ياسر بكر يكتب : صحافة
المعلومات .. وصحافة " الجليتر " !!
عاتبني بعض الزملاء على مقال كتبته في
الأسبوع الماضي بعنوان : " في نقابة الصحفيين .. دموع رجل تافهة " كان
زعم البعض أن للزمالة حقوق !! .. وكانت ذريعة الأخرين ما تمر به البلاد من مصاعب وأن
الرياح عاتية .. وأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو كائن !! كنت استمع لكلمات
الزملاء دون تعقيب مع وعد بالرد في مقال قادم !! كان البعض يصر على الحوار عله يجد
سبيلاً لعدولي عن رأيي وتقديم ترضيه لـ "لتافهة " الذي أعنيه .. ولكنني أصررت
على أن يكون ردي مقال مكتوب؛ فمنذ سنوات قطعت على نفسي عهداً آلا أدخل في ملاسنات يغلب
عليها الانطباع الخاص والشخصي، وتغيب عنها المعلومة المدققة الموثقة بما يفقد
الحوار أسانيدة المنطقية .. وقد يفقده شرفه وينتهي به إلي التجاوز غير المقبول في
ظل تقلص مساحة الآداب العامة وتدني مستوى أخلاقيات المهنة!! .. فما أكتبه ينشر في
بعض الصحف التي تعيد نشره على مواقعها الالكترونية وبما يتيح لكل صاحب وجهه نظر
التعليق عبر التعليقات التي تعد أهم وسائل التفاعلية النشطة Interactive Communication التي تحرص إدارات المواقع عليها وعلى الضوابط
الخاصة بها في إطار توازن الحقوق .. حقوق الكاتب ، وحقوق المتفاعلين مع ما يكتبه .
وقد حرصت دائماً على أن تكون المعلومة قوام
ما أكتبه، .. والوثيقة سنده؛ لذا كان غضبي، .. فما معنى أن يجتمع أمين المجلس
الأعلى للصحافة برئيس الجمهورية دون أن يتطرق اللقاء إلى قضية الصحفيين المعتقلين
والسجناء؟!! .. ليخرج علينا الزميل إياه بتصريح فج جاء فيه : " أن اللقاء كان
إيجابياً !! " .. عن أى ايجابية يتحدث الزميل أمين المجلس الأعلى للصحافة
وزملائه رهن السجون وأسرهم دون رعاية !!
.. وما معنى أن يتقاعص نقيب الصحفيين عن دوره
النقابي في دعم الزملاء في السجون بما يحفظ لهم كرامتهم وحقوقهم القانونية
والدستورية بما يحقق لهم إجراءات توقيف إنسانية وضمانات محاكمات عادلة .. ورعاية
كريمة لأسرهم حال تغييبهم !!.
وقد بلغ السيل الزبى بما يضعنا أمام حالة من الدهشة والعجب عندما
نطالع خطاب النقيب قلاش الذي يحمل رجاء للرئيس السيسي
حتى يتفضل
برعاية الاحتفال بالعيد الماسى لنقابة الصحفيين والذي يقول فيه
نصاً وبالحرف الواحد عن رعاية
احتفالية النقابة :
"سيكون لها معنى كبير يؤكد دعم مهنة ذات رسالة ودور فى التأثير
والوعى والمعرفة
وقضايا البناء والتنمية " .
.. ولم يذكر النقيب قلاش شيئاً عن النقابة
ودورها بوصفها قاطرة الحريات العامة والحريات الدستورية ولم يتحدث عن حق الوطن في
صحافة حرة تصون مقدساته وتحمي ثوابتة الوطنية ولم يذكر شيئاً عن حق الصحفيين على الدولة في تمكينهم من أداء دورهم دون إضرار بهم أو ترويع لهم أو مساس بأمنهم الشخصي أو أمن مؤسساتهم أو مصادرة لحريتهم أو مصادرة لصحفهم أو غلق لمواقعهم !!
.. هذا قليل من كثير بما يجعلني أعتقد أن كلام
البعض عن حقوق الزمالة .. وحالة البلاد بين الممكن والمستحيل وأنه ليس بالإمكان
أفضل مما هو كائن نوع من الدجل لتسويق واقع ردئ وشعوذة نقابية تخفي ورائها الكثير
من المفاسد، .. وأبسط الردود عليها هو :
لماذا لم يرعى الأستاذان أمين المجلس الأعلى
للصحافة ونقيب الصحفيين حق الزمالة لزملاء في أبلغ حالات الضعف الإنساني بعضهم بين
سجين ومعتقل أغلبهم من المرضى ؟!!!!
.. وأين مخصصات الرعاية الاجتماعية؟!! أم
أنها اقتصرت على مصايف ومشاتي أثرياء الصحفيين فقط .. بالطبع لا ننكر على الأثرياء
حقهم النقابي ولا ندعوهم للتنازل عنه، ولكن إجعلوا لفقراء الصحفيين وضحايا حالات الضعف الإنساني والمحن والكوارث
حظاً ؟!!!!
انتظر إجابات تحمل معلومات؛ فقد تعودت آلا أسمع كلاما لا يحمل في طياته معلومات؛ فهو
بالنسبة لي مجرد لغو وثرثرة لا طائل من ورائها!! وقد روبيت على آلا احترم من لا يحترم
عقلي .. أو يستنزف وقتي في "حكاوي القهاوي "، وأيضا قد وطدت العقل على
آلا أحترم كاتبا إلا بقدر ما يقدمه من
معلومات .. ولا أثُمن مكتوباً إلا بقدر ما يحتويه وعائه من رموز الملعومات؛
فالمعلومات هي حاصل معالجة البيانات ومعالجة المعلومات هي ما يتيح تحويلها إلى
معرفة يمكن الإفادة من تطبيقاتها عبر نتاج حالات ذهنية تتراوح بين الذكاء والحكمة
.
أما
عن البهرجة " الجليتر Glitter "
وصحافة نثر " الترتر" عبر الطباعة المتأنقة واللفظ الرنان والرطانات
اللغوية التي تخفي الفقر المعلوماتي في تجاويف اللفظ والخداع في ثنايا الإبهار، والتي
غدت مدرسة صحفية وحالة من حالات الفهلوة التي يمارسها صناع السيراميك وتجار
الأدوات الصحية ومندبو الإعلانات الممولون من جهات مشبوهة، وقد اصبحت تلك الصحافة من
سمات حياتنا، ولكنني لا أتوقف أمامها كثيراً؛ فهي أحد أشكال الاحتيال على خلق الله
، وإلهائهم عن واقعهم الاجتماعي، وخطف أبصارهم بعيداً عن موطن الداء الذي يتطلب
تغييراً اجتماعياً، وتشتييت انتباهم بأسلوب حواة الشوارع، وهو أسلوب لا يزيد
كثيراً عن محاكاة أسلوب النسوة في الأحياء الشعبية بعقد المنديل "أبو أوية
" الذي لا يزيد ثمنه عن بضع القروش في "زنقة الستات " أو "
درب البرابرة " وإغراقة بالترتر ليحمل بريق التاج، وكذلك أسلوب المهرجين
وعازفي مزيكة حسب الله في الموالد الشعبية في ارتداء الملابس الموشاة بالقصب المُذهب فيكتسب
المهرج مظهر الجنرال ويبدو الزمار في صورة القبطان لتحقيق البهجة والإبهار وتحقيق
التلاعب بوعي وإرادة البشر وخلق واقع خائلي لا علاقة له بالواقع المعاش. .
.. عفوا زملائي وأصدقائي ، لن أرضى بالدنية
لنفسي، ولكم ولنقابة تشغل المساحة الأكبر من أيام عمري وللمهنة التي عشقتها ولم
أرض بغيرها بديلاً؛ إنها صحافة المعلومات ، وللمتضرر حق الرد أو اللجوء للقضاء بما
يحفظ للناس حقوقهم وكرامتهم ، .. وعلى من لم يعجبهم كلا الخيارين السابقين أن
يعملوا فكرهم في أمورهم بما يرونه مناسباً
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق