الاثنين، مايو 16، 2016

ياسر بكر يكتب : " اصطناع الطاعة .. وتعمّد المعصية .. وتصيّد الخطأ!! "



ياسر بكر يكتب :

" اصطناع الطاعة .. وتعمّد المعصية .. وتصيّد الخطأ!! "

" إن اصطناع الطاعة لا يقل جرما عن تعمد المعصية .. لكن جريمة تصيّد الخطأ أكثر بشاعة من كليهما ".

.. كانت هذه إحدي العبارات التي وردت في خطاب نقيب الصحفيين الأسبق الأستاذ كامل زهيري في خطابه إلى الرئيس أنور السادات بشأن توضيح موقف النقيب ومجلس النقابة من قضية تحويل نقابة الصحفيين إلى نادي!!

.. أزالت تلك العبارة من رأس الرئيس السادات هواجس المؤامرة عليه التي كان يغذيها بعض الصحفيين المرفوضين شعبياً، .. وقللت من الشعور بالتحدي لحالة التجبر بالتلفيق والقمع وانتهاك حرمة الحياة الخاصة التي يمارسها بالوكالة عنه وزير داخليته اللواء نبوي اسماعيل في مواجهة المعارضة المشروعة والتي تمثل جزءاً من النظام، .. وقد أضاعت تلك الممارسات الكثير من الفرص في التفاوض مع الصهاينة من منطلق أن المعارض يقوي موقف المفاوض !!.. كانت ممارسات اللواء نبوي اسماعيل والسيدة جيهان السادات والكتابات الاستفزازية لكاتب النظام الأستاذ موسى صبري من أهم العوامل التي دفعت بالرئيس السادات إلى حافة الهاوية وقذفت به إلى حتفه إضافة إلى عوامل أخرى أهمها الطبيعة الاستعراضية للرئيس السادات وعشقه للصورة وإدمانه لها بما جعله يتورط في الكثير مما أغضب الشارع المصري الذي افتقد بعضاً من الخبز والكرامة فخرج في 18 و19 يناير يبحث عنهما .. لكن كان لعصابات الكوزا نوسترا "المافيا" التي جاءت مأجورة مع الشركات المتعددة الجنسيات لتحمي مصالحها الإجرامية عبر الجريمة المنظمة وغسيل الأموال والترويج لنوعية من المخدرات تحتكرها لنفسها .. كان لـ " لكوزا نوسترا" رأي آخر ومسلك ثان.. وكان لها بصماتها التخريبية في الحرائق وأحداث النهب في الشارع المصري، وكانت لها علاماتها على العنف الظاهر والغير مسبوق في الشارع المصري !! .. لا ننكر أن فساد الطبقة العاملة في مصر وجهلها وجشعها في الحصول على مكاسب وهمية بدون إنجاز عمل حقيقي قد عجل بنهايتها لتصل إلى ما آلت إليه الآن .. بعد انتهاء المصالحة التاريخية بينها وبين رأس المال .. وسحب مكاسبها ونهب مدخراتها عبر إغراقها بثقافة ومغريات الاستهلاك!!

كامل زهيري
.. وصلت الرسالة الرئيس السادات، لكنه لم يستطع أن ينبس ببنت شفة!! .. كان كل حرف فيها يحمل إليه أن " النهاية قد باتت قريبة "؛ .. لكنه وفي إطار البحث عن ذريعة راح يتهم اليسار المصري (حزب التجمع) الذي صنعه بيديه وبقرار منه كأحد امتدادت المعارضة من داخل مجموعة ضباط انقلاب 23 يوليو 1952 ووضع على رأسه اليوزباشي خالد محيى الدين !! .. وراح يردد الأكاذيب عما صوره له خياله من كونها " انتفاضة حرامية "، .. وقد ساق حظ نقابة الصحفيين العاثر أن يكون على رأسها في موقع النقيب آنذاك الأستاذ كامل زهيري عضو التجمع قبل أن ينسلخ عنه، وينضم إلى الحزب العربي الناصري !! .. ليكون للنقابة حظ من افتراءاته !!؛ وهو ما كان زهيري واعياً له .

.. أعادت عبارة زهيري : " إن اصطناع الطاعة لا يقل جرما عن تعمد المعصية .. لكن جريمة تصيّد الخطأ أكثر بشاعة من كليهما"،الهدوء إلى السادات وفهم المغزي من كلمتي : " تصيّد الخطأ " .. وأغرته الكلمات بفتح قنوات الحوار مع الصحفيين وفتحت له باب التراجع الكريم الذي أنهى الأزمة وإن أسرها في نفسه مبيتة !!.. لينتقل موقع النقيب في الانتخابات التالية بدعم حكومي إلى الأستاذ صلاح جلال .. كانت أبرز ملامح هذا الدعم أثناء الموتمرات الانتخابية لعرض البرامج هو رقص أثنين من الزملاء مُدمني الخمر بالعصي على سلالم مبني النقابة القديم؛ للتشويش على الخصوم، هما الزميلين مكرم محمد أحمد حسبو وفاروق عبد السلام ( يرحمة الله ) لتعقب وصلة الرقص بالأكتاف والأرداف دعوتهما بعض الزملاء الصحفيين المؤيدين لمرشح الحكومة لجلسة سُكر في " بار شينو" على حساب الحكومة!!

.. وفي يوم الانتخابات كان الذي يتولى قيادة غرفة العمليات من سيارة مجهزة في شارع شامبليون هو حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية آنذاك؛ فقد كان مقعد نقيب الصحفيين أغلى " كرسي في مصر" .

صلاح جلال
.. لكن للأمانة أنه عندما خلط الرئيس السادات بين الصحفيين الذين ينتقدون سياساته، والإساءة لمصر وطلب شطبهم من عضوية النقابة؛ وقف الأستاذ صلاح جلال ليقول له : " أن للشطب من عضوية النقابة ضوابط في القانون ليس من بينها ما يقوله الرئيس "؛ لينبري الرئيس ليسأل من حوله في إهانه متعمدة للنقيب: " مين الأستاذ ؟! "؛ .. لتحاول السيدة جيهان السادات انتشال النقيب من ورطته بقولها : " ده الأستاذ صلاح جلال نقيب الصحفيين يا ريس .. حد ما يعرفوش ؟!! " .

.. لتنتهي مدتيّ الأستاذ صلاح جلال بقيامه بإعلان زائف عن فوز الأستاذ ابراهيم نافع لمنصب النقيب؛ ليطارده الصحفيون حتى الشارع وتقوم الزميلة الأستاذة تحية عبد الوهاب الصحفية بـ " روز اليوسف " بضربه بالحذاء وسط ذهول المارة في شارع عبد الخالق ثروت الذين اعتقدوا أنه لص سرقها أو ذو داء تحرش بها؛ ليسود القول في الوسط الصحفي أن : " الأستاذ صلاح جلال قد دخل إلى نقابة الصحفيين بالدعم الحكومي ، وخرج منها بأحذية الصحفيين !! " .

.. كانت تلك المقدمة ضرورة لا بد منها للدخول إلى أزمة مفتعله أجاد النظام استغلالها عبر " تصيّد الخطأ " بما لا يخدم سوى أعداء الوطن!!، . . نعم هناك أخطاء وليس خطأ .. خطأ في التعامل مع أزمة الزميلين المعتصمين في مبنى نقابة الصحفيين والمطلوبين للمثول أمام جهات التحقيق !! وخطأ في التصعيد غير المبرر من نقيب الصحفيين الحالي الأستاذ يحيى قلاش ومجلس النقابة !! وخطأ في تعلية سقف المطالب في التوصيات الصادرة عن اجتماع أعضاء من الجمعية العمومية الذي لم يتجاوز الـ 800 عضو في الخلط المتعمد بين النقابي والسياسي !!

.. لكن كل هذا ليس مبرراً لسلسلة الأخطاء على الجانب الآخر وأهمها خطأ الانجرار إلى محاولة اختطاف نقابة الصحفيين، وخطأ محاولة وضعها قيد الإقامة الجبرية باحتجازها في " حظيرة الحراسة "، .. وليس مبرراً لخطأ محاولة إنزال العقاب الجماعي بالصحفيين جميعاً ( 9000 عضو ) .. لأخطاء ارتكبها بعضهم !!

.. قد يحاول البعض من المقربين من الرئيس استغلال ثقافته العسكرية والتي لم يفصل بينها، وبين الحياة المدنية سوى بضع ساعات في أن يزينوا لسيادته جدوى العقاب الجماعي الذي يأتي متوافقاً مع طبيعة الانضباط العسكري التي ترفع مبدأ " الحسنة تخص .. والسيئة تعم" في قيادة التشكيلات .

.. يا سيادة الرئيس : قد يكون ذلك مجديا ونحن بصدد ممارسة سلطة انضباطية قوامها إطاعة الأوامر .. لكن مع الصحفيين فالأمر جد مختلف!! .. ففكر في الأمر مليا ً؛ فمصر دائماً وأبداً فوق الجميع  .

قد تكون مستاء من مطالبة سيادتك بالاعتذار عن ما لم تفعله !!، لكن هناك  أيضا ما يستوجب الاعتذار؛ فنحن طرف في عقد اجتماعي قطعته على نفسك بشأن ميثاق الشرف الصحفي، ولم تفي به إلى يومنا هذا، وهو ما أوصلنا إلى ما نحن فيه!!

 .. كما أن أطراف الخصومة الأخيرة .. وزارة الداخلية .. هيئة النيابة العامة .. نقابة الصحفيين .. مطالبون جميعاً بالاعتذار لشعب مصر؛ .. فالفرق واضح ولا يخفى على أحد بين الحق وبين التعسف في استخدام الحق، وبين حق التقاضي وبين إساءة الحق في التقاضي وبين شرف الخصومة وبين اللدد في الخصومة ..  ذلك أقرب للتقوى .
فتذكر يا سيادة الرئيس أن : " إن اصطناع الطاعة لا يقل جرما عن تعمد المعصية .. لكن جريمة تصيّد الخطأ أكثر بشاعة من كليهما ".

.. ونحن يا سيادة الرئيس نعاهد الله أننا لن نصطنع طاعة لك أو لغيرك في غير صالح الوطن .. ولن نسقط في معصية تضر بمقدرات الوطن وأمنه وسلامة أرضه وكامل ترابه ومصالح أهله ، .. ولن نقبل أن يُتصيّد لنا الخطأ، ما دمنا نمتلك شجاعة الاعتذار، والقدرة على تصحيح الخطأ العفوي الدارج الذي لا ينقطع طالما كان هناك بشر وكانت الحياة مستمرة.

.. فانظر ماذا ترى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق