الفصل الرابع :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تزوير التاريخ عادة قديمة قدم الشعب المصرى، فالمؤرخون ينسبون إلى بعض فراعنة مصر القديمة، قبل آلاف السنين، وحين كان التاريخ يسجل عن طريق حفر نقوشه على الحجر، أنهم يمحون ما سبق أن حفره أسلافهم، ويعيدون كتابة بعض الأحداث ناسبين لأنفسهم معارك لم يخوضوها وانتصارات لم يحرزوها وأعمالاً لم يقوموا بها سواء كان طمساً لحكام سابقين عليهم أو انتحالاً لفضل لا حقّ لهم فيه.
وفى الثلث الأول من القرن العشرين، ومع تطور الأساليب أصبحت عملية التلاعب فى الصورة إحدى أهم وسائل تزوير التاريخ، فقد استخدمت الصور المزورة لتزييف الوعى والإيحاء بأفكار ومعان وأراء مغايرة لا وجود لها فى الواقع، والتى تدخلت فى صياغتها اتجاهات القائم بالاتصال فى عملية الاتصال المصور، والمهارات الخاصة بالتغيير والتبديل والحذف، لكنها كانت مهارات بدائية، ولا يمكن للعين غير الخبيرة كشف هذا التلاعب بمجرد التدقيق فى الصورة.
لكن بعد الدخول إلى عصر التكنولوجيا الرقمية وتطور تكنولوجيات وسائط الإعلام الجديدة من الكاميرات الرقمية والهواتف الخلوية عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر، ومن خلال تقنيات الحواسب الإلكترونية والبرامج الرقمية الخاصة بمعالجة الصور، وفى ظل تطور النظم الصحفية وتأثرها بالتكنولوجيا الحديثة التى سهلت للمصورين الصحفيين استخدام معداتهم ليس فقط لالتقاط الصور ونقلها، ولكن التعامل مع هذه الصور لخلق التأثير المطلوب، مما جعــل الصــورة أداة قــوية للدعــاية وتزييف الحقــائق، فبعدما كانت كما يقول المثل الصينى : "الصورة بألف كلمة"، أصبحت "الصورة بألف كذبة ".
وقد أوضـح شـيريل جونستون مؤلف كتاب النص الرقمى الخادع "The Digital Deception Text " خطورة ذلك، وحذر من الاستجابة لإغراء التكنولوجيات الجديدة للصحفيين؛ وضرب جونستون مثلاً بحالة بريان فالسكى Walski Parian مصور "لوس أنجليس تايمز" أثناء تغطية الحرب على العراق فى عام 2003 أخذ صورتين لجندى بريطانى يقف أمام حشد من العراقيين، الذين يقفون أمامه فى مهانة، وقام بمعالجتهما بالكمبيوتر وجعلهما صورة واحدة؛ ونشرت الجريدة الصورة ليكتشف القراء أن بعض وجوه الأشخاص فى الصورة مكررة فى الخلفية. وبالاتصال بالمصور لم ينكر أنه استخدم الكمبيوتر فى معالجة الصورة؛ مما أثار غضب العراقيين من هذه الصور، وفى وقت لاحق ألقت المقاومة العراقية القبض عليه، وقتلته رمياً بالرصاص.
.. وهو ما حدا بوكالات الأنباء فى إطار تأكيد مصداقية الصورة وأخلاقياتها إلى تذييل كل صورة بعبارة : " لم نغير شيئا فى الصورة " we don,t change any thing كما تمت إضافة مصدر الصورة واسم المصور Credit Line إلى الصورة ليتحمل المسئولية الأدبية أمام الرأى العام، بعد أن كانت الصورة حقاً خالصاً ينسب للوكالة وليس للمصور، وفى النرويج بدأت الصحف تقليداً بوضع ختم على صور تم التلاعب فى تفاصيلها ينبه الجمهور إلى أنها "رسوم فوتوغرافية"، وليست "وثائق فوتوغرافية حقيقية".
وقد بدأت عمليات التلاعب فى الصورة التى أمكن رصدها فى عام 1917 عندما عمدت القيادات الروسية إلى التلاعب فى صور لينين بطريقة بدائية وهى طريقة "الفوتو مونتاج" من خلال محو رجال الأمن المجاورين للينين وإضافة صور بعض الأشخاص أمامه، وهو يخطب فى الجماهير لإعطاء انطباع جيد لدى المشاهد بمدى حب الشعب للينين وعدم وجود حواجز أمنية تحول بينه وبين شعبه.
1 ـ أن الإعلام ومصوريه لم يكن لهم تواجد فى المكان لحظة العبور أو ساعته أو حتى يومه، فى إطار خطة الكتمان التى كشف عنها دكتور عبد القادر حاتم، وهو المسئول الذى كلفه الرئيس السادات برئاسة مجلس الوزراء وإعداد الدولة للحرب نيابة عنه، فقام بوضع الخطوط الرئيسية لسياسة جديدة تقوم على المفاجأة الإستراتيجية وهى: أن من يريد أن يحارب لا يعلن أنه سيحارب.*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* د. محمد عبد القادر حاتم، دور الإعلام المصرى فى تحقيق المفاجأة الاستراتيجية فى حرب أكتوبر 1973 : مكتبة الأسرة 2003
2 ـ أن الأطقم الإعلامية المؤهلة والمدربة التى تم تجنيدها فى وحدات التوجيه المعنوى، تم تسريحها قبل شهرين من الحرب ضمن خطة الخداع والتمويه.
3 ـ أن غياب عنصرى التلقائية والعفوية يفضح الأداء التمثيلى لموضوع الصورة.
4 ـ بنظرة إلى عمق الصورة نرى الفراغ الفسيح خلف الجندى، وكأن هذا الجندى هو الشخص الوحيد الذى عبر، وقد خلت الصورة من زملائه رفاق السلاح، بينما الحقيقة التاريخية تؤكد أن الجنود على شاطئ القناة فى اندفاعهم للعبور كانوا مثل جيوش النمل المتزاحمة على قطعة سكر !!
5 ـ بندقية الجندى فى الصورة بدون خزينة ذخيرة؛ وهو ما لا يتفق مع طبيعة الأمور ولا يستقيم مع حالة الحرب ولباسه ( الشدة القتالى ).
6 ـ المعبر البدائى الذى يظهر فى الصورة عبارة عن أحد النماذج الهيكلية المعدة لتدريب الجنود؛ لأنه يختلف عن أنواع المعابر الأربعة التى استخدمت فى العبور.
7 ـ من الأشياء الهامة جداً أن حرب أكتوبر لم يتم تصويرها، ولم يدخل إلي منطقة القتال مصور واحد إلا بعد ظهر يوم 8 أكتوبر أي بعد بدء القتال بيومين.
لكن الأرجح أن هذه الصورة التى تم توظيفها فى غير سياقها، قد التقطت قبل الحرب فى الموقع الذى أعدته القوات المسلحة لتدريب وحداتها على العبور فى منطقة تماثل قناة السويس على الرياح البحيرى قرب مدينة الخطاطبة، وعلى قطاعات بنيت مطابقة لخط بارليف على السهل الصحراوى المجاور لمناطق استصلاح الأراضى فى الصحراء الغربية، والتى كان يتم نقل الجنود إلى مواقع التدريب العملى فى سيارات مطلية باللون الأحمر وعليها اسم أحد المقاولين، والتى تم تمويهها بوضع الخيام البالية فى هذا الموقع ولافتة خشبية كتب عليها أنها تابعة "للمؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الأراضي"، ولم ينس رجال المخابرات أن يطمسوا جزءا من اللافتة بالرمال لإخفاء بعض أحرف الكلمات، بحيث يبدو الموقع متهالكا، وليكون على أجهزة قراءة الصور الجوية المعادية أن تستخدم خيالها فى استكمال الأحرف الناقصة!
.. لكن المؤكد أن هذه الصورة المزيفة مع غيرها من تلك الصور المزيفة التي نشرت في الصحافة الوطنية والصحافة العالمية ـ في أطار صناعة الكذب ـ قد شكلت إساءة متعمدة إلى المقاتل المصري، فقد كانت تلك الصور مجرد مشاهد تمثيلية قام بها جنود كومبارس يعبرون بطريقة غوغائية انعدم فيها عنصرا الضبط والربط الذي كان مفروضا أثناء عملية العبور.
الصورة الثانية:
ولأن الصورة لا تكذب فقد فضحت التزوير من خلال الهندام الأنيق لمبارك، والذى لا يتفق مع أجواء الحرب، ومن خلال نظرة عين مبارك فى اتجاه معاكس لموضع الخرائط واتجاه نظرة السادات، فضلا عن فقدان الظلال وانعدام الأثر فى عمق الصورة.
خلال حرب تحرير الكويت، استخدمت أجهزة الدعاية الأمريكية نمطا آخر من خداع الصورة. كانت تستهدف التعبئة الشاملة ضد شعب العراق وجيشه ودولته. ووقتها كان هناك قلق عالمى من تفجير آبار النفط ، فاستغل الأمر وجرى تصوير طيور غارقة فى بحيرات التلوث فى جزيرة ألاسكا، وقالوا إنها صور ناتجة عن تخريب العراق لحقول النفط.
وفى بداية العمليات البرية خلال العدوان الأخير على العراق عام 2003، كانت هناك دعاية حربية مباشرة، باستخدام الصورة المفبركة أيضاً. فتم إلباس بعض المواطنين العاملين فى إحدى الدول العربية المجاورة بلباس جنود عراقيين، وجرى تصويرهم فى حالة استسلام للجنود الأمريكيين. بهدف تدمير الروح المعنوية للشعب والجيش العراقى فى بداية المعركة.
فى يوليو 2008 أمد الحرس الثورى الإيرانى وكالات الأنباء العالمية بصور توضح عمليات ناجحة لإطلاق صواريخ باليستية، ولكن كانت تلك صور مزيفة، عمدت فيها إيران إلى تزييفها من أجل إعطاء انطباع قوى عن القوة الصاروخية الإيرانية.
اضطرت إدارة تحرير قسم الصورة بيومية «لوفيجارو» أكثر من مرة إلى توضيح الأمر وتقديم الاعتذار، خاصة بعد أن أخذت المسألة بعدا سياسيا بعد اتهام اليومية الفرنسية المقربة من نيكولا ساركوزى بالتدخل دوما من خلال خطها التحريرى لإخفاء أخطاء وزراء الحكومة وتلميع صورتهم أمام الرأى العام، والتزمت فى تصريح رسمى لوكالة الأنباء الفرنسية بعدم تكرار هذا الحادث الذى وصفته أوساط إعلامية فرنسية بـ «الرغبة والنية فى خداع الرأى العام وتوجيهه لأسباب سياسية».
وقد أعادت الأهرام نشر الصورة فى العدد 45207 بتاريخ 14 ــ 9 ــ 2010 على نصف الصفحة بعد التلاعب فى تفاصـيلها ببرنامج معالجة الصـــور Photo shope) ) بوضع مبارك فى مقدمة المشهد بدلا من آخره.
الأساس فى عملية التصوير هو المصور وليس الكاميرا، ولذلك لا تقتصر عمليات التزوير فى الصورة على التلاعب فى بياناتها بالحذف والإضافة والتغيير والتبديل، بل إنه فى كثير من الحالات يقوم المصورون باستخدام مهاراتهم الشخصية فى إضفاء تأثيرات خاصة على الصورة من خلال الإضاءة وزوايا التصوير وقطع الكادر، وهو ما يجعل الصورة تسير فى اتجاه عكس حقيقتها.
يعتبر الضوء هو لغة الصورة الناطق بالمعنى الدلالى لها، فالصورة الغنية بالإضاءة تعبر عن معان متفائلة وإشاعة روح البهجة، بعكس الصورة التى تفتقر إلى الإضاءة فإنها تميل إلى إشاعة الشعور بالحزن والقتامة، فعلى سبيل المثال قامت مجلتا Time وNews week بنشر صور الرياضى الأمريكى ( أو. جا. سامبسون ) فى القضية الخاصة باتهامه بقتل زوجته السابقة، وقام محرر التايم بنشر صوره فى عدد 27 يوليو 1994 بعد معالجتها بإظلام وجه سامبسون وإضفاء ضوء مخيف عليه، وهو ما جعل الصورة تنطق بالشراسة والشر أكثر من صور النيوزويك، وهاجم النقاد التايم واتهموها بالعنصرية، وهو ما حدا بالتايم للاعتذار فى العدد التالى.
كما أثبتت الدراسات العلاقة بين زوايا الكاميرا ودلالات استخدامها فى الصور الصحفية، فاختيار زاوية التقاط الصورة يحدد الانطباع الناجم لدى رؤيتها، وكذلك الدمج بين عمق الصورة وزاوية التصوير.
زوايا التصوير الأساسية: *
هناك ثلاثة مستويات أساسية معروفة فى التصوير:
• مستوى فوق النظرHigh angle level
• مستوى النظر Eye level
• مستوى دون النظر Low angle level
أما المستويات المنبثقة عن هذه المستويات فيمكن أن ندرجها فى الآتى :
1 ـ مستوى عين الطائر bird view level : سميت كذلك لأن الصورة تلتقط من أعلى فى مستوى الطائر، الذى ينظر للأرض وهو محلق فى السماء.. مثل التصوير من طائرة هليكوبتر، أو من فوق سطح بناية شاهقة.. وهى تستخدم عادة لإظهار الأعداد الضخمة جداً فى المظاهرات أو المباريات أو ما شابه.
2 ـ مستوى عال جداً فوق النظرExtreme high angle level : وهى أعلى بكثير من مستوى النظر ولكنه أقل من المستوى السابق.
3 ـ مستوى أعلى النظر high angle level : وهذه الصورة تلتقط بزاوية مع الأرض بمقدار 45 درجة، وهذه اللقطة إذا استخدمت مع الإنسان فإنها تنتج صورة توحى بتحقير ذلك الشخص.
4 ـ مستوى النظر Eye level : وتكون العدسة فى مستوى عين الإنسان، والكاميرا فى اتجاه أفقى وليست مرفوعة ولا منخفضة، ويمكن أن نصفها بأنها محايدة لا تعطى انطباعا بالتحقير أو التعظيم.
5 ـ مستوى دون النظر low angle level: وهذه اللقطة عكس العلوية تماماً، حيث تكون الكاميرا فى مستوى منخفض، وترفع العدسة لأعلى بزاوية 45 درجة، وهذه تعطى انطباعاً بالفخامة والتعظيم ، ولذلك فكل الصور الشخصية للرؤساء والزعماء تكون من هذه اللقطة.
6 ـ مستوى منخفض جداً دون النظر Extreme low angle level وهى منخفضة جداً عن مستوى النظر وبشكل أكثر من المستوى السابق.
يتكون الخطاب الغلافى للمجلة من عنصرين أساسيين هما: العنوان وصورة الغلاف التى تحمل أيقونات بصرية وعلامات تصويرية وتشكيلية ورسوما كلاسيكية واقعية ورومانسية وأشكالا تجريدية ولوحات فنية لفنانين مرموقين فى عالم التشكيل البصرى التشكيلى أو فن الرسم للتأثير على المتلقى والقارئ، وهى عناصر تشكل مجتمعة المظهر الخارجى للمطبوع، وأول ما تقع عليهما عينا المتلقى أو القارئ، وعلى أساسهما يبنى اختياره.
وقد استغل القائم بعملية الاتصال المصور أغلفة المجلات للإيحاء بمعان وأفكار غير حقيقية، ففى 25 أغسطس 1989 نشرت مجلة TV Guide على غلافها صورة مفبركة لأوبرا وينفرى، وهى تجلس عارية السيقان على كومة كبيرة من أوراق البنكنوت مع عنوان: "أوبرا أغنى امرأة فى التليفزيون"، وحقيقة هذه الصورة أنه تم تركيب وجه أوبرا على جسد الممثلة آن مارجريت.
مع الدخول إلى عصر التكنولوجيا الرقمية تصاعدت وتيرة إساءة المعالجات الرقمية للصورة الصحفية على أغلفة المجلات، ففى فبراير 1993 نشرت مجلة Spy الأمريكية على غلافها صورة لهيلارى كلينتون، بعد أن قاموا باستخدام الكمبيوتر فى تركيب رأسها فوق جسد امرأة عارية الصدر، وكانت الصورة مذهلة فى درجة إتقانها، وقد أدى هذا التزوير إلى إجراء دراسة لإدخال نص "القذف بالصورة" على قانون العقوبات الأمريكى، الذى لم يكن يعرف حتى هذه الفترة ذلك النوع من القذف ، لكن يذكر للمشرع المصرى
أنه كان له قصب السبق فى هذا المجال فقد نصت المادتان 171 المختصة ببيان الوسائل التى يتحقق عن طريقها القذف ، والمادة 302 التى تحدد أركان جريمة القذف فى قانون العقوبات المصرى .
وفى عام 2005 نشرت مجلة Newsweek على غلافها صورة مفبركة لسيدة الأعمال الأمريكية مارثا ستيوارت بعد قضائها عقوبة السجن خمسة أشهر بتهمة التآمر وعرقلة سير العدالة والكذب على المحققين، وقام مسئولو المجلة بتركيب وجه من صور قديمة التقطت قبل 9 أشهر من دخول مارثا السجن على جسد إحدى الموديلات مع عنوان "الضحكة الأخيرة، مارثا ستيوارت أكثر رقة، واستعدادا لجمع المال، وتأهبا لوقت الذروة".
وفى 17 يوليو 2006 نشرت ذات المجلة غلافاً مزوراً تم تركيبه بمهارة شديدة من عدة صور، ويظهر فيه أحد مقاتلى حزب الله ومن خلفه نيران مشتعلة ودخان كثيف مع عدة عناوين "ما الحقيقة وراء الحادث ـ صواريخ جديدة للمقاومة ـ قائد دفاع إسرائيل: إنها معمودية النار".
لكن حقيقة النار المشتعلة والدخان الكثيف لم تكن فى إسرائيل، بل كانت حريقا فى مقلب قمامة فى كفر شيما قرب بيروت، وكان به إطارات سيارات قديمة، وهو ما سبب الدخان الكثيف. وقد استغل إعلام حزب الله الصور المفبركة للإيهام بقدرات الحزب القتالية من خلال تسريبها عبر مصور رويتر، وهو ما فضحته "أسوشيتدبرس" من خلال تقرير متداول على الإنترنت بعنوان The Reuters Photo Scandal " فضائح صور رويتر".
وفى يونيو 2007 قامت مجلة فروست البولندية الأسبوعية بنشر صورة مركبة على صفحة الغلاف للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهى عارية الصدر والرئيس البولندى ليخ كاتشينسكى وشقيقه رئيس الحكومة ياروسلاف كاتشينسكى يرضعان من ثدييها مع عنوان يقول " زوجة الأب لأوروبا".
وقد جاء الرد الألمانى من قبل صحيفة سوديتيخ زيتونج التى لم تترك الأمر يمر بسهولة، كما قامت صحيفة بيلد بالتعليق على " الفوتو مونتاج " فى المجلة البولندية بالقول: أنجيلا ميركل عارية الصدر والبولنديون يسخرون من المستشارة الألمانية، كما نشرت الصحيفة تعليقات لسياسيين ألمان أبدوا انزعاجهم من الصورة المركبة، ووصفهم لها بأنها مثيرة للاشمئزاز.
وفى19 يونيو 2010 نشرت « الإيكونمست » على غلافها صورة لأوباما بعد التلاعب فى تفاصيلها بحذف أشخاص منها ، الصورة التقطت في بدايات حملة أوباما الانتخابية لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي ، عندما ذهب في جازة اصطحب فيها مجموعة من معاونيه وعدداً من المصورين الصحفيين ، لكن المجلة نشرتها فى غير سياقها بعد التلاعب فى تفاصيلها ليبدو أوباما وحيداً ومحبطاً بعد كارثة تسرب نفطى ناجم عن انفجار منصة للتنقيب عن النفط قبالة سواحل الولايات المتحدة .
..وفى مصر حققت مجلة "المصور" رقماً غير مسبوق فى الاستخدام غير المشروع للصورة ، وخرق القواعد المهنية والأخلاقية فى العمل الصحفى، فقد نشرت المجلة على غلاف عددها رقم 4472 بتاريخ 23 يونيو 2010 صورة مركبة لوجه أحمد عز على القناع الذهبى لتوت عنخ آمون مع عنوان: " فرعون الانتخابات، الإخوان يكفرون أحمد عز"، أحمد عز هو أمين التنظيم بالحزب الوطنى المنحل بحكم قضائى لإفساده الحياة السياسية وتزوير الانتخابات التى كانت القشة التى قصمت ظهر نظام مبارك.
الطريف فى الأمر أن ذات المجلة قد نشرت على غلاف عددها رقم 4474 بتاريخ 7 يوليو 2010 صورة لوجه الدكتور محمد البرادعى مركباً على صورة إعلان لمسرحية تجارية مع عنوان " الزعيم " وهو نفس اسم المسرحية.
ولم تمض سوى بضعة شهور حتى أعادت المجلة المذكورة الكرّة بنشر صورة مركبة على غلاف عددها رقم 4497 بتاريخ 15 ديسمبر 2010 للدكتور محمد مصطفى البرادعى، وهو يرتدى الزى التقليدى للشيخ حسن نصر الله مع عنوان : "آية الإخوان محمد مصطفى البرادعى".
ولم يقتصر خرق "المصور" للقواعد المهنية والأخلاقية بالتدخل الجرافيكى فى الصورة، بل تعداه إلى اصطناعها فى مشاهد تمثيلية لا تعبر عن واقع أو معان موجودة، فقد نشرت المجلة على غلاف عددها رقم 4436 بتاريخ 14 أكتوبر 2009 صورة لإحدى متدرباتها فى ملابس المنتقبات وأمام باب مغلق لمسجد نور الإسلام مع عنوان (منقبة "المصور" تخترق جماعة العزيز بالله)، وبنظرة على لغة الصورة يظهر فيها واضحاً عنصر الصنعة من خلال نظرة المتدربة للعدسة وافتقاد الحركة التلقائية لشخص من المفترض أنه خارج لتوّه من المسجد الذى يظهر بابه مغلقاً، بل الأهم من كل ذلك أن التحقيق لم يقدم ما ينبئ عن ثمة اختراق، فهو مجرد أقوال مرسلة افتقدت قواعد التحقيق، لكن ما قدمه التحقيق ـ إن صحت وقائعه ـ هو دليل إدانة للمجلة بخرق القواعد المهنية والأخلاقية فى العمل الصحفى من خلال اختلاق قصة وهمية ( بادعاء المتدربة أنها تعمل فى العلاقات العامة بأحد المصانع الكبرى وأنها مخطوبة لشاب سلفى وتنتوى ارتداء النقاب لإرضائه) لإدخال الغش على مواطنة مصرية تدعى عائشة (كما ورد اسمها فى التحقيق الصحفى ) والدخول إلى مسكنها وإفشاء أسرار أهله دون إذن منهم ، وذلك على النحوالثابت بالتحقيق المنشور بالمجلة.
وقد نشرت المجلة على غلاف العدد رقم 4527 بتاريخ 13 يوليو 2011 صورة لمشهد تمثيلى يظهر فيه رجل يفتح الباب الرئيس لمدفن أسرة اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، والذى يمثل أمام المحكمة الآن متهماً فى قضية قتل المتظاهرين السلميين فى 25 يناير 2011 مع عنوان : « فى انتظار العادلى » للإيعاذ بشيء ما، وهو ما ينطوى على شبهة محاولة التأثير على سير العدالة فى قضية منظورة أمام القضاء، لكن الشيء المؤكد أن الرجل الذى ظهر فى الصورة لم يكن حارس الجبانات ولم يكن أيضا أحد أفراد أسرة العادلى أو أحد المتصلين بهم .
***
.. وهكذا الصور دائماً ما تكشف الحقائق وتصنع الأكاذيب ، وكلاهما سوف يستمر ما استمرت الحياة !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التلاعب فى الصورة
وفى الثلث الأول من القرن العشرين، ومع تطور الأساليب أصبحت عملية التلاعب فى الصورة إحدى أهم وسائل تزوير التاريخ، فقد استخدمت الصور المزورة لتزييف الوعى والإيحاء بأفكار ومعان وأراء مغايرة لا وجود لها فى الواقع، والتى تدخلت فى صياغتها اتجاهات القائم بالاتصال فى عملية الاتصال المصور، والمهارات الخاصة بالتغيير والتبديل والحذف، لكنها كانت مهارات بدائية، ولا يمكن للعين غير الخبيرة كشف هذا التلاعب بمجرد التدقيق فى الصورة.
لكن بعد الدخول إلى عصر التكنولوجيا الرقمية وتطور تكنولوجيات وسائط الإعلام الجديدة من الكاميرات الرقمية والهواتف الخلوية عبر الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر، ومن خلال تقنيات الحواسب الإلكترونية والبرامج الرقمية الخاصة بمعالجة الصور، وفى ظل تطور النظم الصحفية وتأثرها بالتكنولوجيا الحديثة التى سهلت للمصورين الصحفيين استخدام معداتهم ليس فقط لالتقاط الصور ونقلها، ولكن التعامل مع هذه الصور لخلق التأثير المطلوب، مما جعــل الصــورة أداة قــوية للدعــاية وتزييف الحقــائق، فبعدما كانت كما يقول المثل الصينى : "الصورة بألف كلمة"، أصبحت "الصورة بألف كذبة ".
وقد أوضـح شـيريل جونستون مؤلف كتاب النص الرقمى الخادع "The Digital Deception Text " خطورة ذلك، وحذر من الاستجابة لإغراء التكنولوجيات الجديدة للصحفيين؛ وضرب جونستون مثلاً بحالة بريان فالسكى Walski Parian مصور "لوس أنجليس تايمز" أثناء تغطية الحرب على العراق فى عام 2003 أخذ صورتين لجندى بريطانى يقف أمام حشد من العراقيين، الذين يقفون أمامه فى مهانة، وقام بمعالجتهما بالكمبيوتر وجعلهما صورة واحدة؛ ونشرت الجريدة الصورة ليكتشف القراء أن بعض وجوه الأشخاص فى الصورة مكررة فى الخلفية. وبالاتصال بالمصور لم ينكر أنه استخدم الكمبيوتر فى معالجة الصورة؛ مما أثار غضب العراقيين من هذه الصور، وفى وقت لاحق ألقت المقاومة العراقية القبض عليه، وقتلته رمياً بالرصاص.
صورة فالسكى المزورة التى قتلته !!
.. وهو ما حدا بوكالات الأنباء فى إطار تأكيد مصداقية الصورة وأخلاقياتها إلى تذييل كل صورة بعبارة : " لم نغير شيئا فى الصورة " we don,t change any thing كما تمت إضافة مصدر الصورة واسم المصور Credit Line إلى الصورة ليتحمل المسئولية الأدبية أمام الرأى العام، بعد أن كانت الصورة حقاً خالصاً ينسب للوكالة وليس للمصور، وفى النرويج بدأت الصحف تقليداً بوضع ختم على صور تم التلاعب فى تفاصيلها ينبه الجمهور إلى أنها "رسوم فوتوغرافية"، وليست "وثائق فوتوغرافية حقيقية".
تاريخ التلاعب
فى الصــــورة:
ـــــــــــــــــــــ
الصورة الحقيقية
الصورة المزيفة
وبعد موت لينين قائد الثورة الروسية، دار صراع عنيف على السلطة بين ستالين وتروتسكى، انتهى بانتصار ستالين وطرد تروتسكى من البلاد، وانبرى ستالين إلى وثائق بسلطة الدولة يمحو كل عمل قام به تروتسكى للثورة، وظهرت من الكتب ودوائر المعارف طبعات جديدة تعيد شرح الأحداث بطريقة تمحو أثر تروتسكى أو تشوه دوره، حتى اللوحات الزيتية التى رسمها الرسامون لأحداث الثورة ومواقفها الحاسمة وعلقت فى المتاحف، أعيدت الفرشاة لتمحو وجه تروتسكى حيثما ظهر فى أى موقف منها، بل إن عدداً من الصور الفوتوغرافية الهامة فى الأرشيف أجريت عليها تعديلات فى الاتجاه ذاته.
أشهر الصور"المفبركة":
الصورة الأولى:
ـــــــــــــــــــــــــ
الصورة المصطنعة للحظة العبور
من أشهر الصور المفبركة صورة نشرتها مجلة "المصور" فى صفحتها الأولى من العدد 2557 بتاريخ 12 أكتوبر 1973 لجندى فاغر فاه باسط ذراعيه فى الهواء فى بلاهة، نشرت الصورة مصحوبة بعنوان كبير :" حرب التحرير"، ومنذ ذالك اليوم يتم تداول الصورة على أنها انفراد لمصور المجلة، الذى استطاع تسجيل لحظة العبور التاريخية، الغريب أن الصورة أصبحت أيقونة الحدث العظيم، وتناقلتها الكثير من الصحف الأجنبية والوكالات، لكن الأغرب من ذلك أن مجلة " الهلال" قد أعادت نشرها على صفحة غلاف عدد نوفمبر 1973 بعد تلوينها بأسلوب بدائى فج ؛ افتقد التناغم مع طبيعة الصورة وأعادت "المصور" نشرها على صفحة غلاف العدد 4539 بتاريخ 5 أكتوبر 2011 فى الذكرى 38 لانتصار أكتوبر المجيد، دون أن يفكر أحد فى قراءة بيانات الصورة التى تكشف كل تفاصيلها عن كونها صورة مصطنعة لأسباب كثيرة ومتعددة: 1 ـ أن الإعلام ومصوريه لم يكن لهم تواجد فى المكان لحظة العبور أو ساعته أو حتى يومه، فى إطار خطة الكتمان التى كشف عنها دكتور عبد القادر حاتم، وهو المسئول الذى كلفه الرئيس السادات برئاسة مجلس الوزراء وإعداد الدولة للحرب نيابة عنه، فقام بوضع الخطوط الرئيسية لسياسة جديدة تقوم على المفاجأة الإستراتيجية وهى: أن من يريد أن يحارب لا يعلن أنه سيحارب.*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* د. محمد عبد القادر حاتم، دور الإعلام المصرى فى تحقيق المفاجأة الاستراتيجية فى حرب أكتوبر 1973 : مكتبة الأسرة 2003
2 ـ أن الأطقم الإعلامية المؤهلة والمدربة التى تم تجنيدها فى وحدات التوجيه المعنوى، تم تسريحها قبل شهرين من الحرب ضمن خطة الخداع والتمويه.
3 ـ أن غياب عنصرى التلقائية والعفوية يفضح الأداء التمثيلى لموضوع الصورة.
4 ـ بنظرة إلى عمق الصورة نرى الفراغ الفسيح خلف الجندى، وكأن هذا الجندى هو الشخص الوحيد الذى عبر، وقد خلت الصورة من زملائه رفاق السلاح، بينما الحقيقة التاريخية تؤكد أن الجنود على شاطئ القناة فى اندفاعهم للعبور كانوا مثل جيوش النمل المتزاحمة على قطعة سكر !!
5 ـ بندقية الجندى فى الصورة بدون خزينة ذخيرة؛ وهو ما لا يتفق مع طبيعة الأمور ولا يستقيم مع حالة الحرب ولباسه ( الشدة القتالى ).
6 ـ المعبر البدائى الذى يظهر فى الصورة عبارة عن أحد النماذج الهيكلية المعدة لتدريب الجنود؛ لأنه يختلف عن أنواع المعابر الأربعة التى استخدمت فى العبور.
7 ـ من الأشياء الهامة جداً أن حرب أكتوبر لم يتم تصويرها، ولم يدخل إلي منطقة القتال مصور واحد إلا بعد ظهر يوم 8 أكتوبر أي بعد بدء القتال بيومين.
لكن الأرجح أن هذه الصورة التى تم توظيفها فى غير سياقها، قد التقطت قبل الحرب فى الموقع الذى أعدته القوات المسلحة لتدريب وحداتها على العبور فى منطقة تماثل قناة السويس على الرياح البحيرى قرب مدينة الخطاطبة، وعلى قطاعات بنيت مطابقة لخط بارليف على السهل الصحراوى المجاور لمناطق استصلاح الأراضى فى الصحراء الغربية، والتى كان يتم نقل الجنود إلى مواقع التدريب العملى فى سيارات مطلية باللون الأحمر وعليها اسم أحد المقاولين، والتى تم تمويهها بوضع الخيام البالية فى هذا الموقع ولافتة خشبية كتب عليها أنها تابعة "للمؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الأراضي"، ولم ينس رجال المخابرات أن يطمسوا جزءا من اللافتة بالرمال لإخفاء بعض أحرف الكلمات، بحيث يبدو الموقع متهالكا، وليكون على أجهزة قراءة الصور الجوية المعادية أن تستخدم خيالها فى استكمال الأحرف الناقصة!
.. لكن المؤكد أن هذه الصورة المزيفة مع غيرها من تلك الصور المزيفة التي نشرت في الصحافة الوطنية والصحافة العالمية ـ في أطار صناعة الكذب ـ قد شكلت إساءة متعمدة إلى المقاتل المصري، فقد كانت تلك الصور مجرد مشاهد تمثيلية قام بها جنود كومبارس يعبرون بطريقة غوغائية انعدم فيها عنصرا الضبط والربط الذي كان مفروضا أثناء عملية العبور.
الصورة الثانية:
ـــــــــــــــــــــــــ
بعد حرب أكتوبر 1973 تمت إزالة صورة الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة من صور غرفة عمليات حرب بناء على تعليمات السادات بعد خلافه معه، وفبركة صورة ظهر فيها مبارك مكانه، كما لو كان رئيس الأركان والعقل المدبر بكل ما يتعلق بأكتوبر؛ ولأنه ومنذ الخليقة لم توجد الجريمة الكاملة، فقد جاء التزوير مفضوحاً، فلم يكن أبداً قائد القوات الجوية يجلس بجوار الرئيس أو القائد الأعلى فى الحرب، فالأعراف العسكرية تقضى بأنه فى غرفة القيادة لا يجلس قادة القوات بجوار الرئيس أو القائد الأعلى، فهذه المكانة مخصصة لوزير الدفاع ورئيس الأركان فقط،، كما أن البروتوكول العسكرى يمنع قادة الجيوش ورؤساء الأسلحة داخل غرفة العمليات من التحدث إلى الرئيس مباشرة.ولأن الصورة لا تكذب فقد فضحت التزوير من خلال الهندام الأنيق لمبارك، والذى لا يتفق مع أجواء الحرب، ومن خلال نظرة عين مبارك فى اتجاه معاكس لموضع الخرائط واتجاه نظرة السادات، فضلا عن فقدان الظلال وانعدام الأثر فى عمق الصورة.
صورة مبارك المزيفة فى غرقة عمليات حرب أكتوبر
الصورة الحقيقية التى نشرت لغرفة العمليات يوم 7 أكتوبر 1973
ويظهر فيها السادات وإلى جواره الوزير عبد الفتاح عبد الله وزير
رئاسة الجمهورية والفريق أول أحمد اسماعيل والفريق سعد الدين الشاذلى
صورة حقيقية أخرى تم نشرها بعد بداية الحرب بأيام ( 9 اكتوبر )
ويظهر فيها السادات وإلى جواره الفريق أول أحمد إسماعيل
والفريق سعد الدين الشاذلى واللواء الجمسى رئيس العمليات.
الصورة الثالثة:
ـــــــــــــــــــــــ
خلال حرب تحرير الكويت، استخدمت أجهزة الدعاية الأمريكية نمطا آخر من خداع الصورة. كانت تستهدف التعبئة الشاملة ضد شعب العراق وجيشه ودولته. ووقتها كان هناك قلق عالمى من تفجير آبار النفط ، فاستغل الأمر وجرى تصوير طيور غارقة فى بحيرات التلوث فى جزيرة ألاسكا، وقالوا إنها صور ناتجة عن تخريب العراق لحقول النفط.
الصورة الرابعة:
ـــــــــــــــــــــــــ
وفى بداية العمليات البرية خلال العدوان الأخير على العراق عام 2003، كانت هناك دعاية حربية مباشرة، باستخدام الصورة المفبركة أيضاً. فتم إلباس بعض المواطنين العاملين فى إحدى الدول العربية المجاورة بلباس جنود عراقيين، وجرى تصويرهم فى حالة استسلام للجنود الأمريكيين. بهدف تدمير الروح المعنوية للشعب والجيش العراقى فى بداية المعركة.
الصورة الخامسة:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت صحيفة الفجر فى عددها (93) السبت 17 -3 -2007 صورة على صفحتها الأولى لشيخ الأزهر مرتديا زى بابا الفاتيكان تعلوه شارة الصليب وممسكا فى يده بعصا البابا.
الصورة السادسة:
ـــــــــــــــــــــــــــ
أصل الصورة
الصورة المزيفة
فى يوليو 2008 أمد الحرس الثورى الإيرانى وكالات الأنباء العالمية بصور توضح عمليات ناجحة لإطلاق صواريخ باليستية، ولكن كانت تلك صور مزيفة، عمدت فيها إيران إلى تزييفها من أجل إعطاء انطباع قوى عن القوة الصاروخية الإيرانية.
الصورة السابعة:
ــــــــــــــــــــــــــ
أصل الصورة
الصورة المزيفة
فى عام 2006 قام عدنان حجى وهو أحد مصورى وكالة رويترز، الذى كان يغطى أحداث بيروت فى ذلك الوقت بالتقاط صورة عادية تمثل انفجارا بسيطا فوق أحد الأحياء السكنية، وقد عمد عدنان حجى الى إضافة المزيد والمزيد من الدخان الأسود إلى الصورة الأصلية، حتى يعطى للمشاهد انطباعا بشدة الانفجار ومدى ضخامته، ويعمل على تضخيم وتهويل الحدث، ولقد تم حذف كل صور عدنان حجى من وسائل الإعلام العالمية بعد أن ظهرت الحقيقة.
الصورة الثامنة:
ـــــــــــــــــــــــــ
نشرت صحيفة «لوفيجارو» صورة لرشيدة داتى على صفحتها الأولى فى 19 نوفمبر2008، بعد التلاعب فيها وتعديلها تقنيا لإخفاء خاتم من الذهب والماس بقيمة 15 ألفا و600 يورو بناء على طلب شخصى من الوزيرة، بسبب صراعها مع القضاة من أجل تحسين وتطوير القضاء الفرنسى؛ حتى لا تثار الأقاويل حول مصدر ثمن ذلك الخاتم.اضطرت إدارة تحرير قسم الصورة بيومية «لوفيجارو» أكثر من مرة إلى توضيح الأمر وتقديم الاعتذار، خاصة بعد أن أخذت المسألة بعدا سياسيا بعد اتهام اليومية الفرنسية المقربة من نيكولا ساركوزى بالتدخل دوما من خلال خطها التحريرى لإخفاء أخطاء وزراء الحكومة وتلميع صورتهم أمام الرأى العام، والتزمت فى تصريح رسمى لوكالة الأنباء الفرنسية بعدم تكرار هذا الحادث الذى وصفته أوساط إعلامية فرنسية بـ «الرغبة والنية فى خداع الرأى العام وتوجيهه لأسباب سياسية».
إلى اليمين : وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتى وهى مرتدية خاتما فى أحد أصابعها
إلى اليسار : الصور المزورة التى نشرت فى مجلة لوفيجارو الفرنسية بدون الخاتم
الصورة التاسعة:
ــــــــــــــــــــــــــ
تزوير جريدة الأهرام للصورة الرسمية لمبارك فى البيت الأبيض أثناء عبوره صالة البيت الأبيض مع الرؤساء أوباما والملك عبد الله ومحمود عباس ونتنياهو، والتى التقطها له المصور تشاك كيندى، ونشرت على موقع البيت الأبيض بتاريخ 1 – 9 – 2010 . وقد أعادت الأهرام نشر الصورة فى العدد 45207 بتاريخ 14 ــ 9 ــ 2010 على نصف الصفحة بعد التلاعب فى تفاصـيلها ببرنامج معالجة الصـــور Photo shope) ) بوضع مبارك فى مقدمة المشهد بدلا من آخره.
الضوء وزوايا الكاميرا:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعتبر الضوء هو لغة الصورة الناطق بالمعنى الدلالى لها، فالصورة الغنية بالإضاءة تعبر عن معان متفائلة وإشاعة روح البهجة، بعكس الصورة التى تفتقر إلى الإضاءة فإنها تميل إلى إشاعة الشعور بالحزن والقتامة، فعلى سبيل المثال قامت مجلتا Time وNews week بنشر صور الرياضى الأمريكى ( أو. جا. سامبسون ) فى القضية الخاصة باتهامه بقتل زوجته السابقة، وقام محرر التايم بنشر صوره فى عدد 27 يوليو 1994 بعد معالجتها بإظلام وجه سامبسون وإضفاء ضوء مخيف عليه، وهو ما جعل الصورة تنطق بالشراسة والشر أكثر من صور النيوزويك، وهاجم النقاد التايم واتهموها بالعنصرية، وهو ما حدا بالتايم للاعتذار فى العدد التالى.
الضوء لغة الصورة .. الفارق كبير بين الغلافين
كما أثبتت الدراسات العلاقة بين زوايا الكاميرا ودلالات استخدامها فى الصور الصحفية، فاختيار زاوية التقاط الصورة يحدد الانطباع الناجم لدى رؤيتها، وكذلك الدمج بين عمق الصورة وزاوية التصوير.
زوايا التصوير الأساسية: *
هناك ثلاثة مستويات أساسية معروفة فى التصوير:
• مستوى فوق النظرHigh angle level
• مستوى النظر Eye level
• مستوى دون النظر Low angle level
أما المستويات المنبثقة عن هذه المستويات فيمكن أن ندرجها فى الآتى :
1 ـ مستوى عين الطائر bird view level : سميت كذلك لأن الصورة تلتقط من أعلى فى مستوى الطائر، الذى ينظر للأرض وهو محلق فى السماء.. مثل التصوير من طائرة هليكوبتر، أو من فوق سطح بناية شاهقة.. وهى تستخدم عادة لإظهار الأعداد الضخمة جداً فى المظاهرات أو المباريات أو ما شابه.
2 ـ مستوى عال جداً فوق النظرExtreme high angle level : وهى أعلى بكثير من مستوى النظر ولكنه أقل من المستوى السابق.
3 ـ مستوى أعلى النظر high angle level : وهذه الصورة تلتقط بزاوية مع الأرض بمقدار 45 درجة، وهذه اللقطة إذا استخدمت مع الإنسان فإنها تنتج صورة توحى بتحقير ذلك الشخص.
4 ـ مستوى النظر Eye level : وتكون العدسة فى مستوى عين الإنسان، والكاميرا فى اتجاه أفقى وليست مرفوعة ولا منخفضة، ويمكن أن نصفها بأنها محايدة لا تعطى انطباعا بالتحقير أو التعظيم.
5 ـ مستوى دون النظر low angle level: وهذه اللقطة عكس العلوية تماماً، حيث تكون الكاميرا فى مستوى منخفض، وترفع العدسة لأعلى بزاوية 45 درجة، وهذه تعطى انطباعاً بالفخامة والتعظيم ، ولذلك فكل الصور الشخصية للرؤساء والزعماء تكون من هذه اللقطة.
6 ـ مستوى منخفض جداً دون النظر Extreme low angle level وهى منخفضة جداً عن مستوى النظر وبشكل أكثر من المستوى السابق.
أشهر الأغلفة المزورة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى اليمين الصورة الأصلية وإلى اليسار الغلاف المزيف
وقد استغل القائم بعملية الاتصال المصور أغلفة المجلات للإيحاء بمعان وأفكار غير حقيقية، ففى 25 أغسطس 1989 نشرت مجلة TV Guide على غلافها صورة مفبركة لأوبرا وينفرى، وهى تجلس عارية السيقان على كومة كبيرة من أوراق البنكنوت مع عنوان: "أوبرا أغنى امرأة فى التليفزيون"، وحقيقة هذه الصورة أنه تم تركيب وجه أوبرا على جسد الممثلة آن مارجريت.
غلافا مجلتى سباى وفروست احتويا على " القذف بالصورة "
مع الدخول إلى عصر التكنولوجيا الرقمية تصاعدت وتيرة إساءة المعالجات الرقمية للصورة الصحفية على أغلفة المجلات، ففى فبراير 1993 نشرت مجلة Spy الأمريكية على غلافها صورة لهيلارى كلينتون، بعد أن قاموا باستخدام الكمبيوتر فى تركيب رأسها فوق جسد امرأة عارية الصدر، وكانت الصورة مذهلة فى درجة إتقانها، وقد أدى هذا التزوير إلى إجراء دراسة لإدخال نص "القذف بالصورة" على قانون العقوبات الأمريكى، الذى لم يكن يعرف حتى هذه الفترة ذلك النوع من القذف ، لكن يذكر للمشرع المصرى
أنه كان له قصب السبق فى هذا المجال فقد نصت المادتان 171 المختصة ببيان الوسائل التى يتحقق عن طريقها القذف ، والمادة 302 التى تحدد أركان جريمة القذف فى قانون العقوبات المصرى .
إلى اليمين الصورة الأصلية وإلى اليسار الغلاف المزيف
حريق مقلب القمامة فى كفر شيما جنوب بيروت حوله المزورون
إلى حريق فى قلب إسرائيل بسبب قصف صواريخ المقاومة
وفى 17 يوليو 2006 نشرت ذات المجلة غلافاً مزوراً تم تركيبه بمهارة شديدة من عدة صور، ويظهر فيه أحد مقاتلى حزب الله ومن خلفه نيران مشتعلة ودخان كثيف مع عدة عناوين "ما الحقيقة وراء الحادث ـ صواريخ جديدة للمقاومة ـ قائد دفاع إسرائيل: إنها معمودية النار".
لكن حقيقة النار المشتعلة والدخان الكثيف لم تكن فى إسرائيل، بل كانت حريقا فى مقلب قمامة فى كفر شيما قرب بيروت، وكان به إطارات سيارات قديمة، وهو ما سبب الدخان الكثيف. وقد استغل إعلام حزب الله الصور المفبركة للإيهام بقدرات الحزب القتالية من خلال تسريبها عبر مصور رويتر، وهو ما فضحته "أسوشيتدبرس" من خلال تقرير متداول على الإنترنت بعنوان The Reuters Photo Scandal " فضائح صور رويتر".
وفى يونيو 2007 قامت مجلة فروست البولندية الأسبوعية بنشر صورة مركبة على صفحة الغلاف للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهى عارية الصدر والرئيس البولندى ليخ كاتشينسكى وشقيقه رئيس الحكومة ياروسلاف كاتشينسكى يرضعان من ثدييها مع عنوان يقول " زوجة الأب لأوروبا".
وقد جاء الرد الألمانى من قبل صحيفة سوديتيخ زيتونج التى لم تترك الأمر يمر بسهولة، كما قامت صحيفة بيلد بالتعليق على " الفوتو مونتاج " فى المجلة البولندية بالقول: أنجيلا ميركل عارية الصدر والبولنديون يسخرون من المستشارة الألمانية، كما نشرت الصحيفة تعليقات لسياسيين ألمان أبدوا انزعاجهم من الصورة المركبة، ووصفهم لها بأنها مثيرة للاشمئزاز.
إلى اليمين الصورة الأصلية وإلى اليسار الغلاف المزيف
وفى19 يونيو 2010 نشرت « الإيكونمست » على غلافها صورة لأوباما بعد التلاعب فى تفاصيلها بحذف أشخاص منها ، الصورة التقطت في بدايات حملة أوباما الانتخابية لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي ، عندما ذهب في جازة اصطحب فيها مجموعة من معاونيه وعدداً من المصورين الصحفيين ، لكن المجلة نشرتها فى غير سياقها بعد التلاعب فى تفاصيلها ليبدو أوباما وحيداً ومحبطاً بعد كارثة تسرب نفطى ناجم عن انفجار منصة للتنقيب عن النفط قبالة سواحل الولايات المتحدة .
أفيش المسرحية الذى تحول إلى غلاف لمجلة « المصور »
نماذج من أغلفة مجلة « المصور» التى تم التعامل
الجرافيكى مع تفاصيل صورها أو اصطناع صورها
الطريف فى الأمر أن ذات المجلة قد نشرت على غلاف عددها رقم 4474 بتاريخ 7 يوليو 2010 صورة لوجه الدكتور محمد البرادعى مركباً على صورة إعلان لمسرحية تجارية مع عنوان " الزعيم " وهو نفس اسم المسرحية.
ولم تمض سوى بضعة شهور حتى أعادت المجلة المذكورة الكرّة بنشر صورة مركبة على غلاف عددها رقم 4497 بتاريخ 15 ديسمبر 2010 للدكتور محمد مصطفى البرادعى، وهو يرتدى الزى التقليدى للشيخ حسن نصر الله مع عنوان : "آية الإخوان محمد مصطفى البرادعى".
ولم يقتصر خرق "المصور" للقواعد المهنية والأخلاقية بالتدخل الجرافيكى فى الصورة، بل تعداه إلى اصطناعها فى مشاهد تمثيلية لا تعبر عن واقع أو معان موجودة، فقد نشرت المجلة على غلاف عددها رقم 4436 بتاريخ 14 أكتوبر 2009 صورة لإحدى متدرباتها فى ملابس المنتقبات وأمام باب مغلق لمسجد نور الإسلام مع عنوان (منقبة "المصور" تخترق جماعة العزيز بالله)، وبنظرة على لغة الصورة يظهر فيها واضحاً عنصر الصنعة من خلال نظرة المتدربة للعدسة وافتقاد الحركة التلقائية لشخص من المفترض أنه خارج لتوّه من المسجد الذى يظهر بابه مغلقاً، بل الأهم من كل ذلك أن التحقيق لم يقدم ما ينبئ عن ثمة اختراق، فهو مجرد أقوال مرسلة افتقدت قواعد التحقيق، لكن ما قدمه التحقيق ـ إن صحت وقائعه ـ هو دليل إدانة للمجلة بخرق القواعد المهنية والأخلاقية فى العمل الصحفى من خلال اختلاق قصة وهمية ( بادعاء المتدربة أنها تعمل فى العلاقات العامة بأحد المصانع الكبرى وأنها مخطوبة لشاب سلفى وتنتوى ارتداء النقاب لإرضائه) لإدخال الغش على مواطنة مصرية تدعى عائشة (كما ورد اسمها فى التحقيق الصحفى ) والدخول إلى مسكنها وإفشاء أسرار أهله دون إذن منهم ، وذلك على النحوالثابت بالتحقيق المنشور بالمجلة.
وقد نشرت المجلة على غلاف العدد رقم 4527 بتاريخ 13 يوليو 2011 صورة لمشهد تمثيلى يظهر فيه رجل يفتح الباب الرئيس لمدفن أسرة اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، والذى يمثل أمام المحكمة الآن متهماً فى قضية قتل المتظاهرين السلميين فى 25 يناير 2011 مع عنوان : « فى انتظار العادلى » للإيعاذ بشيء ما، وهو ما ينطوى على شبهة محاولة التأثير على سير العدالة فى قضية منظورة أمام القضاء، لكن الشيء المؤكد أن الرجل الذى ظهر فى الصورة لم يكن حارس الجبانات ولم يكن أيضا أحد أفراد أسرة العادلى أو أحد المتصلين بهم .
***
.. وهكذا الصور دائماً ما تكشف الحقائق وتصنع الأكاذيب ، وكلاهما سوف يستمر ما استمرت الحياة !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق