ياسر بكر يكتب : صحافة " الجليتر " في كتابات العملاء !!
( الحلقة الأولي )
منذ أن كتبت مقال بعنوان : ( صحافة المعلومات
.. و" صحافة الجليتر"!! )، والاتصالات
لم تتوقف حاملة في ثناياها بعض التساؤلات والاستفسارات الهاتف لا يكف عن الرنين
والبريد متخم، وكأني قد أتيت بدعاً أو أحدثت في دنيا الإعلام أمراً!!؛ صحافة " الجليتر" هي صحافة نثر الترتر
والخرز الملون لخطف الأنظار وصرف الانتباه
عن طبائع الأمور ومجرياتها وإنتاج وعي مزيف
و رأي عام لا يتوافق بإرادته الحرة مع الشروط الفعلية للحياة الاجتماعية القائمة.
.. كانت صحافة " الجليتر" أحد
أدوات الصهيونية العالمية لإلباس الرئيس السادات ثياب الخداع، وإدخالة إلى مصيدة
الخديعة بنثر الخرز الملون على صورته المتوهمة أو المتخيلة أو المراد رسمها في
الأذهان لتبدو أكثر بريقاً لإحداث حالة من الخدر والغفلة تغريه بخلع ثياب الوطنية
قطعة قطعة تحت مسميات براقة منها " رسالة حب للإنسانية " و"رسالة
سلام للعالم" فلما أصبح بلبوصاً؛ فمع كل غلاف مجلة قدم تنازلاً .. ومع كل
حوار صحفي قطعة من ملابسه وجزء من كرامته الوطنية ومع كل لقاء تليفزيوني فقدت
القضية العربية ركناً من أركانها حتى صارت قاعاً صفصفا، حتي أصبح مفلساً ولم يعد
لديه شيئاً من كروت الضغط أو ما يقدمه من تنازلات !!؛ جعلوه منبوذاً وبدأت تصفيته
معنوياً؛ فاتهموه بإدمان المخدر والتهافت علي الحشيش حتى صار شخصاً منفلتا لا يزن
أقواله ولا تؤمن ردود أفعاله .. ثم قتلوه!! .. لم تختلف كلمة الرئيس السادات فى
الكنيست كثيراً عن كلمة الرئيس اوباما في جامعة القاهرة !!؛ من البدء بالسلام تحية
الإسلام إلى الاستشهاد بآيات القرآن في ثلاثة مواضع؛ فكلاهما كان يأخذ من إطار
مرجعي واحد .
.. كان الأمريكان قد بدأوا اللعبة مع الرئيس السادات
بالترويج لأسطورة الداهية " الثعلب " الذي خدع الجميع، ثم أسطورة بطل الحرب والسلام .. وأنه واحد من أشيك عشر
رجال على مستوى العالم ، وأنه صاحب فكر صاغه في كتابه بعنوان : "البحث عن
الذات" بما يجعله مستحقاً لجائزة نوبل التي أصبحت صكاً رسمياً بالعمالة !!،
واسألوا ابنتي نجيب محفوظ عن الشخص الذي أبلغ والدهما بالحصول على الجائزة قبل
الإعلان الرسمي عنها بيومين ؟! ولم يكن هذا الشخص سوى شيمون بيريز !! .. واسألوا حواري
محفوظ ودراويشه ومريدية عن الروايات التي قدم لها محفوظ ونشرت في إسرائيل ، .. وعندما
واجهته بذلك في جلسة بكازينو قصر النيل في فبراير 1987 وقبل عام وثمان شهور من
الحصول على الجائزة، تعلل بأنهم شبان طلبوا منه التقديم لأعمالهم ولم يكن يعرف أنهم
سينشرونها في إسرائيل ولصالح دور نشر إسرائيلية ، وقد أبديت استحساني للتعليل،
وطلبت منه إصدار بيان بهذا المعني، وتكهرب الجو، ولم يكن أمامي سوى المغادرة ـ
تسجيل اللقاء على كاسيت بحوزتي لمن يرغب الاطلاع عليه من هواه المزايدة ـ كان
محفوظ احد الأمثلة المخفاة، فما بالنا بالمفضوح علي سالم مؤلف مسرحيات هدم القيم
التي تبلورت على مدى تاريخ الشعب المصري والتي اصبحت من دعائم أمنه القومي مثل
مسرحية " عفاريت مصر الجديدة" و" الكلاب وصلت المطار " و"مدرسة
المشاغبين " و " خشب الورد"!!
كتابات العملاء للترويج للثقافة الكولونيالية
ليست شيء مُحدثاً بل ظاهرة لها جذورها التي يمكن رصدها، وبعد الاستقلال الوطني ظلت
ملامح تلك الثقافة قائمة في كتابات العناصر الناقلة للعدوي من العملاء وخونة
الأوطان من الخلايا النشطة أو الخلايا النائمة !!
لم تكن كتابات الطهطاوي سوى ترويجاً فجاً
لأفكار السان سيمون الفرنسيين وفق رؤى توفيقية تلفيقية بين ما هو أوربي وما هو
إسلامي، .. حاجة كدة زي أغاني " الفرنكو أرب "، وسارت في نفس المضمار
كتابات قاسم أمين .. كان تجديد الخطاب الذي ادعاه محمد عبده صديق اللورد كرومر مسكونا
بروح الآخر الأوربي .. ويدعو إلي السخرية والدهشة أكثر من كونه خطابا مجدداً يجب
التوقف حياله وإمعان الفكر في مفراداته ومعانيه؛ فمحمد عبده الملقب بالإمام "
بتعريف الألف واللام" يقول عن الجن في القرآن : " ليس هناك جن والمقصود
بها شرورالنفس وسيئات الأعمال والأفكار الشريرة " ، ويقول عن "الطير
الأبابيل والحجارة من سجيل" أنها مرض الجدري، وردد عن الشخصيات التاريخية في
القرآن ما سبق أن افتراه مرجليوث ونقله عنه طه حسين لاحقاً من أنها ليست سوى تمثيلات
وليس لها وجود تاريخي!!، ولم يكن محمد عبده سوى أحد كوادر الماسونية التي تربت على
أيدي جمال الدين الإيراني " المعروف كذباً بالأفغاني " وهي مدرسة تدعو
إلى : " قطع رأس الدين بالدين " عبر التأويلات الفاسدة التي يضعها
المؤولون وتتبنى تفسيرات للنص تختلف عما جاء في أسباب نزوله.. وخلط الدين بالتراث!!
واستمرت تلك المحاولات على مختلف المناحي
للترويج لسلوكيات وأخلاقيات مسكونة بروح الآخر وفكره وتكون غايتها تشكيل المجتمعات
المحلية بما يقلل من الاختلاف بين الجماعات والمجتمعات والتي كانت البداية
التاريخية لفكرة "العولمة " عبر ما يسمى بـ " بوتقة الصهر "؛..
فترجم جلاد دنشواي أحمد فتحي زغلول باشا كتاب أدمون ديمولان بعنوان : " سر
تقدم الانجليز السكسونيين " سنة 1899 ولم يكذب محمد افندي عمر الموظف ببوستة
مصر العمومية الخبر فألف كتاباً على ذلك النهج في سنة 1905 أسماه : " سر تأخر
المصريين وتخلفهم" وضع فيه نقيض كل ما جاء بالكتاب السابق وجعله سبباً في
تأخر البلاد وتخلف العباد، وصدره بإهداء إلى مصطفى باشا فهمى رجل الانجليز في مصر
.
وسار على النهج حافظ عفيفي باشا في كتاب
بعنوان : " الانجليز في بلادهم " ، فلما غربت شمس الانجليز وبزغ نجم
الأمريكان ، كان لابد من عملاء جدد وعناصر ناقلة للعدوى تم إعدادها في مخابر
ومخابرات الأمريكان فتم تجنيد صحفيين مصريين لترويج النموذج الأمريكي كانت
باكورتها كتاب مصطفى أمين بعنوان : " أمريكا الضاحكة " .
.. وتخلى عباس محمود العقاد
الذي ألف كتب
العبقريات من داخل السفارة البريطانية بقصر الدوبارة وعمل في إذاعة الشرق لنصرة
الحلفاء إلى العمل بمؤسسة فرانكلين الأمريكية .. وكان أخطر ما ألصقه العقاد بمقام
النبوه هي صفة العبقرية، وكأن ما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس وحياً
يوحى، وليس تنزيلاً من لدن عزيز حكيم ..وإنما إبداع ذاتي أو ابتكار أو فكر شخصي لسيدنا
محمد . . وخاصة أنه ليس للعبقرية معني في اللغة بمعزل عن فكر وثقافة الخرافة التي تعتقد
بشياطين الشعراء ساكني وادي الجن المسمى بـ " وادي عبقر " وقد تم
توظيفها إصطلاحياً في اللغة بمعني : " قوة الخلق والإبداع عند الشاعر أو
الفنان أو الأديب أو العالم " وهو ما لا يمت لمقام النبوة بصلة، ومرادفها في
الانجليزية Genius وهي كلمة لاتينية مشتقة من الكلمة العربية : " الجن " وقد تم توظيفها اصطلاحياً وتعني حاد الذكاء خارق الموهبة .
عباس محمود العقاد |
.. ونعت العقاد للنبي محمد صلى الله عليه
وسلم بالعبقرية يباعد بينه وبين النبوة ويتوافق تماماً مع الفكر الغربي الاستشراقي
والمشارقي الذي يصف النبي بأوصاف لا تليق، ويصنف الإسلام تحت ما يسمى بالأديان الطبيعية أي
بشرية المنشأ والمصدر والتعاليم، ويساوي بينه وبين البوذية والزادشتية والكونفوشيسية .
.. وللحديث شجون وبقية ..
***
الحلقة القادمة : إحسان عبد القدوس وثقافة
العهر !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق