الخميس، أكتوبر 31، 2013

ياسر بكر يكتب : أريد آلا أريد

يقول الشيخ الأكبرمحيى الدين بن عربى :" الطارق مفارق " .

أى من يريد أن يطرق باب الله يدير ظهره عن شواغل الدنيا ، وهو ما فسره سيدى عبد القادر الجيلانى بمقولة :

قلت يا رب، أريد أن آت إليك
قال : اترك نفسك وتعال
فلما اتيت إليه، قال : كيف أتيت؟
قلت : تركت الدنيا وراء ظهرى.
قال : هى عندى لا تساوى جناح بعوضة، ماذا تريد ؟
قلت : أريد آلا أريد

***

يا رب ، أنت رب المستضعفين وربى، أريد آلا أريد، .. اللهم قدر لى الخير وبارك لى فيه ورضنى به، اللهم ارحم غربتى فى الدنيا ووحشتى فى القبر ووقفتى بين يديك يوم يقوم الحساب ..آمين

ياسر بكر يكتب : الأولياء .. النظرة برَجُل !!

الأولياء ، هم رجال الله .. صدقوه ما عاهدوا عليه .

فسلكوا الطريق إليه ، وفى مدارج السالكين الكثير من أسرار أهل التمكين، التى تجتذب أهل البداية؛ ولأن الإنسان عجولا وظلوماً جهولا؛ فالأسرار تثير الفضول، والفضول طريق الغواية .. الغواية طريق الضلال ؛ .. وما منا إلا وله مكان معلوم ،.. فإذا أردت أن تعرف مقامك، فانظر أين أقامك ؛  فأهل التمكين إذا اقتربوا  من نبع النور ، عبوا منه ، وسبحوا، واخترقوا ، ولو اقترب أهل البداية لفنوا واحترقوا ..

.. وانعكاس النور على صفحة وجوه أهل التمكين عظيم لذا كانت المقولة الصوفية فى تحذير المتنطعين من أهل الفضول : " النظرة برجل " .. أى الموت أو الجنون جزاء كل من لم يحفظ أدب النبوة، ولم يستطيع صبرا، واجترء على ما لم يحط به خبرا من أسرار الألوهية ..، لذا عاقب الولىّ النبى بالطرد من حضرته بقوله : هذا فراق بينى وبينك .

لدينا من الحكايات ثلاث..

الحكاية الأولى :
ـــــــــــــــــــــــــ

عندما قَدِم سيدى عبد القادر الجيلاتى إلى بغداد ، سأل عن أهل العلم والولاية ، فدلوه على سيدى حماد الدباس، فذهب إليه، فلما طرق بابه ، وفتح الدباس،  وقع نظر الجيلانى على وجه الشيخ ، خر الجيلانى مغشياً عليه، .. فلما أفاق ظل خمسة عشر عاما هائماً على وجهه فى الأحراش والقفار تائهاً فى بحار الجذب تتلاطمه أمواجه كقشة فى اليم حتى أتى أمر الله، فعاد إلى المدينة والتزم مجلسه فى حلقة الدرس، ولم يفتح فاه، ولم يبح بسر، فإفشاء سر الألوهية عند المتصوفة كفر .

فكما يقول سيدى أبو اليزيد البسطامى :


قد كان ما كان  لكن لست أذكره *** فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر


وكما يقول سيدى شهاب الدين السُهروردى ( المقتول )  :


إن بحت بالسر ، يباح دمى *** وكذا دماء العاشقين تباح



الحكاية الثانية :
ـــــــــــــــــــــــــ

اغتر أحد أهل البداية بما رأى من " البروق اللامعة "، والبروق اللامعة مبادئ ظهور أنوار التجليات على أهل البداية؛ فذهب الرجل إلى سيدى أحمد البدوى الذى كان يحرص على أن يضع لثاماً على وجهه حتى لقب بالملثم وقال : " دعنى أرى وجهك " ، فقال البدوى :

" النظرة برجل .. هل تريد أن ترى وجهى ؟ ".

رد الرجل بالإيجاب، .. أماط البدوى بعضاً من اللثام  فسقط الرجل ميتا . 

الحكاية الثالثة :
ـــــــــــــــــــــــــ

قال بعض أصحاب سيدى أبى اليزيد البسطامى : " كان عندى شاب صغير ملازم الخلوة فقلت له : هل رأيت أبا يزيد ؟ "

ـ قال : " رأيت الله فأغنانى عن أبى يزيد . "

فكررت عليه القول .. فخرجنا نطلب أبا يزيد، وإذا به قد خرج من النهر، وفروة مقلوبة على كتفه، فلما رأه الشاب صاح ومات، فقلت لأبى يزيد :

ـ ما هذا ذكر أنه يرى الله وما مات ، يراك يموت !! "

ـ قال : " نعم ، كان يرى الله على قدر حاله، فلما نظر إلىّ رأى الله على قدر حالى ، فلم يثبت ومات . "

***

يا سبحان الله .. فكم لله من لطف خفى  لمن لم يقدروا الله حق قدره وهو سبحانه أقرب إليهم من حبل الوريد

ياسر بكر يكتب : .. مَجَانِيـنُ عَلى أعْتَابِهم يَسْجُدُ العَقْلُ

هل أنت من المصلين ؟!

كثيرون يحرصون على أداء الصلاة فى أوقاتها .. لكنهم ليسوا من المصلين !!

إن الله طيب لا يقبل إلا طيب، وليس بظلام للعبيد ، .. فامتحن نفسك واتهم عملك !!

.. ففى هذه الواقعة الإجابة .. تلك الواقعة التى دارت مجرياتها بين سيدى أحمد البدوى وشيخ الإسلام ابن دقيق العيد .

***

كان الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد قاضي القضاة بالديار المصرية قد سمع من العوام بالشيخ أحمد البدوى وأحواله وكراماته، فسافر إلى طندتا ليقف بنفسه على حقيقة الرجل ، فلما التقاه أفزعه احمرار عينى الرجل كأنهما بركتين من الدم وحدثته نفسه : " أنه ربما بهذا الرجل  مس من الجنون " !!

وقبل أن يفيق من حديث النفس فوجئ بالبدوى يقول :


مَجَانِيـنُ إِلا أنَّ سِـرَّ جُنُونِهـمْ  *** عَجِيبٌ عَلى أعْتَابِهم يَسْجُدُ العَقْلُ


وأمام هذه الحال من الكشف ، قال ابن دقيق العيد : يا أحمد! هذا الحال الذي أنت فيه مخالف للشريعة ، فإنك لا تُصلّي، ولا تحضر الجماعة! 

فرد البدوى : .. وهل انت من المصلين ؟!

ـ ابن دقيق العيد : نعم

ـ البدوى :هل قرأت قوله تعالى :" إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)  ..فهل أنت من المصلين ؟! 

ـ ابن دقيق العيد : احسبنى منهم .

ـ البدوى : لست منهم ، فقد طلب إليك أحد تلاميذك ثوبا يستر بدنه وفى خزانة ثيابك أربعون جبة، فلم تعطه سوى خرقة تأكلت أطرافها، فهل أنت من المصلين ؟! .. اذهب يارجل وانشغل بحالك عن أحوال الخلق ، وداوى عيب نفسك ، ولا تنسى أن تصلح خطئين فى نسخة مصحفك.

***
وجد بن دقيق العيد نفسه فى حضرة رجل يكشف له ما خفى عنه من أحواله ولولا أدب الولاية لفضحه ، وعندما عاد إلى القاهرة تفحص مصحفه ليكتشف خطئين وقع فيهما الناسخ .... يا سبحان الله ، طوبى لمن شغلته أحواله عن أحوال الخلق .

السبت، أكتوبر 26، 2013

ياسر بكر يكتب: .. تأملات فى سورة الكهف


  • من هو فتى موسى ؟ .. ومن هو العبد الصالح ؟
  • .. وهل الولى أعلى مكانة من النبى حتى أصبح الولى معلم النبى ؟!.. وهل معارف الأولياء أرقى وأعمق من معارف الأنبياء ؟!

صباح الخير .. أوصانا سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقراءة سورة الكهف فى ليلة الجمعة أو نهارها.. ولأنه الرحمة المهداة فكل ما صدر عنه  من قول أو فعل أو تقرير حمل للبشرية الخير كله ، وبواعثه،؛ ففى سورة الكهف دروس كثيرة منها :

ـ إن أتاك الله علماً ؛ فاحذر فتنة العلم، فلا تغتر ؛ فإن فوق كل ذى علم عليم .

ـ ..وإن أصابك مكروه فلا تجزع، وعليك بالتسليم بالقضاء والرضاء بالقدر كله خيره وشره لأنه كم فى قضاء الله من لطف خفى .. وكم من محنة فى ظاهرها هى فى حقيقتها منحة، وكم من منحة هى فى محنة .. فأحيانا يكون المنع عطاء .. والعطايا بلاء .. ولا يعلم غيب ربك إلا هو  ، وكان قدر الله سبحانه وتعالى قدراً مقدورا .

***

.. ولنبدأ بالتوقف عند الآية الكريمة :


"فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا "

.. فتى موسى هو يوشع بن نون وقد ارتضى صحبة سيدنا موسى يخدمه ويتلقى عنه العلم  .. وكان سيدنا موسى قد وقف فى بنى إسرائيل خطيبا ..فأفصح فى كلامه ردا على سؤال أحدهم : أنه أعلم أهل الأرض،  فبعث الله جبرائيل إليه فقال :  إن الله يقول :

وما يدريك أين أضع علمى ؟ بلى على شط البحر رجلاً أعلم منك.

  وبدأت رحلة سيدنا موسى وفتاه فى البحث عن من هو أعلم منه بالتوجه إلى المكان المحدد.. وفى هذه الرحلة كان سيدنا موسى متبوعاً،.. ولكن بعد أن ألتقى  بالعبد الصالح تتبدل الأدوار فيختفى فتى موسى من المشهد ويصبح موسى " فتى " تابعاً للعبد الصالح ،  ..وهنا يضعنا القصص القرآنى أمام حالة من الإثارة والعجب ؛ فجوهر العملية التعليمية دائما وأبدا تقوم على علاقة جدلية بين المعلم والمتعلم وتبدأ بالسؤال وتنتهى بالجواب، وأهم وسائل إنجاحها أن جرأة  التلميذ على السؤال فيما غم أو أشكل عليه ، وقدرة المعلم على الإجابة، و حث تلاميذه  على التساؤل عما يجهلون .. ولكننا هنا أمام حالة يشترط فيها المعلم على المتعلم  شرطاً يبدو غريباً بقدر فهمنا البشرى لطبائع الأمور :

"قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا"

ولكننا نتجاوز هذا الشرط ؛ فسيجيب القصص القرآنى عليه فى تسلسل السياق،  ونتوقف مع الآية الكريمة :


" فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا"


وكلمة (رحمة ) فهذه الآية الكريمة تعنى (النبوة ) .. ويقول سيدنا ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه عن رحلة سيدنا موسى وفتاه للقاء العبد الصالح :

"لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه مصر ، فلما استقرت بهم الدار أنزل اللَّه عليه أن:

{ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه }

فخطب موسى فى قومه، فذكر ما الله أتاهم من الخير والنعمة وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله فى الأرض وقال : كلم الله نبيكم، تكليما واصطفانى لنفسه،  وانزل على محبة من عنده، وأتاكم كل ما سألتموه ، فنبيكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرأون التوراة ، فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا ذكرها وعرفها إياهم ، فقال له رجل من بنى إسرائيل : هم كذلك يانبى الله قد عرفنا الذى تقول، فهل على الأرض أحد أعلم منك يانبى الله؟، فقال : لا

فبعث الله جبرائيل إليه فقال :  إن الله يقول : وما يدريك أين أضع علمى ؟ بلى على شط البحر رجلاً أعلم منك.


روى البخاري، عن أُبي بن كعب رضي اللّه عنه، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل، فسئل أي الناس أعلم؟ قال: أنا، فعتب اللّه عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى اللّه إليه إن لي عبداً بمجمع البحرين، هو أعلم منك. قال موسى: يا رب كيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم، فأخذ حوتاً فجعله بمكتل وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سرباً، وأمسك اللّه عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق. فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: { آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} ، ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره اللّه به، قال له فتاه: { أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} ، قال فكان للحوت سرباً، ولموسى وفتاه عجباً، فقال: { ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} قال، فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ فقال: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً { قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يا موسى، إني على علم من علم اللّه علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من اللّه علمكه اللّه لا أعلمه.


من هو العبد الصالح :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو : يليا بن ملكان بن فالخ بن غابر بن شالخ بن ارفخشند بن سام بن نوح عليه السلام وهو المسمى بـ (المخصوص المعمر ) وذلك لأنه شرب من ماء عين الحياة ، وسمى بالخضر لأنه ما صلى على أرض إلا اهتزت واخضرت .

ويطلق عليه المتصوفة : " الوتد " و " مداوى المكلوم " .

الولى والنبى :
ـــــــــــــــــــــــ

وتلك القصة من القصص القرآنى . . دفعت البعض إلى التساؤل : " هل الولى أعلى مكانة من النبى، حتى أصبح الولى معلم النبى ؟!.. وهل معارف الأولياء أرقى وأعمق من معارف الأنبياء ؟!

..والإجابة المتعجلة لبعض البسطاء من عامة المتصوفة غالباً ما تكون بالإيجاب ..!! ،فكلهم بغير استثناء يرى شيخه قطب الوقت الذى يتجرى بأنفاسه الدهور ...وفى الإجابة ما ينطوى على الخطأ؛ فكيف يكون الولى أعلى مرتبة من النبى الذى شرح الله له صدره فعب من عباب المعرفة .. والحقيقة التى يغفل عنها هؤلاء أن الأنبياء والرسل من أول سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يمثل كل منهم حقيقتين متلازمتين ، حقيقة كونه نبى ورسولا مهمته إبلاغ رسالته للبشر بلغة مفهومة للبشر على تفاوت مستوياتهم فى الفهم ، والحقيقة الثانية كونهم أولياءعارفين يتلقون معارف قلبية لا يستطيعون كشفها ، مكتفين بأداء الرسالة التى كلفوا بأدائها للبشر وفى حدود ما يعيه عقل البشر .. فالكلام فى مقام النبوة والرسالة لا يكون إلا فى الوقت المعلوم وبإذن من الله لقوله سبحانه وتعالى :

"فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ "

ولقوله سبحانه وتعالى :

"وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا "

وسبب نزول هذه الآية هى قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف: (غداً أجيبكم)، ولم يقل إن شاء الله ؛ فتأخر الوحي خمسة عشر يوماً.

..وفى مقام الولاية ، يقول الشيخ الأكبر محى الدين بن عربى : أن كشف الولى يكون على حد قدره ، لا على حد قدر الحقيقة فى ذاتها ..ويقول الشيخ أيضا فى شرح الآية الكريمة : "إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ " إنه حديث الولى فى غير الوقت المعلوم وبغير إذن .. فيصبح إنكاراً للمعلوم بما يجعله منكراً كصوت الحمار أوله شهيق وآخره زفير؛ بما يوقع الولى بما فاه تحت سيف الشريعة مثلما هو الحال فى حالة الحلاج.

وهو ما أوجزه العبد الصالح عند فراق سيدنا موسى فى تفسير شرط عدم السؤال .. الذى أرجعه لانفراد كل واحد منهما بمقامه الذى هو عليه بقوله : " يا موسى، إني على علم من علم اللّه علمنيه، لا تعلمه أنت، وأنت على علم من اللّه علمكه اللّه، لا أعلمه."

.. وفى هذا المعنى يقول فضيلة الشيخ الشعراوى فى خواطره الإيمانية أن الخضر قال لسيدنا موسى ما معناه :".. فهذا عِلْم ليس عندك، فعِلْمي من كيس الولاية، وعلمك من كيس الرسل، وهما في الحقيقة لا يتعارضان، وإنْ كان لعلم الولاية عِلَل باطنة، ولعلم الرسالة عِلَل ظاهرة."