الأربعاء، ديسمبر 02، 2015

ياسر بكر يكتب : عفوا .. يا سيد تاوضرس



ياسر بكر يكتب : عفوا .. يا سيد تاوضرس

.. يا راهب مصر .. اسمح لي أن أوجه إليك خطاباً مفتوحاً، وإن كنت أعتقد أنه ـ في واقع الحال ـ خطاب مفتوح إلي أهلي في مصر المحروسة أقباطاً ومسلمين، بداية .. لن أناقشك فيما عقدت أنت النية عليه واتجهت إرادتك لتحله واقعا؛ فهذا شأنك، وحقك الذي كفله لك الدستور وعضده القانون في حرية التنقل سواء في الحل أوالترحال، .. فلتمارس هذا الحق لكن دونما ادعاء أنك اختيار مقدس فكلنا يعرف كيف أُدخلت القرعة الهيكلية إلي طقوس الكنيسة تنفيذاً للإرادة السياسية في عصر الناصرية عام 1959 لاختيار شخص بعينه لأسباب لا علاقة لها بالعقيدة أو المصلحة الوطنية والتي ترى الباحثة القبطية ايريس حبيب المصري أنها مبدأ يهودي وأنه يحيد عن الطريق الأصيل !! .. وأيضا لا تدعي عصمة بما يلقي ظلالاً على أفعالك وتصرفاتك ويوهم البعض أنها سلوكيات لا يجانبها الصواب ولا يمسها الخطأ؛ فلا أحد مقدس في جميع الأديان، والعصمة لا تكون إلا للأنبياء ولست منهم وإن ادعي بعض ممن يعملون تحت مظلة رعويتك ذلك بقولهم : " بها ـ أي الكنيسة ـ أصبحنا شركاء الطبيعة الإلهية أي : نأخذ من صفات الله "

.. يا راهب مصر : سافر إلي دولة الكيان الصهيوني أو إذهب إلى نهاية العالم بسلامة الله وأمنه شريطة أن تعلن لأهلنا الأقباط أنه تصرف شخصى لا علاقة له بالعقيدة المسيحية أو بمؤسسة الكنيسة؛ وخاصة أن ما أدليت به من تصريحات إعلامية حول أسباب الزيارة والتي تنصب حول أداء واجب عزاء .. وهو ليس من الأسباب القاهرة التي تبيح محظوراً يحمل إساءة للقضايا القومية عندما يحذو إخواننا الأقباط حذوك؛ .. فزيارة الأقباط للقدس في ظل الظرف التاريخي القائم هو تصفية لما بقي من أركان القضية الفلسطينية وتلك جريمة والتواطؤ بالصمت عليها خيانة، .. ويزيد من جرمها كونها جريمة بلا دافع؛ فالحج ليس فريضة في الديانة المسيحية كما هو مفروض في الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا .. ليس معنى هذا أنني أصادر حق أهلي من الأقباط في شبوب عواطفهم إلى تلمس آثار السيد المسيح عليه السلام في الأماكن التي عاش فيها، والاغتسال في نهر الأردن الذي دنسه الصهاينة بتحويل مجراه والاستيلاء على 66 % من إيراد مياهه .
.. ذلك السيناريو الذي يجري استنساخه لنيل مصر، والذي تم بعثه من جديد بإحياء خطط قديمة بدأت مع هزيمة أوربا في حروب الإفرنج التي دعى إليها الراهب أوربان الثاني في أواخر القرن العاشر الميلادي والتي أصبحت تعرف في التاريخ الأوربي منذ القرن السابع عشر بـ "الحروب الصليبية ".. ولم يكن لتلك التسمية وجود قبل ذلك التاريخ ولم تتداول تلك التسمية إلا بعدما أصدر توماس فوللر كتابه " تاريخ الحرب المقدسة " في إطار تزييف التاريخ وإضفاء صفة المسيحية والصليب زوراً على حروب بربرية همجية لإكسابها طابعاً دينياً والابتعاد بها عن "الإرهاب " الذين يرمون به غيرهم زوراً .. ساعتها فقط وتحت هول صدمة الهزيمة تفتقت العقلية الشريرة ـ التي أبدعت محاكم التفتيش ـ عن محاولة تركيع مصر ؛ فأوعز " البوكرك " قائد الأسطول البرتغالي إلى الملكة هيلانة "ملكة الحبشة" بتحويل مجرى النيل وتعطيش مصر، فوافقت، وأرسل إلي ملك البرتغال ليبعث له عمالاً مهرة في قطع الصخور لإنجاز المهمة ولم يتم المخطط لصعوبات تقنية !!
.. وتم بعث السيناريو من جديد في زيارة هرتزل لمصر في عام 1903، تلك الزيارة التي عرض فيها على الخائن بطرس نيروز غالي توصيل مياه النيل إلى سيناء لتصبح وطناً بديلا للفلسطينين عن ارضهم .. وجاء رفض الفكرة من قبل اللورد كرومر لأسباب تتعلق باستقرار الوجود الإنجليزي في مصر .
.. حتي جاء الرئيس السادات في 1979 ليعلن توصيل مياه النيل لإسرائيل لتكون ماء زمزم الجديدة لجميع الأديان ـ على حد قوله ـ ،.. وإمعانا في حرمان أهلنا في سيناء من قطرة ماء تسقي عطشهم وتروي أرضهم ، قام الكفراوي وزير التعمير آنذاك بشق ترعة السلام فى أرض سهل الطينة تلك الأرض المتجددة الملوحة .. ثم كانت مؤامرة " سد النهضة " .!!
.. يا راهب مصر : خراب مصر هدف توراتي؛ كما ورد في سفر يوئيل الإصحاح 3 آية 19 : "مصر تصير خراباً " ولن تكون مصر خراباً إلا بجفاف النهر حيث يقول سفر إشعياء الإصحاح 11 الآية 15 " ويبيد الرب لسان بحر مصر" .. الذي هو النيل !! وجاء في نفس السفر في الإصحاح 19 الآية 5 : " ويجف النهر وييبس وتنتن الأنهار وتضعف وتجف سواقي مصر "؛ وفي نفس السفر وذات الإصحاح في الأية 2 جاء : "ويذوب قلب مصر داخلها، وأهيج مصريين على مصرين فيحاربون كل واحد أخاه وكل واحد صاحبه "،.. فلماذا أنت ذاهب إلي هناك ؟!.  
.. هل أنت ذاهب لتسمع أراجيفهم وسفهه أقوالهم واتهامهم للسيد المسيح عليه السلام بأنه "ابن زني"، أم أنك ذاهب لتسمع سبهم للسيدة الطاهرة مريم ووصمها بـ " الزانية "، أم أنك ذاهب لتقرأ في كتاباتهم أن السيد المسيح رجل ضال خرج عليهم فقتلوه، ولو أنهم كتبوا اسم كل من خرج عليهم وقتلوه لضاقت صحائفهم !!
.. يا راهب مصر : لماذا أنت ذاهب إلى هناك في الوقت الذي أطلقت العنان للكثير من أفراد رعويتك للإساءة إلى إخوانهم المسلمين عبر فضائيات يُبث بعضها من الأديرة والكنائس بالطعن في القرآن تارة وبسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم تارة أخري ؟! .. ألست معي يا راهب مصر أنه ليس من الكياسة أن يسئ البعض إلى شاهدي حق ( القرآن والنبي) .. شهدا بوجاهة السيد المسيح عليه السلام وسيادته وطهر أمه السيدة مريم .. وفي ذات الوقت يمجدون من نعتوه بـ " ابن الزني " ووصموا أمه بـ " الزانية "، ويقدمون الاعتذار إليهم مرتين مرة لكونهم اتهموهم زوراً بقتل المسيح ، واتبعوا ذلك بحذف آيات الدعاء عليهم في الانجيل والعظات والصلوات، .. ومرة أخرى لكونهم تقاعسوا عن نصرتهم ولم يكفوا أيدي النازي عنهم  . . في ذات الوقت التي تحمل بعض الأشداق النجسة وسخ القول لتلصقه بأشقائهم المسلمين .
.. يا راهب مصر : تدبر الأمر بحكمة يا رجل بما تعني الحكمة من احترام مشاعر شركاء الوطن وبما يندرج تحتها من منظومة قيم ومثل وثقافة مصر، .. ولا تلعب بالنار .. فربما تكون أول من يكتوي بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق