الخميس، نوفمبر 11، 2010

كتاب الإعلام البديل ـ ياسر بكر ـ محاكمات الصحفيين


الفصل الرابع


محاكمات الصحفيين

حين تنازل الأفراد عن بعض حقوقهم وحرياتهم وصنعوا لأنفسهم دولة ؛ كان الهدف هو حماية الضعيف من بطش القوى ؛ فاختاروا بعضاً منهم وأوكلوا إليه هذه المهمة  ؛ وخصصوا له جزءا من مواردهم ؛ فإذا بالسلطة تطغى الحكام وتنسيهم مهمتم ؛ فيدعون أنهم مفوضون من الله فى حكم الناس ؛ بل إن الفراعنة ادعوا أنهم آلهة وعلى أفراد الشعب أن يعبدوهم ؛ وإذا بموارد الدولة تصبح أموالاً للحكام ؛ وامتلأت الأرض ظلماً وطغياناً وفساداً؛ فكان أن ابتكرت الشعوب مبدأ الفصل بين السلطات لتحد من هذه السلطة ؛ كما حرصوا على تذكير الحاكم أنه بشر  وتلك هى مهمة الصحفى .
فنقد الحكام أمر مطلوب لصالح البشرية ؛ وحتى الأنظمة الشمولية حرصت أن تدعيه وأسمته بـ« النقد الذاتى » ؛ وفى الدول الديمقراطية لو مسَّ النشر الحاكم فهو صمام أمن وأمان وتحصين له ضد الظلم ؛ والكل آمن ؛ ولا يعاقب أحد على النشر .

تعريف " الصحفى "
.. و شــرط الضمير :

ما هو تعريف الصحفى ؟ هل هو عامل ينطبق عليه قانون العمل ؟ أم موظف ينطبق علية قانون الموظفين ؟ أم أنه ليس بالعامل تماماً و ليس بالموظف بتاتاً و أنه شئ ثالث .
فلو إعترفنا بأن الصحفى عامل فأننا نفترض تبعاً أنه يخضع لرب العمل و أن علاقة التبعية تقوم بينه و بين جريدته ؛ و لو افترضنا أنه موظف فأنه يخضع للسلم الإدارى و هو ما يتناقض مع حرية الرأى و التعبير .
و من هنا ظهرت النظرية الهامة من أن الصحفى حين يعمل فى الجريدة أنما هو فى الأصل صاحب رأى و ضمير و أن التعاقد معه يتم على هذه الصفة و تأخذ كل النقابات الأوروبية فى مفاوضاتها و عقودها الجماعية بما يسمى " شرط الضمير "
و فائدة شرط الضمير أن الصحفى لا يعتبر عاملاً يدوياً عليه أن يقدم جهد عضلياً  مقابل أجر ؛ و أنه لا يعتبر موظفاً إدارياً يخضع للسلم الإدارى و التبعية الإدارية بل يعتبر صاحب ضمير مهنى يلتزم صاحب العمل و الإدارة
و لكن واقع الحال فى مصر مختلف تماماً ؛ فالصحفيون هدف سهل لبطش رؤساء المؤسسات و  للملاحقة القضائية والسجن والتغريم والاعتداءات والمضايقات، وقد  شملت هذه المضايقات عددًا من الصحفيين المعارضين ، فيما نال صحفيو جريدة «الشعب» النصيب الأكبر فى التحقيق والسجن .
- فى أكتوبر 1993 تم احتجاز الراحل عادل حسين الأمين العام لحزب العمل ورئيس تحرير صحيفة «الشعب» السابق وصلاح بديوى وعلى القماش ؛ بسبب موضوعات منشورة، وخضع المحتجزون للتحقيق.
- فى مايو1994 حكمت محكمة عسكرية على الصحفى عبد الستار أبو حسين المحرر العسكرى لجريدة «الشعب» بالسجن لمدة عام وغرامة مالية بسبب «مخالفة صحفية». وقد استمر حبس الصحفى عبد الستار ثلاثة أشهر فقط، بعد أن تم تخفيض مدة العقوبة .
قضية حسن الألفى :
فى 24 -2 – 1998 صدر حكم بحبس مجدى أحمد حسين رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين  ومحمد هلال الصحفى بالجريدة فى قضية اللواء حسن الألفى بالحبس ثلاثة أعوام إلا أن محكمة النقض برأتهم بعد مضىّ ستة أشهر من حبسهم.
قضية د . يوسف والى :
وفى قضية وزير الزراعة يوسف والى، الذى اتهمته جريدة «الشعب» بالخيانة لتعامله مع تل أبيب، واستيراد بذور فاسدة منها.
تم حبس كل من مجدى حسين رئيس تحرير الشعب وصلاح بديوى فى قضية مبيدات يوسف والى الإسرائيلية المسرطنة عامين 1999- 2000 وتغريمهما 40 ألف جنيه وحبس رسام الكاريكاتير عصام حنفى لمدة عام .
قضية رؤساء التحرير الأربعة :
إبراهيم عيسى - رئيس تحرير جريدة الدستور
وائل الإبراشى - رئيس تحرير جريدة صوت الأمة
عبد الحليم قنديل - رئيس التحرير التنفيذى لجريدة الكرامة السابق
عادل حمودة - رئيس تحرير جريدة الفجر
تعود وقائع القضية إلى 30 نوفمبر 2006 حينما نظرت محكمة جنح الجمالية قضية مرفوعة من إبراهيم ربيع عبد الرسول المحامى بصفته عضوا فى الحزب الوطنى الديمقراطى واتهم رؤساء التحرير الأربعة بسب وقذف رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطنى متعمدين نشر شائعات كاذبة وبيانات عارية من الصحة وصور مسيئة لرموز الحزب والإساءة لسمعة البلاد فى الخارج.
وفى جلسة 27 ديسمبر 2006 بمحكمة الجمالية قضت المحكمة بعدم اختصاصها لتتم إحالة القضية إلى محكمة جنح العجوزة، التى أصدرت بدورها حكما فى 13 سبتمبر 2007 حكماً بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ وغرامة 10 آلاف جنيه فى الدعوى رقم 1799 لسنة 2007 لكل من إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة (الدستور)، ووائل الإبراشى رئيس تحرير جريدة (صوت الأمة)، وعبد الحليم قنديل رئيس تحرير جريدة (الكرامة) السابق، وعادل حمودة رئيس تحرير جريدة (الفجر)، وأدين الأربعة بتهمة الإساءة إلى رموز الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم، وعلى رأسهم الرئيس محمد حسنى مبارك رئيس الحزب الوطنى، ونجله جمال مبارك الأمين المساعد لشئون السياسات بالحزب، إضافة لأعضاء بحكومة الحزب الوطني.
وقد استأنف رؤساء التحرير الأربعة،  وقضت محكمة جنح مستأنف العجوزة فى 31 يناير 2009  بإلغاء حكم الحبس وبتعديل الحكم إلى غرامة 20 ألف جنيه مصرى لكل منهم .
قضية صحة الرئيس مبارك :
فى يوم 5 سبتمبر 2007 وبناء على شكوى تقدم بها سمير الششتاوى ؛ محامى
 و عضو بالحزب الوطنى ادعى فيها أنه أصيب بالهلع وكذلك أطفاله وأسرته من جراء نشر جريدة الدستور لشائعة مرض الرئيس حسنى مبارك ، فضلا عن تقرير قدمه ضابط أمن الدولة محمد برغش ، اتهم فيه عيسى بنشر أخبار كاذبة عن صحة الرئيس مبارك، وقد حققت نيابة أمن الدولة العليا مع إبراهيم عيسى وتحويل القضية لمحكمة جنح بولاق التى عقدت أولى جلساتها فى الأول من أكتوبر 2007 بعد أن اتهمته النيابة بتعمد إذاعة ونشر أخبار وشائعات كاذبة، مما أدى  لإلحاق ضرر بالمصلحة العامة وفى 28 سبتمبر 2008 قضت محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا بتعديل الحكم المستأنف من ستة أشهر حبس إلى شهرين حبسا، قبل أن يصدر عفوًا رئاسيًّا عن إبراهيم  عيسى فى 6 أكتوبر 2008 .
قضية إهانة رئيس الجمهورية :
 بتاريخ 5 إبريل 2006 نشرت جريدة الدستور مقالا بعنوان «مواطن من عرب الوراق يطالب بمحاكمة مبارك وأسرته ورد خمسمائة مليار جنيه قيمة القطاع العام والمعونات الخارجية»، وهو ما اعتبره بعض المحامين من أعضاء الحزب الوطنى والمقربين له من المقيمين فى حى الوراق بالجيزة ، سبا فى حق رئيس الجمهورية، وإهانة فى حقهم!!
وقضت المحكمة بجلسة 26 يونيو2006 بحبس المتهمين الثلاثة ( إبراهيم عيسى  رئيس تحرير جريدة الدستور وسحر زكى المحررة بجريدة الدستور وسعيد عبد الله المحامى )  سنة مع النفاذ وعشرة آلاف جنيه غرامة و2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وقد تم استئناف الحكم وبجلسة 27 فبراير 2007 أصدرت محكمة جنح مستأنف الوراق حكماً بإلغاء الحبس ورفع قيمة الغرامة من عشرة آلاف إلى اثنين وعشرين ألفا وخمسمائة جنيه مصرى .
قضية جريدة الوفد:
أصدرت محكمة جنح الوراق فى 24 سبتمبر 2007 حكما بالحبس ضد كل من أنور الهوارى رئيس تحرير صحيفة الوفد، ومحمود غلاب نائب رئيس التحرير، وأمير سالم، المحرر البرلمانى بالجريدة سنتان مع الشغل وكفالة 5 آلاف جنيه لكل منهم لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس مع تغريم كل منهم مائتى جنيه مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وكان 11 محاميا ينتمون إلى الحزب الوطنى قد أقاموا دعوى ضد الصحفيين الثلاثة بعد قيام الوفد بنشر وقائع اجتماع حضره المستشار ممدوح مرعى وزير العدل فى اللجنة التشريعية بمجلس الشورى يوم 26 يناير 2007، ونقلوا عن وزير العدل توجيهه لبعض الملاحظات على إجراءات التقاضى اعتبروا أنها تمثل إهانة للسلطة القضائية، مؤكدين أن تلك التصريحات لم تصدر عن وزير العدل وأن ما جاء بالوفد يعتبر تشكيكا فى القضاء.
وفى 17 ديسمبر 2007 تنازل المدعون عن الدعوى أمام محكمة جنح الوراق الجزئية .

« سارق مصر الأول » :

 أقام أحمد عز رجل الأعمال وأمين التنظيم بالحزب الوطنى  دعوى ضد رئيس تحرير صوت الأمة السابق عبد الحليم قنديل بتهمة السب والقذف لنشره مقالا بعنوان « سارق مصر الأول»، وطالب عز بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه فى أغسطس 2008 قضت محكمة جنح العجوزة بقبول الدعويين الجنائية والمدنية وحكمت بغرامة عشرة آلاف جنيه، ثم قامت النيابة العامة باستئناف الحكم أمام محكمة جنح مستأنف العجوزة، ، التى قضت فى يونيو2009  بقبول الاستئناف وإلغاء حكم أول درجه لبطلان التكليف بالحضور فى 27 نوفمبر 2008.

قضية وزير المالية :

تمت إحالة البلاغ المقدم من وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى، ضد الكاتب الصحفى وائل الإبراشى ـ رئيس تحرير جريدة «صوت الأمة» وسمر الضوى، إلى محكمة الجنايات فى يونيو2010  بنص المادة «177» من قانون العقوبات، التى لم تستخدم من قبل إلا فى قضايا التنظيمات المسلحة، ولم يسبق استخدامها ضد صحفى فى قضية نشر .
و ذلك رغم ما سبق الاتفاق عليه بين نقيب الصحفيين  مكرم محمد أحمد ووزير المالية لوقف إجراءات التقاضى ، وتأكيد النقيب أن القضية تمت تسويتها بين الطرفين، وأن الوزير قد تنازل عنها.
ومازالت القضية متداولة .

قضية وزير الخارجية :

إحالة الكاتب الصحفى  حمدى قنديل إلى محكمة جنايات الجيزة بتهمة سبّ وقذف موظف عام بعد انتهاء مذكرة الإحالة، التى أعدتها نيابة شمال الجيزة الكلية و التى انتهت من تحقيقاتها فى البلاغ المقدم من أحمد أبو الغيط وزير الخارجية ؛ لكتابته مقالا بجريدة الشروق تعليقا على تصريحات الوزير التى وصف فيها إسرائيل بالعدو.
 بعنوان «هوان الوطن وهوان المواطن »، ورد فيه ما اعتبره وزير الخارجية سبا وتشهيرا ، والإساءة إلى سمعة مصر، وأنه كان يقصد ذلك فى المقال، وذكر حمدى قنديل معلقا بمقاله إن وزير الخارجية تسقط من فمه كلمات كما تتساقط النفايات من كيس زبالة مخروم..
واستشهد قنديل ببعض التصريحات التى سبق أن أدلى بها أبو الغيط لوسائل الإعلام، ومنها قوله: إنه «سيكسر رِجْل أى فلسطينى يحاول عبور الحدود إلى مصر»، وكذا تصريحاته عن وجود اقتراح بإرسال قوات إلى السودان خلال مباراة مصر والجزائر، وكذا قوله لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس خلال مؤتمر صحفى مشترك بينهما عام 2007م: «هل أنتم راضون عني.. أم ترغبون فى إقالتي؟»، وقوله أيضا عندما سُئل عن المصريين المؤيدين للدكتور البرادعى الذين تم ترحيلهم من الكويت: إنه «لا يعلم عنهم شيئا وليس له علاقة بالأمر«.
وقدم «قنديل» إلى النيابة «سي.دي» مسجلاً عليه حلقة من برنامج «صباح النيل»، شملت تصريحات لـ«أبو الغيط»؛ منها قوله -إثر اجتماع لأساتذة معهد الدراسات الإفريقية للتشاور معهم بشأن تأييد الدول الإفريقية وحصول مصر على مقعد بمجلس الأمن: «ياه هنروح نقابل الأفارقة تانى دول ريحتهم وحشة » .
ومازالت القضية متداولة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق