ياسر بكر يكتب : كأسك يا وطن !!
جعجة ، ولا طحن .. صخب وضجيج دون إنجاز ، تلك هى مفرادت الحالة المصرية ، وطبائع أمورها
كما يلخصها المثل الانجليزى : ( البراميل
الفارغة تحدث دوىّ أكثر !! ) ، والمٌحصلة أنه لم يبق لنا فى كأسك يا وطن ما نتجرعه سوى دموع الثكالى
وعبرات الجرحى ودماء القتلى ، وأوجاع البسطاء من أمثالى الذين يطرقون باب الله طلباً
للرزق وقوت العيال ، والشكوى لجلاله سبحانه من وقف الحال !!
قالها لى سائق التاكسى بعفوية
: ( جبتك يا ثورة تحمينى ، حميتى "المخلوع"
وعصابته ، وكوتينى !! ) .
ـ قلت : معك حق .
.. وسرحت بخيالى أتامل المشهد
من جانب القائمين على الأمر ، بين عبثية تحقيقات القتل فى الشوارع ، وهزلية محاكمات
رموز العهد الماضى ، وتدنى لغة الخطاب الإعلامى والسياسى ، والالتفاف على الإرادة
الشعبية ، والتدليس فى إصدار القوانين بمراسيم مولانا حضرة جناب (سارى عسكر) الذى أساء إلى الجميع
بداية من "الطعن فى الموقف الوطنى
" إلى "الاتهام بعدم الفهم
" فى حق رجال من شعبه وانتهاء بتصريحات غير مسئولة لتغييب دور الدولة واستعداء طوائف من الشعب على
أخرى فى محاولة مكشوفة ومفضوحة للتنصل من المسئولية السياسية عن الأحداث الدامية فى بورسعيد وغسل اليد منها !! .
حضرة جناب (سارى عسكر) لم يفى بوعد قطعه ، فلم ينحاز إلى مطالب الشارع ، ولم يسلم السلطة خلال ستة أشهر ، ولم يعد إلى ثكناته !! بل أبقى جنود مصر فى شوارع المدن لأكثر من عام نهباً لأمراض " المديّنة " والتى بدت عوارضها فى العنف والغِل غير المبرر تجاه أهلهم ، والتبول عليهم من فوق أسطح المبانى الحكومية ، وسحل النساء ، وتجاوز حدود اللياقة فى الحديث ، وانتهاء بالضابط الجالس أمام إحدى المؤسسات ماداً ساقيه يقرأ صحيفة وأمامه كوب شاى فى مشهد يفتقد الانضباط ، ويسئ إلى سمعة العسكرية المصرية التى نعرف قدرها ، ونضعها فوق رؤسنا تاجاً ، ونحملها فى ضمائرنا نبراساً ، حتى وإن حاول الأفراد العابرون على قيادتها فى ظروف عابرة وعوارض الأحداث النيل منها ، فنحن على يقين إنه اللمم الذى سيذهب جٌفاء وينسحب إلى هامش التاريخ ، ويمكث جيشنا فى الأرض ينفع الناس ، فهو دائما وأبداً خير أجنادها ، كما قال سيدى رسول الله ، وقوله الحق .
حضرة جناب (سارى عسكر) لم يفى بوعد قطعه ، فلم ينحاز إلى مطالب الشارع ، ولم يسلم السلطة خلال ستة أشهر ، ولم يعد إلى ثكناته !! بل أبقى جنود مصر فى شوارع المدن لأكثر من عام نهباً لأمراض " المديّنة " والتى بدت عوارضها فى العنف والغِل غير المبرر تجاه أهلهم ، والتبول عليهم من فوق أسطح المبانى الحكومية ، وسحل النساء ، وتجاوز حدود اللياقة فى الحديث ، وانتهاء بالضابط الجالس أمام إحدى المؤسسات ماداً ساقيه يقرأ صحيفة وأمامه كوب شاى فى مشهد يفتقد الانضباط ، ويسئ إلى سمعة العسكرية المصرية التى نعرف قدرها ، ونضعها فوق رؤسنا تاجاً ، ونحملها فى ضمائرنا نبراساً ، حتى وإن حاول الأفراد العابرون على قيادتها فى ظروف عابرة وعوارض الأحداث النيل منها ، فنحن على يقين إنه اللمم الذى سيذهب جٌفاء وينسحب إلى هامش التاريخ ، ويمكث جيشنا فى الأرض ينفع الناس ، فهو دائما وأبداً خير أجنادها ، كما قال سيدى رسول الله ، وقوله الحق .
فإذا أخذنا جانب رجل الشارع
فالمشهد من زاويته لا يقل سواداً ولا مأساوية ، فغول الغلاء ينهش كبده ، وإذلال
العجز يسحق ما بقى من آدميته فى طابور الخبز وأنبوبة البوتاجاز وطلب العلاج ، والتدهور
اليومى فى واقعه الاجتماعى المعاش أصبح حقيقة فى ظل انفلات أمنى ينغص عليه حياته ويهدد
أمن ممتلكاته ، ويروعه بخطف أبنائه ، وضياع قوت يومه بعد إصابة المصانع والشركات بالشلل وتعطيل حركة القطارات
والبواخر النيلية وقطع الطرق !!
الأخطر من كل ذلك هو سرقة تاريخ مصر من خلال نهب بعض مقتنيات المتحف المصرى ، ومتحف مصطفى كامل ، وإحراق المجمع العلمى وهى كلها محاولات تنطوى على الرغبة فى طمس الهوية الثقافية والتاريخية لمصر .
.. يزيد المشهد سوء خلو واجهته
من رجل رشيد ؛ فكلٌ يلقى تبعته على غيره ،
ويتبادل معه الاتهام ، ويحمله المسئولية ، والمحصلة هراء ، فلا غضبة
الشعب فى 25 يناير 2011 ، أقول غضبة ولا أقول ثورة !! ، قد اكتملت فاعلياتها بعد؛ فمازالت أقرب إلى الانقلاب العسكرى الناعم المغلف بغطاء من إرادة
شعبية منها إلى الثورة بمفهومها المستقر عليه فى تعريف الثورات ، ولا أحد
يعرف ما يدور برؤوس قادة الانقلاب !! ، والثوار لم يصلوا بعد إلى كابينة القيادة ، ولم يدعهم أحد إلى المشاركة
؛ والنظام الذى ثاروا عليه لم يسقط بعد فالسياسات هى السياسات ، والأحزاب هى
الأحزاب وإن تغيرت أسمائها ، والانحيازات هى الانحيازات،
ومازالت «عقلية» النظام المخلوع تسيطر على مفاصل وأوصال مؤسسات
الدولة فى الجيش والشرطة والقضاء والسياسة والإعلام والهيئات والبنوك !!
***
.. ونحن تائهون توهة الفأر فى المصيدة ، وقد بلغت قلوبنا الحناجر وضاعت من خطواتنا الطريق ؛ فلم نعد نعرف سوى طريق السير فى الجنائز
؛ نشيع شهدائنا ونشرب من دمعنا على قبورهم .
.. آه منك .. وآه عليك يا وطن ، لم يعد فى كأسك ما نتجرعه سوى مرارة الوجع
، وذل العجز وعار قلة الحيلة ، ولوعة الذكرى التى تنفع المؤمنين فى مواجهة عدو من فلول نظام غدار وخسيس ونذل وجبان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق