الأحد، ديسمبر 06، 2015

مقدمة في " حرب المعلومات "

بسم الله الرحمن الرحيم



حرب المعلومات

ياســر بكر





 في محل الإهـداء
ـــــــــــــ
إلى أعظم من استهـــدفتهم مغالطات " حــــرب المعلومات " بطيش سهامها إفكاً وزوراً وبهتاناً

إلى المعصوم من الناس بالوعد الحق

  إلى ســــيدنا محمـد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم
ياسر بكر
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية :

2339  \ 2017
ـــــــــــــــــــــــ

الترقيم الدولي :
ــــــــــــــ
7 ـ 4588 ـ 90 ـ 977 ـ 978


المقدمة :

"ستكون أجوف؛ لأننا سنعصرك حتى تصبح 
خـــواء من كـــل شيء، ثم نمــــلأك بذواتنا"

جورج أوريل ( رواية العام 1984 ) 





هذا الكتاب كما يُفهم من العنوان الذي يحمله غلافه، والذي يكشف ـ مثل عنوان أي كتاب ـ عن توجهات مؤلفه ومضمون صفحاته، وفحوى محتواه .. هو كتاب يندرج تحت تصنيف ما يُسمى بكتب " القصص الكبيرة Big Stories " تلك الكتب التي تعني بحدث بعينه،  أو ظاهرة بذاتها وتحاول تتبع جذورها الضاربة في طول التاريخ، وعرض الجغرافيا من حيث النشأة، والتكوين، والتنامي والأسباب، والبواعث، والوسائل، والغايات، وتحاول أن ترصد مراحل نمائها وتطّورها، وازدهارها واتساع دائرتها في امتداد أفقي، أو تراكم أطوارها في بناء رأسي،.. أو انتكاسها، وتأكلها وانقراضها عبر الأزمان، وباختلاف ظروف المكان، وأحوال البشر، أعني الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمادية، والروحية .

.. وفي كل الأحوال غالباً، .. وعلى مدى التاريخ تقريباً، تؤكد الدراسات أن الحدث أو الظاهرة لا تنمو وتزدهر إلا في ظل بيئة حاضنة، وظروف تاريخية مواتية تحفز على اتجاه داعم لها من التشجيع والمساندة المجتمعية، وفى المقابل ـ أيضا ـ  تسقط وتنحسر عندما يدرك الجميع عدم جدواها؛ فيديرون لها الظهر؛ لتصبح في الذاكرة الإنسانية مجرد محاولة غير مجدية في تاريخ التطور الاجتماعي أو تجربة خاطئة في دورة الحضارة الإنسانية.

 .. وهذا الكتاب يعرض بين سطوره لقصة "التلاعب بالعقول والإرادات من خلال عمليات التضليل المعقدة والمُخطط لها"، وهى قصة تتخللها علوم التاريخ والسياسة والأديان والاقتصاد والفلسفة والتعليم والإعلام والفن والتكنولوجيا وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفس الجماعي*(1)، وتعتمد على اكتشافات عديدة، وتاريخ طويل من تطور الوسائط*(2)، وتعايشها ومجادلاتها فيما بينهاMedia debates  واندماجها في شكل الوسائط المتعددة Multi Media عبر التاريخ،* (3) .. بداية من البلاغة باعتبارها فن الاتصال الشفهي، ثم الصور وخاصة التماثيل التي اتخذت شكلاً مهماً من أشكال الاتصال والدعاية في العالم القديم باعتبارها وسيلة نقل المعلومات والإقناع .. ومع اختراع الكتابة كان الاتصال بالمخطوطات، وكانت البلاغة المكتوبة، وبدأت وسائط القلم والحبر والرسم، ومع اختراع الطباعة ظهرت البلاغة المطبوعة والكتب والصور المطبوعة، وفي بداية القرن التاسع عشر ظهرت الصحف،.. وبدأت سمات ما أطلق عليه بندكت أندرسون لاحقاً اسم : "الجماعات المتخيلة "*(4) وهي الجماعات التي لا تربط بينها صلات وشائجية سوي أنهم يقرأون ذات النص في آن واحد ، وتلتها وسائط البث السمعي، ثم البصري وصولاً إلي الإنترنت وفضائه الافتراضي أو الرمزي*(5)  Cyberspace  ..
ـ


.. و" حرب المعلومات " مثل غيرها من الظواهر القديمة قدم الإنسانية التي أُريد لها الاستمرار إلى يومنا هذا، وإن اختلفت التسميات*(6) وتغيرت الغايات وتعددت الأساليب وتنوعت الوسائط والتطبيقات؛ فالمعلومات ليست اختراعاً عصرياً، فهي الاحتياج الخامس للإنسان بعد الهواء، والماء، والطعام، والمأوى، وهي المورد الرئيس الذي بدونه لا يستطيع الإنسان استغلال أي مورد آخر؛ فمن يمتلك القدرة على تطبيقات المعلومة يمتلك بعض القوة، ومن  يتحكم في تدفق المعلومات، يمتلك بعض السلطة التي تمكنه من أن يحكم السيطرة على بعض مقدرات الآخر.

.. وقد عني هذا الكتاب بقصة " حرب المعلومات "  على مدى التاريخ المكتوب، .. والتاريخ هو نهر الزمان المرتبط بالماضي والدائم التدفق،  ونحن وحاضرنا بكل أحواله وظروفه وملابساته نتاج الماضى كله لا بعضه؛ لذا كان الاهتمام بتسليط الضوء على الأحداث الهامة التي تم توظيف المعلومات في إحداث وقائعها ودفع مجرياتها لتشكل محطات مفصلية في حركة التاريخ؛ لأن الحدث هو غالبا محصلة لأسباب والسبب أهم من المحصلة لأنه صانع لها . .



منهج البحث :
ــــــــــــــــــــــ
وقد انتهجت عدة مناهج تبعاً لما يقتضيه كل قسم من أقسام هذا الكتاب؛ فانتهجت أحيانا منهج : " البنية السردية " وأحياناً أخري : "المنهج التحليلي" وثالثة : "المنهج الجدلي" ورابعة : " المنهج الإسترادي "، وخامسة : " منهج الملاحظة بالمشاركة " وفي الجزء المتعلق برواية تجربتي الذاتية انتهجت منهج : " التأريخ من وجهة نظر المؤلف " .

***

.. وأخيراً .. أعتذر عن تلك المقدمة الطويلة ؛ لكنها ضرورة لا بد منها .. والله الموفق والمستعان .

ياسر بكر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق