الثلاثاء، أكتوبر 08، 2019

يوميات الغرفة 7023 .. رسائل الحب والألم ، د . عفاف جمعة

يوميات الغرفة 7023

رسائل الحب والألم

د. عفاف جمعة







الإهداء :

ـــــــــــــــ

إلى زوجي الكاتب الصحفي الأستاذ ياسر بكر
حارسي الأمين وحصني المنيع وخندقي الأخير
في زمن تقطعت فيه صلة الأرحام وأواصر المودة في القربى،
 وتمزقت روابط الصداقة، وسقط حق الجار.
د .عفاف جمعة



مقدمة :
ــــــــــ

.. لماذا هذا الكتاب ؟!

.. ولماذا الإصرار على إصداره رغم نصح الكثيرين بعدم الإقدام على ذلك الصنيع؟!؛ .. نصحني زوجي بأن أحتسب معاناتي وألامي عند ربي، وأن أصبر الصبر الجميل الذي لا يحمل في ثناياه أوحناياه أي ضيق أو مضض أو ضجر أو تأذي، وقد فعلت، والحمد لله وأدعوا الله أن يمن علىّ بالشفاء الذي لا يغادر سقماً إنه سبحانه وتعالى ولى ذلك والقادر عليه .

.. وارتأى بعض الأصدقاء أن في هذا الفعل ما لا يليق لما ينطوي عليه من إفشاء للخصوصية واجبة الستر.

.. لكنني أرى أن ما جاء بين صفحات هذا الكتاب لم يرد به أي ملمح لإفشاء الخصوصية "واجبة الستر" ـ كما يزعمون ـ لكونه تعبير عن حالة عامة يعاني منها ويكتوي بنارها ليل نهار مرضى المصريين؛ لذا فالكتاب يعد تجربة غير شخصية وسيرة غير ذاتية؛ فقد مر الكثيرون بأحداث وتداعيات مماثله لما جاء به ممن لا يملكون شجاعة المكاشفة والبوح والفضفضة!! إضافة إلى أنني اعتبره شهادة حق من يكتمها أثم قلبه إضافة إلى كونه بلاغ إلى الرأى العام وإلى من يهمه الأمر عما فعلته الرأسمالية الطائشة ومستشفياتها العقورة في المريض المصري تسرق أمواله بلا رحمة، ولا تقدم له علاجاً يعني موت وخراب ديار في ظل انحسار مظلة الرعاية الصحية الحكومية، وانسحاب المستشفيات الحكومية من المشهد، وانسحاق أطباء وزارة الصحة وتدني كفاءتهم المهنية وانحطاط مستوى أدائهم الذى يعد أحد أبرز مظاهره الإصرار على وصف الدواء في تذاكر العلاج بمسماه التجاري المتداول في الأسواق مثله في ذلك مثل مشتريات البقالة من السوبر ماركت، ودون ذكر الأسم العلمي ودون فهم التفاعلات الكيمائية بين مختلف العقاقير في الوقت الذي أعطي العالم للطبيب مهمة تشخيص المرض فقط، وترك للصيدلي مهمة وصف الدواء بعد نشأة علم الصيدلة الإكلينيكية Clinical Pharmacy الذي يعد أحد أهم الحقول المعرفية في مجالات تحديث المعالجة الطبية .

.. قد يلتمس البعض العذر للأطباء المصريين في ظل واقع تعليمي منحط، وواقع اجتماعي ومعيشي متردي، لكنه العذر الذي هو أقبح من الذنب وخاصة عندما يتعلق الأمر بحياة الإنسان .

.. لذا فقد رفضت كل المبررات التي ساقها المدلسون وشهود الزور والمتواطئون بالصمت الخائن الجبان الذين طلبوا مني تكتم الأمر وعدم كتابة شهادتي، وأن أمضي إلى نهايتي في صمت بدعاوى تحمل نتن وتخلف التواكل وتخلو من بركة التوكل على الله سبحانه وتعالى وحسن الظن به، ونقلت للجميع كيف أُصبت في إحدى المستشفيات الكبرى بالإسكندرية بما يُسمى طبياً الصدمة الأنتانية Septic Shock وهى حالة طبية شديدة الخطورة أكد الأطباء لزوجي أن النجاة منها تكاد تكون منعدمة، وأن نسبة الشفاء منها حال حدوث معجزة إلهيَّة 1 % تقريباً (جاء في مراجع الطب أن نسبة التعافي منها 20% تقريباً)، وأصبحت على حافة السقوط في بئر الغيبوبة العميقة Deep Coma، وقال زوجي بهدوء أدهشني لـ (م . ش) طبيب مستشفى مركز البحوث الطبية بجامعة الإسكندرية :

ـ من فضلك عايز سيارة إسعاف تنقل المريضة البيت !!

واعترض الطبيب قائلاً :

ـ دي حالة عناية مركزة .

.. وراح الطبيب بأسلوب التاجر المنحرف في التسويق لسلعة معيبة أصابها الركود يعرض أسماء المستشفيات وأسعار غرف العناية المركزة بكل منها والتي تراوحت أسعارها بين 15 ألف جنية، و5 ألاف جنية لليلة الواحدة . 

كان زوجي وبعد تجربة طويلة ومريرة مع مستشفيات عديدة يدرك أن حكاية "غرف العناية المركزة" ما هي إلا وسيلة لسرقة أموال المرضى وذويهم عبر استمالات التخويف والإيهام بالخطر، ولم تكن تلك الغرف في حقيقتها سوى غرف للقتل البطئ بالإهمال والترك، خاصـة أن أغلب المستشـفيات ـ تقريباً ـ ملوثة وتعد منشأت ناقلة للعدوى .

وانتقلت إلى المنزل كان زوجي قد أعد تجهيزات مستشفى بغرفتي، وقام بتدبير عناصر التمريض النهاري والليلي، والاتفاق مع فريق من ثلاث أطباء يتنابون عملية الإشراف الطبي المنزلى حال الاستدعاء In call of duty، .. والحمد لله بفضل الله سبحانه وتعالى، وبما توافر من أخذ بأسباب الرعاية المنزلية Home Care تجاوزت الأزمة والحمد لله.

.. الدافع الأهم لكتابة شهادتي أنني صيدلانية أعرف الكثير من خبايا وخفايا البقع المعتمة في عالم المتاجرين بالدواء وصحة البشر وقد تصديت لفساد بعضهم أثناء خدمتي في مستشفى الحسين الجامعي ـ  جامعة الأزهر في وقائع يعرفها القاصي والداني وتتناقلها الأجيال إلى يومنا هذا!! ومن موقعي المهني أدركت جرائم مافيا شركات الدواء والمتعاونين معهم من بعض كبار الأطباء المعطوبين أخلاقيا من خلال "الإغواء بالمصلحة" والذي يتمثل في ( الأموال ـ سفريات الترفية ـ الدعوة لمؤتمرات تخفي في باطنها عكس المعلن ـ تجديد العيادات ـ تغيير ماركات السيارات ـ التكفل بدفع فواتير مشتريات الزوجات ـ الترويج لهؤلاء الأطباء في وسائل الإعلام وتسويقهم باعتبارهم نوابغ عصرهم)!!، وقد شهدت بعيني القبض على أ. د. مصطفي السيد في غرفة العمليات بمستشفى الحسين الجامعي حيث كان يستولي لنفسه على دعامات القلب الفرنسية الصنع والغالية الثمن ويستبدلها بدعامات صينية ردئية الصنع ورخيصة الثمن مما تسبب في وفاة العديد من المرضى الذين أُجريت لهم عمليات تركيب الدعامات، وقد شاءت الصدفة البحتة أن ألتقى باللواء دكتور سامي أبو النور رئيس القسم الطبي بالرقابة الإدارية الأسبق الذي قاد فريق التحريات والقبض على الطبيب اللص، وقد حكى لي سيادته من الفظائع ما يشيب له الولدان .

.. ولكوني صيدلانية فأنا أعلم كما هو مثبت في مراجع الطب أن 95% من الأمراض المعروفة لنا غير معروفة السبب Idiopathic وأن ما يتم من ممارسات علاجية حيالها هو معالجة للعرض فقط ، ولا علاقة له بعلاج المرض أو محاولة فهم أسبابه !!

السبب الأخير لإصراري على كتابة شهادتي أنني عُدت إلى الحياة كما يقولون من "خرم إبرة" من خلال تجربة في العلاج أُصر على نقلها لمن يرغب عسى أن تكون علم ينتفع به يضاف إلى مخزون المعرفة الإنسانية.

.. التجربة التي سأكتبها عبارة عن ممارسات تم فيها مزج الطب التقليدي Traditional Medicine بالطب التجانسي أو الطب البديل أو المعالجة المثلية Homeopathy الذي أرسى مبادئه الطبيب الألماني صمويل هانيمان ويقوم على إعادة التوازن للجسد بمواد طبيعية، .. وأيضا تم الأستعانة بماء جاء في مخطوطات الطب الشعبي ومنتجات العطارين للإستعمال الظاهري في علاج قرحة الفراش Bedsore التي يُصر الأطباء المعالجون بالطب التقليدي أن لا علاج لها وأن نهايتها المحتومة الموت رغم أنه يمكن علاجها بمواد بسيطة تكاد تكون متوافرة في مطبخ أي سيدة مصرية !!

***

أخيراً أتمنى لكم موفور الصحة والعافية، وأتوجة بالشكر لزوجي الكاتب الصحفي الأستاذ ياسر بكر الذي عاونني في الصياغة الصحفية لمحتويات هذا الكتاب وإخراجه الفني .

د, عفاف جمعة
الإسكندرية في 6 أكتوبر 2019




 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق