ياسر بكر
يكتب : لننجوا بمصر من الفوضى !!
لك يا
مصر السلامة ؛ .. فاسلمي .
.. الفوضى التي أقصدها هو الوقوع في براثن حالة
من التشرذم والتشظي نتيجة بعض الممارسات القضائية المنقطعة الصلة بصحيح القانون والمتمثلة
في ممارسة الانتقاء في تطبيق نصوص القوانين وممارسة الفرز في إعمالها بحق بعض
الأشخاص بما يجعل تطبيق القانون في مصر فيه "زينب" ـ على حد قول الفنان
فؤاد المهندس " يرحمه الله" في إحدى مسرحياته ـ .. ومن عندياتي أضيف وأؤكد بالفم المليان وبعقيدة
الواثق أن تطبيق القانون في مصر فيه زينب وعيوشة وأم الخير وذنوبه وذلابية وأم علي
!!، .. بمعنى : " تنوعت المفاسد والقصد واحد "، وما يستتبع استشراء
المفاسد من حلول فوضوية يغلب عليها السمة الفردية التي تشرعن لسلوك الانفلات
والبلطجة والتي يطلق عليها الرعاع "حرفة أخذ الحق ".
.. فقد كشفت أزمة إقالة المدعو أحمد الزند وخلعه
من منصب وزير العدل "بخلع الدرس " وتداعياتها عن ما أصاب الجسد القضائي في مصر من شواهد الوهن التي
أثارت مشاعر الاستياء في الشارع وزعزعت ثقته التاريخية في قضائه ؛ بما يهدد كيان
الوطن بأكمله لكون القضاء في كل الدنيا هو " الخندق الأخير" الذي يحفظ
للناس حقوقهم وكرامتهم وبدونه ينتظر الجميع النهاية والهوان ..
.. الحمد لله أصابت القيادة السياسية في نزع فتيل
الأزمة التي افتعلها رجل أحمق وكانت عين الله راعية .. تلك الأزمة التي لم يكن
يعلم مداها وعواقبها
إلا الله في ظل غضب شعبي متراكم نتيجة العجز المتنامي في تأمين الاحتياجات
المعيشية اليومية، والإحساس المتزايد بالإهانة عند التعامل مع مؤسسات الدولة
وارتفاع كلفة الخدمات الحكومية ورداءة كيفيتها ، فضلاً عن حالة إقصاء فصيل من الشعب والتنكيل به
وإثارة روح الكراهية بحقه وشحن بطاريات الغضب اليومي ضد معتقداته، وتحميل كل فشل
للنظام القائم في كل الملفات على شماعة ممارساته السابقة!!، وعبرت البلاد برحمة الله محنة عابرة في ظروف
عابرة على خير.
ذهب المدعو أحمد الزند إلى قصره الفخيم في التجمع
الخامس لينتظر قدره المحتوم، ويقال أنه غادر البلاد إلى أبو ظبي؛ فالرجل قد حامت
حول رأسه كالغربان السوداء شبهات الاتهام بالفساد والتربح من وظائف شغلها،.. وقٌدمت
البلاغات بالفعل بمجرد أن خرج الرجل من قوقعة الوظيفة وأصبح لزاماً على جهات
الاختصاص اتخاذ أمورها حيالها، وإن كنت أنا شخصياً لا أثق في الأمانة المهنية
للزميل الصحفي الذي ادعي أن الزند يقصده في حديثه المتلفز، وهذا لا ينفي أنني أثمن
ما نشره زملاء صحفيون آخرون في جريدتي " الأهرام " و "المصريون"
لما يتمتعون به من المهنية والأمانة الصحفية وحسن الخلق ومحمودية السيرة، والذين
تمت إحالتهم إلي محاكمة جنائية تحدد موعدها.
.. مبعث عدم الثقة في الأمانة المهنية للزميل
الصحفي الذي ادعي أن الزند قد قصده في حديثه المتلفز يرجع لكون الزميل قد دأب على
مهاجمة البعض لحساب بعض أصحاب المصالح المتضاربة بما يعني أنه " قلم للبيع"؛
فقد أصدر من سنوات كتاباً بعنوان "الكتاب الأسود " تناول فيه أداء أحد
الوزراء السابقين على غرار "الكتاب الأسود" الذي أصدره مكرم عبيد
للتعريض بالنحاس باشا والسيدة زوجته لحساب السراي وبدعم من أحمد حسنين باشا مع
الفارق فلم يكن ما جاء بكتاب الصحفي إياه سوى وجهة نظر أحد المهندسين الإستشاريين
الذي تحوطهم شبهة ويعد حلقة من سلسلة صراع اللصوص على اقتسام المسروق من قوت شعب
مصر، .. وقد تولى هذا المهندس طباعة الكتاب والترويج له في أوساط صناع القرار بعد
حرمان مكتبه من إسناد بعض أعمال التصميمات الهندسية الحكومية إليه.
لم تكن شبهات الاتهام بالفساد المالي والتربح
الوظيفي وحدها هي التي تحوط المدعو أحمد الزند فقد علتها وغطت عليها الغلطة "الطاغية
والقاتلة" بالإساءة إلى مقام النبوة بما ينطوي على شبهة جريمة ازدراء الأديان
والتي سبق أن سجن بسببها الصحفي أبو إسلام أحمد عبد الله و"المتفزلك"
إسلام البحيري والمتفرنجة فاطمة ناعوت .
.. هذا ما كشفته وقائع خلع المدعو أحمد الزند
"بخلع الدرس " أما تداعيات الخلع فهي أشد وأنكى ويجب أن يتم الإسراع في
معالجتها حتى لا يحدث ما لا تحمد " كعباه " حسب نطق الممثل محمد رضا
لكلمة " عقباه"؛ ففور صدور قرار إقالة المدعو أحمد الزند توجه أكثر من
مائتي قاضي إلى قصره المنيف لمدارسة تشكيل " خلية أزمة " لبحث ماذا
يفعلون للرد على إقالة الزند، .. وأصدر نادي القضاة بياناً تافهاً مضمونه أنه لا
يقبل بإقالة الزند، .. ونادي القضاة هذا مجرد نادي اجتماعي بما يعني أنه كيان هش
قائم بتصريح من وزارة الشئون الاجتماعية، ويمكن حله بجرة قلم لمخالفته لقرار
ترخيصه لتؤول اختصاصاته إلى قسم الموارد البشرية بوزارة العدل .
كان ثالث الأثافي هو إعلان بعض القضاة ـ حسب ما نقلته
بعض الصحف ـ أنهم لن يعملوا إلا تحت قيادة الزند وأنهم مستعدون لتقديم استقالة
جماعية للي ذراع الحكومة وعنقها !!
كانت الظواهر الثلاثة السابقة كاشفة بما لا يدع
شكاً إن بعض قضاة مصر قد غادر محراب العدالة المعصوبة العينين والتي لا
تبصر إلا الحقيقة القانونية، وأنهم قد غرقوا في بحور السياسة التي ابتلعتهم أمواجها المحملة بالهوى والغرض، وهذا مكمن الخطر
المحدق بالوطن ما لم يتم التصدي له بالشدة الواجبة .
سبق تحريك الاتهام بالعمل بالسياسة بحق
المستشارين أحمد مكي وهشام البسطويسي ونهى الزيني، وأخيراً صدر الحكم علي المستشار
زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة السابق بالإحالة إلي التقاعد، وقد لقي عبد
العزيز ـ حسب ادعائه المعُلن ـ من العنت أثناء التحقيق معه مما دفعه للتصريح على
طريقة النسوة المهمشات من قليلات الحيلة :" بأنه سيشعل النار في نفسه أمام
دار القضاء العالي ".
.. المطلوب الآن وقبل فوات الأوان إعمال صحيح
القانون بحق "عصبة القضاة " المشتغلين بالسياسة، والذين تحول ولائهم من
الولاء للعدالة وراعيها الله الواحد الحق العدل؛ فما الحكم إلا لله وإن نطق به قاض
.. تحولوا إلى الولاء لشخص أو مكتسب جاء على يديه من مال الدولة سواء كان هذا
المكسب بدل مصايف أو بدل منصة فالشخص لم يعط من جيبه الخاص، ولا من مال أبيه ، وفي
كل الأحوال من حق القاضي على الدولة أن تخصص له جُعل يكفيه ووسيلة مواصلات كريمة
تنقله إلى مجلس الحكم وخادم يخدمه .
.. وقد التزمت الدولة بحق القاضي ولم تقصر فيه، لكن
"عصبة من القضاة " لم تلتزم بواجب القاضي وسمت القاضي وآداب مهنة
القاضي؛ فوجب طردهم من الساحة الطاهرة غير مأسوف عليهم؛ وتطهير ثوب القضاء الناصع
من وصمتهم واقتلاع نبتتهم الخبيثة من محراب العدالة قبل أن يستفحل خطرها؛ ففي
الماضي القريب تم محاصرة مكتب النائب العام بواسطة عصبة من أعضاء النيابة العامة،
وتلى ذلك إصدار قاض في محكمة جزئية حكم برفض دعوى لبطلان قرار الإحالة لكون النائب
العام التي قضى بإحالتها قد تم تعيينه بالمخالفة للقانون رغم أن أوراق الدعوى قد
خلت من هذا الدفع، وأنه من المستقر عليه
فقهاً وقانوناً وقضاء أن القاضي لا يحكم بعلمه بل يحكم بما هو معروض عليه في أوراق الدعوى ومستنداتها
.، فما رأيكم دام عزكم لو أن القضاة الموالين للمدعو أحمد الزند قد قاموا بمحاصرة
رئيس مجلس الوزراء بزعم مخالفة الدستور في واقعة إقالة المدعو أحمد الزند ؟!! فمن
فعلها من أجلك ؟! قد يفعلها ضدك من أجل غيرك فقد غدت سابقة تحتذى !!
لذا وجب الحزم .. ثم الحزم .. لوضع الأمور في
نصابها قبل أن تتفلت من عقالها؛ لننجو بمصر من الفوضى وعبث الصغار !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق