليار دولار، ولا تملك منها كسيولة سوى  60 مليون دولار، وسجلت أسهمها تراجعًا بنسبة 55% خلال العام 2009 واضطرت الصحيفة إلى إلغاء وظائف 100 صحفى  أى  8% من كادر التحرير وفتحت باب الاستقالة.
4 –واشنطن بوست
صحيفة واشنطن بوست الشهيرة أعلنت أنها تعانى  ضائقة مالية وأغلقت مكاتبها فى  مختلف الولايات المتحدة وأبقت على المكتب الرئيسى  لتغطية جميع الأحداث من واشنطن. كما قررت وقف إصدار عددها الأسبوعى  الخاص الذى  صدر منذ 25 عامًا بعد أن انخفضت نسبة توزيعه من 150 ألف نسخة إلى 20 ألفًا فقط، وأعلنت مجموعة واشنطن بوست الصحفية الأمريكية عرض المجلة الأسبوعية نيوزويك للبيع لأنها لم تستطع وقف خسائرها التى  تأثرت من انهيار سوق الإعلان وتنامى  الإنترنت
ووصلت خسائر واشنطن بوست فى  الأشهر الثلاثة الأولى  من العام الحالى  7,166 مليون دولار.

الصحافة الفرنسية :

1 - لوموند
صحيفة لوموند الفرنسية اليومية واحدة من أكثر الصحف الفرنسية التى  تحظى  بالاحترام وتعد مرجعًا للصحافة المكتوبة اضطرت إلى التخلى  عن جزء من استقلالها، فقد أجبرتها الخسائر المالية المتراكمة على البحث عن مستثمر لمشاركتها لزيادة رأس مالها، خاصة بعد إعلان مجموعة «لاجاردير» التى  تملك 17% من مجموعة لوموند منذ 2005 أنها لن تزيد حصتها ، ويعتبر بيع «لوموند» نقطة تحول تاريخية لصحيفة تأسست منذ عام 1944 وإدارتها شركة يملكها الصحفيون العاملون بها على مدى  60 عامًا.

  وتعد لوموند صحيفة النخبة السياسية والثقافية فى  فرنسا والعالم قد شهدت منذ حوالى  أربع سنوات عجزًا ماليًّا يزيد على 90 مليون يورو ورأس مالها موزع بنسبة 52% على العاملين من صحفيين وكوادر وموظفين و48% على شركاء فرنسيين بينهم مجموعة إعلامية كبرى  وقراء.

ولوموند مثلها مثل الصحف الفرنسية الأخرى  تعانى  انخفاض مبيعاتها وتوزيعها نتيجة منافسة الصحف الإلكترونية الذى  أدى  إلى قلة عدد القراء.

2 - لوفيجارو

فى  لوفيجارو فى  ظل تدهور الأوضاع المالية للصحف الفرنسية وهزيمتها أمام عالم الإنترنت، سرّحت الصحيفة أكثر من 50 صحفيًّا لتقليل النفقات.


الصحافة العربية :


جريدة النهار

أعلنت جريدة النهار الاستغناء عن نحو خمسين صحافيا، وجريدة النهار من كبرى الصحف اللبنانية والعربية وتصدر منذ أكثر من 75 سنة دون انقطاع ولها ثقل محلي وإقليمي ودولي ولها دور بارز فى  نقل وتحليل أحداث وتطورات الأزمات اللبنانية المتتالية إلى حد التأثير فى  مجرياتها.
وقالت مصادر النهار إن الأمر لا يعدو كونه إعادة هيكلة على خلفية وطأة الأزمة المالية التى  تمر بها كل القطاعات.
ويرجع موقع سويس إنفو الأسباب المباشرة لهذه الأزمة أنها متصلة بالأزمة الاقتصادية العالمية التى  دفعت بعض كِـبار المـمولين العرب إلى وقـف أو تقنـين مساعداتهم للإعلام اللبنانى.  وعلى سبيل المثال؛ عمد الأمير السعودى  الوليد بن طلال الذى  خسِـر على ما يقال؛ بلايين الدولارات فى  المؤسسات المالية الأمريكية المفلِسة؛ إلى حجب أو خفْـض مساعداته لـ «النهار» وأجهزة إعلام أخرى؛ كما توقع الخبر أن مموِلين لبنانيين وعربا آخرين سيفعلون مثل ذلك قريبًا.

سبب ثانٍ: هو الانخفاض الكبير فى  موازنات الإعلانات التى  هبطت بمعدل 20%، الأمر الذى  يعنـى أن الأزمة المالية التى  ضربت منطقة الخليج العربي؛ وصلت أخيرًا إلى الضفاف اللبنانية؛ والتى  كان يجب أن تصِـل قبل ذلك؛ لولا أن التمويل العربى  والإيرانى  الكثيف للانتخابات اللبنانية (نحو 3 بلايين دولار على ما يقال)؛ منح الإعلام اللبنانى  فُـرصة انتعاش مؤقت.

سبب ثالث: يتمثل فى  الهبوط السحيق فى  نسبة قراء الصحافة المكتوبة؛ بفعل التقدّم الساحق للصحافة الرقمية.

2 – مجلة «المجلة » السعودية
توقفت مجلة المجلة السعودية عن الصدور ورقيًّا فى  أول مارس2009، وتحولت إلى نسخة إلكترونية، ويأتى ذلك بعد صدورها كمجلة مطبوعة طوال عقدين من الزمان.


3 - جريدة الوقت
احتجبت جريدة الوقت البحرينية اليومية عن الصدور فى  15 – 4 - 2010 جراء العجز المالى وعدم القدرة على سداد مرتبات العاملين.

4 – جريدة أوان
أعلنت إدارة جريدة «أوان» الكويتية فى  2 مايو 2010 أنها ستتوقف نهائيا، وجريدة أوان صدرت قبل نحو ثلاث سنوات برئاسة الدكتور محمد الرميحى  الذى  أبلغ العاملين فى  صحيفته بصعوبة الاستمرار فى  ظل الأزمة المالية الصعبة التى  تعيشها الصحف الكويتية الورقية عامة.

5- جريدة الصوت
فى الأول من فبراير 2010 صرح يوسف السميط ناشر جريدة "الصوت» الكويتية قراءه بأن الأزمة المالية العالمية اختارت صحيفته كضحية لها من شارع الصحافة، ليعلن فى  مقال افتتاحى أن الصوت ستتوقف قسرا عن الصدور بسبب الأزمة المالية
6 – مجلة نيشان
أعلن مسئولو مجلة "نيشان" المغربيّة توقفها عن الصدور بسبب المقاطعة التي استهدفتها منذ أغسطس 2009 مما ألحق بها خسائر مادية بلغت 10 ملايين درهم ، وتأسست هذه المجلة سنة 2006 ، وهي النسخة العربية من صحيفة "تل كل" باللغة الفرنسية. 
وصرح أحمد بن شمسي مدير المجلة أن هذا الإغلاق بمثابة إعدام مبرمج لنيشان وهو نتيجة مقاطعة الإعلانات التي بادرت بها أوساط مقربة من السلطة . و أوضح أن خط نيشان و لهجتها و المحرمات التي تمكنت من كسرها من الأسباب التي أدت إلى توقف نيشان .
 و أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود أن مقاطعة أصحاب الإعلانات الصحيفة بدأت بعد الرقابة في أغسطس 2009، أي بعد نشر استطلاع حول " محمد السادس، عهد دام عشرة أعوام " نشرته نيشان وتل كل وصحيفة لوموند في آن واحد .


الصحافة الفلسطينية:

الصحافة الفلسطينية نموذج فريد ونادر بين صحافة العالم لعدة أسباب:
1 – لأن فلسطين هى  الدولة الوحيدة المحتلة فى  القرن الـ21.
2- أن الصحف الفلسطينية اليومية توزع مجتمعة 40 ألف نسخة يوميا (ثلاث صحف يومية مرتبطة مع حركة فتح، كما أن هناك صحيفة يومية جديدة تصدر فى  غزة مرتبطة مع حركة حماس.
3 - لأنها أخفقت فى  توفير ما يحتاجه القارئ الفلسطينى،  إذ لا يمكن مناقشة الإعلام الفلسطينى  بدون مناقشة القضية الوطنية الفلسطينية وهذا اثّر سلبيا على الصحافة حيثُ إن السياسة طغت على كل شيء، فلم تعد الصحافة مهتمة بالاقتصاد أو بالرياضة.. وتحت الاحتلال ورغم الظروف التى  يمر بها الشعب الفلسطينى  يبقى  الإنسان الفلسطينى  إنسانا؛ وله اهتمامات إنسانية ومعيشية أخرى غير السياسة .

4 - الأوضاع الصعبة التى  يعيشها الصحفيون نتيجة الصراع الفصائلى وعمليات التهديد والضرب وحتى القتل التى  تعرض لها صحفيون فى  عملهم، كما أن العديد من الصحفيين يضطرون إلى العمل فى  أكثر من وظيفة للحصول على رواتب تكفيهم مما يؤدى  إلى تقليل اهتمام الصحفى  فى  وظيفته الأساسية.

5 – الخضوع لنوعين من الرقابة؛ الرقابة العسكرية لسلطات الاحتلال والرقابة الصارمة من السلطة الوطنية الفلسطينية فى  ظل قانون المطبوعات والنشر الذى  أقره الرئيس الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقد عبر الصحفيون الفلسطينيون عن الحرية التى  أتاحها لهم الفضاء الإلكترونى بقولهم:
«مدفعية الإنترنت هدمت أسوار الرقابة».
فمنذ عدوان يوليو  2006 على بيروت ، أدرك الاحتلال أهمية الإنترنت للتأثير في الرأي العام العالمي. خاصة و أن مجموعة من الشباب الفلسطينى بدأت تحاصر الكيان العبري عبر مجموعة صور تظهر إحراق مسجد الأنبياء وتمزيق مصاحفه وصور مجنّدين ينتهكون حقوق الأسرى الفلسطينيين منها الشريط الذي بُثّ على «يوتيوب» و الذي صوّر أحد الجنود الإسرائيليين وهو يرقص أمام أسيرة فلسطينية و هو ما فضح  تجاوزات الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين  .و قبل حادثة «الجندي الراقص»، نُشر على «فيسبوك» فى أغسطس الماضي صور المجنّدة السابقة إيدن أبرجيل المبتسمة إلى جانبها أسير معصوب العينين .
و قد اختارت إسرائيل الردّ على مهاجميها عبر الشبكة العنكبوتية نفسها. إذ جنّدت مجموعة من المدوّنين لتحسين صورتها التي تزعزعت أمام الرأي العام منذ العدوان على بيروت فى يوليو 2006 و العدوان على غزة (  ديسمبر 2008  ) .  وصولاً إلى الاعتداء على " أسطول الحرية فى 13 – 5 – 2010 .
وقد عبر مدير مجلس المستوطنات في الضفة الغربية نفتالي بينيت عن قلقه بعد انتشار صور انتهاكات حقوق الأسرى بقوله  : "المعركة الحقيقية  ليست عسكرية فأكبر تهديد لإسرائيل اليوم هو عجزها عن استعمال الجيش لحماية نفسها بسبب الرأي العام العالمي "  في إشارة إلى الإحراج الذي سبّبته صور الجنود على فيسبوك
ففى دراسة للدكتور ماجد سالم تربان بعنوان «الصحافة الإلكترونية الفلسطينية» دراسة مسحية؛ لنيل درجة الدكتوراه فى  الصحافة الإلكترونية؛ إشراف أ. د. أشرف صالح أستاذ الصحافة بكلية الإعلام - جامعة القاهرة
انتهى الباحث إلى: «الصحافة الإلكترونية الفلسطينية، كمثيلاتها فى  الدول العربية إلا أنها بدأت فى  أواخر التسعينيات مع تطور شركات الإنترنت والخدمات التى  تقدمها، وأصبح هناك العديد من مواقع الصحف الإلكترونية الفلسطينية على الشبكة التى  تعمل على شرح القضية الفلسطينية للعالم أجمع، مخترقة بذلك الحصار الصهيونى  على أبناء الشعب الفلسطينى، وممثلة فى  ذلك سيادة فلسطين فى  الفضاء المعلوماتي؛ مما استدعى  ضرورة تقييم هذه المواقع والتعرف على واقعها من ناحية الشكل والمضمون؛ وكذلك دراسة القائم بالاتصال فى  هذه الصحافة المهمة والفاعلة؛ فى  ظل خصوصية هذه المواقع ومنافسة وسائل الإعلام الإلكترونية الإسرائيلية».

  ومن خلال الدراسة الاستطلاعية التى  قام بها الباحث توصل إلى أن غالبية الصحف الإليكترونية الفلسطينية اليومية والأسبوعية، وكذلك المجلات الإلكترونية التى  تدير مواقع الكترونية لها عبر الإنترنت تقدم أخبارا وصورا تم نشرها فى  الصحيفة المطبوعة؛ وكتبت خصيصا لها؛ بل وتحرص على نشر القليل مما يتصدر صفحاتها على موقعها الالكتروني؛ كما لا يتم تحديث الموقع الإلكترونى  إلا بعد صدور الجريدة بفترة كبيرة؛ ولا تتم الاستفادة من تقنيات النشر الإلكترونى  سواء فى  المضمون أو طريقة عرضه؛ كما أن التقنية المستخدمة تعد بدائية؛ ويتعارض هذا الوضع مع الإمكانيات التى  يمكن أن تتيحها الصحف الإلكترونية فى  ظل سياسة إغلاق الصحف المطبوعة؛ ومصادرتها؛ واعتقال محرريها فى  فلسطين؛ إذ بمقدور الصحف الإلكترونية أن تلعب دورًا مؤثرًا من الناحيتين السياسية والوطنية فى  كل أرجاء الأراضى  الفلسطينية، وبمقتضاه تستطيع هذه الصحف أن تلعب دورًا مهما فى  فضح سياسات المستعمر الصهيونى  والتغلب عليها.

تصفح لقاء
مقابل مالي:
            
وقد أعلنت العديد من الصحف تحويل موقعها على شبكة الإنترنت إلى موقع لا يسمح بتصفح مواده إلا لقاء مقابل مالى  منها مجلة «أنتلجنسرجورنال» و«لانكستر نيو ايرا » التى  أعلنت أنها تعتزم الشروع فى  ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة باستخدام برمجيات تسميها المنافذ الإعلامية PRESS + ، كما أبدت وسائل إعلام أخرى اهتمامًا بهذا التوجه منها « ذى فايتفيل أوبزرفر» بولاية نورث كارولاينا وموقع « جلوبال بوست » الإخبارى فى  بوسطن بولاية ماسيشو سيتس.
وكان عدد محدود جدًا من الصحف قد بدأ يفرض أجورًا على القراء الإلكترونيين منها « وول ستريت جورنال » و« فايننشيال تايمز» و « نيو داى». وأعلنت صحيفة  «نيويورك تايمز» أنها تخطط للاحتذاء بنظيراتها السابقات.
وفى  2009 استثمر رجل الأعمال ستيفن بريل وشركاؤه فى  هذا المجال؛ فأسسوا مشروعًا باسم « جورناليزم أونلاين » من أجل تطوير نظام مرن يصبح معيارًا لبقية الصحف مقابل تحصيل 20 % من إيرادات العملاء الذين لديهم قراء على الإنترنت كرسوم تذهب للمشروع.
أقدمت مؤسسة نيوز إنترناشيونال الناشرة لصحيفتى  التايمز والصنداى  تايمز البريطانيتين على خطوة جديدة فى  مجال الحد من المطالعة المجانية للصحف على شبكة الإنترنت. فاعتبارا من يونيو لن يصبح فى  مقدور زوار الإنترنت الاطلاع على الصحيفتين مجانا على شبكة الإنترنت.
وستبلغ تكلفة المطالعة جنيها استرلينيا واحدا فى  اليوم أو جنيهين مقابل الاشتراك لمدة أسبوع.
واعتبارا من مايو 2010 تم إطلاق موقعين للتايمز وصنداى  تايمز، وسيكون الولوج إلى الموقعين مجانا لفترة تجريبية محددة يتم بعدها المطالبة بالاشتراكات التى  تتيح الدخول إلى موقعى  الصحيفتين.
وقالت شركة نيوز انترناشونال إن هذه الأسعار بسيطة وفى المتناول ، غير أن المنافسين يقولون إن من شأن هذه الخطوة أن تؤدى إلى خسارة الصحيفتين للآلاف من القراء على الإنترنت الذين سيكون بوسعهم الاستمرار فى  الاطلاع على الأخبار على المواقع الأخرى مجانا.
وقد أعلن محرك البحث جوجل فى  نهاية 2009 أنه سيصبح فى  إمكان ناشرى  الصحف تحديد عدد تقاريرها الإخبارية التى  يمكن الاطلاع عليها مجانا عبره. وجاء هذا التراجع بعد أن اتهم بعض ناشرى  الصحف جوجل بجنى  أرباح على حساب المواقع الإلكترونية للصحف.
وبعد أن ترددت أنباء أن شركة ميكروسوفت قد عرضت على «شركة نيوز كوربوراشن» التى  يملكها عملاق الإعلام العالمى  روبرت مردوخ أن تحصل على الحقوق الحصرية لتوزيع أخبارها عبر الإنترنت.


****
وهو ما يقطع أن الصحافة الورقية تواجه تحديات صعبة ومصيرية فى  ظل التحدى  الذى  جلبته الصحافة الإلكترونية وما فرضته من واقع على الساحة الإعلامية من حضور مهنى ثقيل ومتزايد يعتمد الحقيقة والمعلومة والرقم الموثق، ويؤمن بحرية الرأى  والتعبير، ويؤكد حق المواطن فى  الحصول على المعلومات من مصادرها، وحريته فى  تداولها بكل الأساليب، دون إخفاء أو حجب أو تزويق وتلوين.. مما جعلها تحكم بشكل من الأشكال إلى جانب السلطة السياسية وهى  فى  هذا السياق تسمى بالسلطة الرابعة بعد السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية بل أصبحت سلطة عابرة لكل هذه السلطات وحاكمة لها.

وبدء التفكير بصوت عالٍ فى  تحويل هذه الإصدارات الورقية المتعثرة والخاسرة إلى صحف ومجلات إلكترونية على الإنترنت مثلما فعلت بعض الصحف والمجلات الكبرى  فى  أمريكا وبريطانيا، وتحولت بنفس الاسم وهيئة التحرير من صحيفة أو مجلة ورقية إلى صحيفة ومجلة إلكترونية، وبدأت بالفعل تستعيد نشاطها وحيويتها وتخفض تكاليف إصدارها الورقى  بل وتسعى  إلى تحقيق أرباح من خلال التسويق الإلكترونى  ونشر إعلانات إلكترونية على موقع الصحيفة أو المجلة على الإنترنت.
وخاصة أن هذه المواقع منظمة من حيثُ التصميم والإنشاء، وتخصيص الأبواب، من ثقافية، أدبية، سياسية، فنية، اجتماعية، وهناك مواقع بأبواب ثابتة وتصميم جذاب وأنيق، تتضمن أبوابا ومحاور منها ما تخص السياسة،والاقتصاد، والصحة والثقافات، والمواقع التى  من هذا النوع تؤدى  وظيفة صحفية كاملة ، وهى  موجهة توجيها صحفيا  سليما، وهى  مؤسسة صحفية لها وظيفة توجيهية ويعمل فيها عدد من الصحفيين المختصين حسب الأبواب الموجودة فى  الموقع، بما أثر بشكل حيوي ومباشر على حركة الصحافة الورقية، بما وفرته هذه المواقع من سبل سهلة للحصول على الخبر ومتابعة الحدث أولاً بأول.
  
بالإضافة لغياب مقص الرقيب على المواد الصحفية التى  يتم نشرها نظرا لأن الإنترنت عبارة عن عالم مفتوح خاصة أن هذه المواقع لا يمكن معرفة البلد الذى  يوجد فيه صاحب الموقع، وبالتالى  تعتبر نفسها تعمل على نطاق عالمي وتخدم الإنسان فى  كل مكان، فهى  لا تحمل هوية بلد معين،ولا تخدم شعبا بعينه، إنما تخدم ثقافة بعينها، مثل الثقافة العربية نظرًا للغة التى  تنشر بها المواد فيه، عدا المواقع التى  تحمل أسماء البلدان، فهذا النوع من الصحافة ولدت بين أيدى  التكنولوجيا والعولمة لذلك تراها تعبر الحدود ولا تعترف بالفواصل والحدود التى  تحدد الهويات والأجناس والقوميات.
فالصحفيون الذين بدأوا مع هذا النوع من الصحافة يعتبرون أنفسهم عالميا وغير منتمين إلى هوية صحفية معينة، ماعدا الأسماء التى  مارست الصحافة المطبوعة قبل الخوض فى  تجربة الصحافة الإلكترونية، وعايشوا العصرين، عصر الصحافة المطبوعة والإلكترونية معًا.
 

هناك تعليق واحد:

  1. من خلال خبرتك أستاذي الفاضل... ماهي أبرز الاستراتيجيات التي يمكن أن تتبعها الصحافة التقليدية لمنافسة الإعلام الجديد....؟

    ردحذف