الثلاثاء، فبراير 19، 2013

ياسر بكر يكتب :.. ليلة بكى عبد الناصر !!



.. وتعفنت الجثث على رمال سيناء
ظهيرة يوم الجمعة 9 يونيو، وبعد صلاة الجمعة التي زف خطباء المساجد للمصلين خلال خطبتها أنباء نصر أصبح على مقربة من أطراف الأنامل، بعد أن أكدته الأنباء في صدر صحف القاهرة هذا الصباح، ونقل راديو صوت العرب إليه عبر ميكرفونه صوت دقات بيادات الجنود المصريين على أعتاب تل أبيب .. تناول شعب مصر طعام الغداء، وخلد إلى الاسترخاء في ساعات القيلولة بعد أن وضع بشائر النصر تحت وسادته .


.. ومع نسمات قبيل الغروب وفي تمام الساعة السابعة والنصف، لم تكن المفاجأة في الحسبان، فقد أفاق شعب مصر من سكرة الأوهام على كابوس الهزيمة، ينقلها إليه صوت عبد الناصر مختلطاً بالحشرجة التي تكاد تصل إلي حد البكاء مثل النساء على وطن لم يستطع الحفاظ عليه مثل الرجال !!

كان عبد الناصر يكذب بما لا يليق بكرامة القائد ولا يتفق مع مبادئ الشرف العسكرى؛ ليبرر الهزيمة التي صنع بيديه أسبابها صنعاً وانتقى خسائرها على عينه مختاراً أن يتلقى " الضربة الأولى" وآلا يكون البادئ بالهجوم، وبهذا القرار قطع نصف الطريق إلي الهزيمة قبل أن تطلق إسرائيل طلقة واحدة !!، .. وبالتأكيد لم يكن عبد الناصر جاداً فيما أبداه من رغبة التنحي؛ فمن يريد التنحي لا يحدد المهام العاجلة، ولا يضع الخطط المستقبلية، ولا يفرض وصايته على الشعب باختيار من يخلفه وكأن مصر إقطاعية ورثها عن أبوه .. علي الرغم أنه  لم يكن يملك سلطة تعيين رئيس جمهورية خلفاً له، ولم يكن ذلك من حقه طبقاً للدستور الذى كان معمولاً به آنذاك ؟!!!

الحدث :

في تمام الساعة 45 : 8 ( حسب التوقيت الصيفي لمدينة القاهرة )، صباح يوم الاثنين  5 يونيو 1967 قام الطيران الإسرائيلي بالهجوم علي المطارات المصرية علي موجتين،  استهدفت الموجة الأولي المكونة من 185 طائرة عشر مطارات في وقت واحد، وهي مطارات : العريش، جبل لبني، بير جفجافا، بير تمادا، أبو صوير، كبريت، أنشاص، غرب القاهرة،بني سويف ، فايد؛ فقد تحدد زمن إقلاع الطائرات بحيث تكون فوق أهدافها في وقت واحد لتحقيق أكبر قدر من المفاجأة، بينما كانت الأوامر للجيش المصري بتقييد النيران، وعدم التصدي لأي طائرة في السماء لحين وصول طائرة المشير عامر لمطار بير تمادا .

وفي تمام الساعة 45 : 9 عادت الموجة الثانية من الهجوم المكونة من 165 طائرة لتضرب مطارات : المنصورة، حلوان، المنيا، ألماظة، الأقصر، الدفرسوار، حور غادة ، رأس باناس، مطار القاهرة الدولي ، وقبل غروب نهار الاثنين عادت الطائرات الإسرائيلية إلي تلك المطارات؛ لتعيد قصفها مستخدمة قنابل ذات مفعول خاص وتنفجر بعد فترة من الوقت وتحول دون إتمام محاولة الإصلاح .

وأصبح الجيش علي أرض سيناء المكشوفة في العراء، ودون غطاء أو دعم من سلاح الطيران، ليجد الجنود أنفسهم صيداً سهلاً للطيران الإسرائيلي بحصدهم بمقذوفات النابلم؛ فقد أرسلتهم القيادة السياسية إلي هناك بأسلحتهم الثقيلة، ولكن بدون ذخائر؛ لأن المهمة كانت في رأس القيادة العليا لم تكن سوى مسرحية سياسية " لتهويش " أمريكا وإسرائيل معاً.

..  ومع الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الثلاثاء 6 يونيو أصدر الرئيس عبد الناصر قرار بانسحاب القوات من سيناء، وطلب من المشير عامر إعداد خطة لذلك، لكن ضيق الوقت حال دون إنجاز تلك الخطة، فتم الانسحاب العشوائي؛ مما زاد من حجم الخسائر أثناء انسحابها للخلف خاصة عند اجتيازها المضايق .



خسائر الحرب :



احتلت إسرائيل سيناء ومرتفعات الجولان والضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة .

وبلغت خسائر القوات الجوية المصرية في 170 دقيقة 309 طائرة حربية من أصل 340 طائرة، منها 30 طائرة من قاذفات القنابل البعيدة المدى تي يو 16، و 23 محطة رادار، وعدد من قواعد الصواريخ أرض جو، واستشهد حوالي 100 من الطيارين البالغ عددهم 350 طياراً بينما كان معظمهم يحاول سحب الطائرات نحو المدرجات .



واستشهد 9800  رجل وأُسر 3799 رجل ( 481 ضابط ـ 3280 جندى ـ 28 مدني )، بينما كان الجرحى بالآلاف، وفقد الجزء الأكبر من عتاد الجيش، وتقول الإحصائيات عن هذه الخسائر أنها بلغت 17 % في الأفراد من القوات البرية، أما معدات القوات البرية فقد كانت 85 % .



ولم تخسر القوات البحرية شيء، لكنها أُجبرت علي التراجع إلي ميناء الإسكندرية، وإخلاء ميناء بورسعيد .

الحدث في صحافة القاهرة:
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   مع ظهيرة يوم الاثنين 5 يونيو 1967 التفت الجماهير العريضة في الشوارع حول أجهزة المذياع؛ للاستماع إلى البلاغات العسكرية التي أعدها الأستاذ محمد حسنين هيكل، كان كل بلاغ من البلاغات 16 يحمل إليهم بشرى؛ فيهللون ويرقصون فرحاً، ومع صباح يوم الثلاثاء صدرت صحف القاهرة الثلاث (الأهرام ـ الأخبار ـ الجمهورية)، وعلى صدر صفحتها الأولى العناوين التي صاغها الأستاذ محمد حسنين هيكل بالاتفاق مع الرئيس عبد الناصر كالآتي:

6 يونيو:

• قواتنا توغلت داخل إسرائيل بعد معارك عنيفة.
• أسقطنا 86 طائرة للعدو، بيانات إسرائيل تعترف بالخسائر الفادحة والتقدم العربي الجبار.
• حطمنا 3 هجمات في اتجاه الكونتيلا وأبو عجيلة وخان يونس وتراجع العدو.
• دمرنا 11 طائرة للعدو وهي تحاول قذف مطارات القاهرة والعريش والقناة.
• إسرائيل تفشل في محاولة لتعويق الملاحة في القناة.
• أخبار الانتصارات في الجبهة المصرية في سيناء وشرم الشيخ.
• الاتحاد السوفييتي يعلن أن تدخله متوقف على التدخل العسكري من الغرب.

7 يونيو:

• قواتنا تطارد في عنف وشجاعة مقاتلات أمريكا وبريطانيا.
• طائرات كانبيرا البريطانية بعلامتها الرسمية تشترك في عمليات الضرب الجوي في سيناء.
• 32 طائرة أمريكية تركت قاعدتها في ليبيا لدعم طيران العدو.
• معارك ضارية مستمرة عند العريش وأبو عجيلة والقسيمة.
• كبدنا العدو خسائر فادحة في الطائرات منها 9 فوق أبو عجيلة وخان يونس وأسرنا 8 طيارين.
• هجوم جوي مصري على كل مواقع القتال.
• البوارج العربية ضربت قلب تل أبيب.
• قتال وحشي مستمر بالليل والنهار.
• قطعنا علاقتنا مع أمريكا رأس المؤامرة.
• وقف الملاحة في قناة السويس.

8 يونيو:

• القتال مستمر بضراوة عنيفة.
• تمركزت قواتنا في خط دفاعي في سيناء.
• أسقطنا 25 طائرة في سيناء والسويس وشرم الشيخ.
• أبدنا إبادة تامة مجموعات من قوات مظلات الأعداء حاولت النزول في خط دفاع سيناء.
• حطمنا محاولة إنزال جنود مظلات في شرم الشيخ أثناء عملية تجميع قواتنا.

9 يونيو:

• وقف إطلاق النار.
• مجلس الأمن يعقد اجتماعاً طارئاً لتقرير وقف الحرب.
• حاربت قواتنا في جميع المواقع معارك لم يسبق لها مثيل في عنفها وضراوتها.
• قوات أمريكا وبريطانيا الجوية اشتركت بأعداد ضخمة لحماية العدو.
• المعارك مستمرة في سيناء.

البداية.. دائما كذبة:
ــــــــــــــــــــــــــــــ

    .. دائما ما تكون البداية كذبة، تورط الجيش المصري في مستنقع اليمن بكذبة أطلقها أحد العملاء اليمنيين المقيمين بالقاهرة في رعاية الأجهزة الأمنية، ووجد فيها الرئيس عبد الناصر الفرصة لإثبات زعامته في الشارع العربي وكسر حالة العزلة التي يعيشها بعد الانفصال عن سوريا.

    كانت الكذبة تقول: « إن الأمير بدر قد قتل، وأن أغلبية القبائل مؤيدة للانقلاب العسكري بقيادة العميد عبد الله السلال ».

   وفي 29 سبتمبر 1962 سافر العميل إلى اليمن مع كتيبة من الجيش المصري في ثياب مدنية، التي ارتدت الملابس العسكرية اليمنية فور وصولها إلى صنعاء.

   وفي صنعاء، كانت في انتظارهم المفاجأة، فالأمير بدر لم يقتل ونجح في الهروب إلى السعودية عبر الجبال، وبدأت السعودية في تنظيم القبائل للانقضاض على ثوار صنعاء.

   وبدأت المعارك وحوصرت صنعاء، وفكر أفراد الكتيبة في الهروب إلى عدن؛ لأن الانجليز سيكونون أكثر رحمة بهم من رجال القبائل؛ فقد دخل رجال القبائل إلى موقع مصري خارج صنعاء، وذبحوا كل الجنود وأخذوا رءوسهم، وفوجئ الجنود المصريون برفاق السلاح وهم جثث بلا رءوس.

   لم يكن رجال القبائل وحدهم في مواجهة الجيش المصري، فذلك يفوق قدرتهم، فالحقيقة أن الجيش المصري قد وقع في قبضة تحالف ثلاثي يشرف عليه في الخفاء تخطيطاً وتمويلاً المخابرات المركزية الأمريكية وتجار السلاح ورجال البترول، وتعضدهم غرفة عمليات في لندن مزودة بالخرائط الكاملة للجيش ومسرح العمليات، ويديرها روبرت كومر مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي.

   نجح كومر في إنهاك الجيش المصري في اليمن، وإهلاك معداته، وشغله عن مشاريع التدريب، وخاصة أن القيادة المصرية التي لعبت بالنار، لم تكن تعرف الكثير عن أرض اليمن، ولا عن طبيعة العادات والتقاليد التي تحكم عقلية رجال القبائل.
   استطاع كومر استنزاف الجيش المصري، وبدأ يفكر في توجيه الضربة القاضية له؛ وتحول تفكيره نحو سيناء؛ فكانت الكذبة الثانية!!

 الكذبة الثانية:
ـــــــــــــــــــــــ

   بدأت تداعيات هزيمة 5 يونيو 1967 بمعلومات مكذوبة عن حشد للقوات الإسرائيلية على الحدود السورية للاعتداء عليها، ففي مساء 13 مايو وصلت رسالة لاسلكية من اللواء أحمد سويدان رئيس أركان الجيش السوري إلى الفريق أول محمد فوزي تفيد:

   « إسرائيل استدعت الجزء الأكبر من قواتها الاحتياطية، وتحشد جزءاً كبيراً من قواتها أمام الجبهة السورية، يقدر بحوالي خمسة لواءات، وأنها تنوى الهجوم على سوريا مع استخدام قوات مظليين بكثافة، ومن المنتظر أن يكون هذا الهجوم بين 15 ـ 22 مايو 1967».

   وفى 14 مايو بتكليف من المشير عامر سافر الفريق أول محمد فوزي رئيس الأركان إلى سوريا للتأكد من حشد القوات الإسرائيلية والتنسيق العسكري بين مصر وسوريا.

   تفقد الفريق أول فوزي قيادة جبهة سوريا وبحث مع المسئولين الموقف لمعرفة مدى صحة المعلومات التي وصلت من سوريا والاتحاد السوفييتي وكانت النتيجة كما قال:
   « أنني لم أحصل على أي دليل مادي يؤكد صحة المعلومات، بل العكس كان صحيحاً، إذا شاهدت صوراً فوتوغرافية جوية عن الجبهة الإسرائيلية التقطت بواسطة الاستطلاع السوري يومي 12، 13 مايو 67 فلم ألاحظ أي تغيير للموقف العسكري العادي».*(1).

   ورغم التأكد من عدم صحة المعلومة، ورغم تأكيد الأمم المتحدة التي كان لها مواقع مراقبة على طول خط الحدود السورية الإسرائيلية بأنه لا يوجد ثمة دليل على وجود تلك الحشود، ورغم أن المصادر الإسرائيلية أذاعت أنها وجهت الدعوة للسفير السوفييتي في تل أبيب للقيام بزيارة للجبهة؛ ليتأكد من حقيقة الوضع بنفسه، فقد أصبحت المعلومة في حكم المؤكدة لدى القاهرة بسب تأكيد الاتحاد السوفيتي لها.

حقيقة المعلومة المكذوبة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     ظلت المعلومة المكذوبة، تشكل لغزاً من الألغاز الكبيرة في هزيمة يونيو 67 إلى أن كشفت عنها الوثائق الإسرائيلية؛ فقد كشفت دراسة أعدها قسم التاريخ في هيئة الأركان الإسرائيلية بعنوان: «أشكول أصدر أوامرك»، من إعداد عميد الاحتياط عامي جالوسكا، الذي شغل مناصب عليا في الجيش والشرطة وديوان رئيس الوزراء، وكان من ضمن فريق المفاوضات مع الفلسطينيين، وقد حصل الباحث بهذا الدراسة على درجة الدكتوراه من جامعة القدس، وهي مصنفة على أنها سرية جداً.
   كشفت الدراسة في فصل مثير الستار عن زيارة رابين لإيران في أول مايو 67، وذكر أن الشاه محمد رضا بهلوي ضغط على إسرائيل لمناوشة القوات المصرية في سيناء، ودفع مصر لسحب المزيد من قواتها في اليمن؛ لأنه كان يخشى من المد الناصري في اليمن على دول الخليج وإيران، وكان يرى أن مصر تشكل عائقاً لمد النفوذ الإيراني في الجزيرة العربية.

   وذكر رابين أن عدم استجابة إسرائيل للشاه أثارت لديه الشعور بالخجل والندم، لكن الشاه لم يعدم الحيلة في تحقيق أغراضه، والدفع بالأمور إلى حافة الهاوية؛ عبر تسريب معلومات استخباراتية مكذوبة بشأن نوايا إسرائيل مهاجمة سوريا، ونجح الشاه فيما أراد. *(2)

مظاهرة عسكرية:
ــــــــــــــــــــــــــــ

   وفي 14 مايو أصدر عبد الناصر قراراً بالتعبئة العامة، لتنفيذ الخطة الدفاعية الموضوعة (قاهر)، واتخذت الإجراءات التي تتطلبها التعبئة العامة لرفع مرتبات الوحدات إلى مرتبات الحرب، وإنشاء وحدات جديدة سبق تحديدها في خطة التعبئة.

   وتحركت قوات الجيش المصري في طريقها إلى سيناء في مظاهرة عسكرية متعمدة تحت عيون المواطنين والأجانب، تشيعها زغاريد النساء، وأخذت وسائل الإعلام في نشر هذه التحركات، بما يتعارض مع أبسط مبادئ وإجراءات الأمن الحربي، فالجيش ذاهب في نزهة قصيرة لإلقاء إسرائيل في البحر.

   وتحولت المظاهرة العسكرية إلى حرب حقيقية، لم تكن مصر والدول العربية جاهزة لخوضها، بينما كانت إسرائيل تعد لها منذ عام 57 نهاية حرب 56 التي خسرتها مصر، ولم يحفظ ماء الوجه للحكام الجدد من ضباط انقلاب يوليو 1952 سوى تدخل الأمريكيين والسوفييت، الذي صنع من البكباشي جمال عبد الناصر بطلاً شعبياً.

سحب قوات الطوارئ الدولية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفى 16 مايو أرسل الفريق أول محمد فوزي بتعليمات من المشير عامر خطاباً الجنرال ريكي يطلب فيه سحب هذه القوات من مراكزها على الحدود الشرقية على الفور، وكان رد ريكي الفوري أنه يجب الرجوع في هذا الطلب إلى يوثانت باعتباره موضوعاً سياسياً، وهو صاحب القرار فيه.

    ووافق عبد الناصر على إرسال الطلب عن طريق وزارة الخارجية، وكان الطلب سحب قوات الطوارئ المتمركزة على حدودنا الشرقية فقط، ولكن يوثانت أثار نقطة هامة كانت مثاراً للجدل، فقد كان يرى إما أن تنسحب جميع قوات الطوارئ الدولية الموجودة على حدودنا الشرقية وشرم الشيخ وقطاع غزة باعتبارها نظاماً متكاملاً، أو لا يتم سحبها، وتبقى في مواقعها، وكان القرار الذي اتخذته مصر هو سحب كل قوات الطوارئ، وصدر قرار يوثانت بسحبها في 18 مايو.


عبد الناصر يؤكد:
«ما فـيش حـرب»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
  
   وفي يوم 23 مايو طلب عبد الناصر أن يجتمع بالطيارين في قاعدة أبو صوير، في عملية أقرب إلى الدعاية منها إلى أي شيء في وجود المشير عامر والفريق عبد المحسن كامل مرتجى، قال عبد الناصر:

   « إسرائيل لن تحارب؛ لأنها كانت تقول: لو صعدنا العمليات الفدائية، ستقوم بحرب وقائية، وصعدنا ولم تفعل.. كانت تقول لو حشدنا في سيناء، وحشدنا في سيناء، ولم تفعل.. لو أغلقنا خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية.. وأنا هنا لأعلن للعالم كله.. غلق خليج العقبة في وجه الملاحة الإسرائيلية.. وأيضاً مش حتحارب ».

   وبعد انتهاء عملية التصوير، وخروج الصحفيين، سأل أحد الطيارين برتبة ملازم الرئيس:

ـ أفندم، سيادتك أعلنت إغلاق خليج العقبة.. ده معناه حرب.. إحنا دلوقتي جاهزين.. فتصدر لنا أوامرك وإحنا نعمل أي حاجة.
أجاب الرئيس:
ـ ما فيش حرب.. الموضوع سياسي.. وحيتحل سياسي..».*(3)
 

إغلاق خليج العقبة:
    ــــــــــــــــــــــــــــ

   وفى المساء تم إعلان غلق خليج العقبة.

برقبتي يا ريس:
ـــــــــــــــــــــــــ

   رواية أخرى وردت على لسان الرئيس أنور السادات، فقد ذكر السادات أن عبد الناصر جمع لجنة تنفيذية عليا في أواخر مايو 67 مكونة من المشير عامر وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي وأنور السادات وعلي صبري وصدقي سليمان رئيس الوزراء وقال لهم:

« إن حشودنا في سيناء تجعل الحرب محتملة 50 %، أما إذا أقفلنا المضايق، فالحرب مؤكدة مائة في المائة»، ثم التفت إلى عامر وقال له:

ـ «هل القوات المسلحة جاهزة يا عبد الحكيم؟».

فوضع عامر يده على رقبته، وقال:

ـ «برقبتي يا ريس.. كل شيء على أتم استعداد».*(4)

    لكن يبدو من رواية السادات الذي خانته ذاكرته في مواقع كثيرة وأحداث كثيرة، بما يجعل من روايته لا تستقيم مع المصادر التاريخية الأخرى ممثلة في صحف القاهرة الصادرة صباح 24 مايو 1967 وشهادات قادة حرب يونيو أمام محكمة الثورة،؛ مما يجعلنا نلتفت عن تلك الرواية لعدة أسباب منها:

   1 ـ من الواضح أنها شهادة مجروحة الغرض منها الإساءة للمشير الذي انتقل إلى جوار ربه دون أن تتاح له فرصة محاكمة عادلة يدافع فيها عن نفسه؛ لما سبق أن ذكره بعض الشهود من أن المشير أهانه بلفظ جارح (مبقاش إلا أنت ياابن... اللي هتعلمني شغلي)، عندما عاتبه في سحب القوات بدون خطة، وبسبب حرصه الدائم على مجاملة عبد الناصر.

   2 ـ أن قرار إغلاق المضايق اتخذ في يوم 21 مايو وأعلنه عبد الناصر أثناء لقاء بالطيارين في قاعدة أبو صوير يوم 23 مايو، والذي قال فيه للطيارين: «ما فيش حرب»، وأنه لو كان ثمة اجتماع من هذا القبيل؛ فلابد أن يكون سابقاً على ذلك التاريخ بيوم أو عدة أيام، وليس في أواخر شهر مايو كما يدعي السادات.

   3 ـ أن ثروت عكاشة قد ذكر في هذا السياق أن عبد الناصر قد اتخذ قرار إغلاق المضايق منفرداً، فقد ورد في مذكراته:

«.. وعندما دعا الرئيس جمال عبد الناصر أعضاء اللجنة التنفيذية العليا وبعض كبار المستشارين المسئولين للتشاور معهم، لم يكن الأمر في الحقيقة غير إبلاغهم بما قرره، إذ كانت الإجراءات قد اتخذت قبل دعوتهم». (5)
   4 ـ أن صلاح نصر قد ذكر في مذكراته أن قرار إغلاق الخليج لم يكن وليد الساعة وفقاً للأحداث التي كانت جارية والتي جرتنا للحرب فحسب، بل كان أيضا من الأغراض التي كانت تحت ذهن الراحل جمال عبد الناصر منذ أواخر عام 1966، وسط جيشان من الانفعال، والتأثيرات النفسية أساسها هدفان رئيسيان:

   أولهما: الرد على دعاية بعض الدول العربية المضادة بأنه كان يحتمي وراء القوات الدولية، وأن أقواله أكثر من أفعاله.
  
   ثانيا: مشاكسة الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على موقفها الداعم لإسرائيل.* (6)

   5 ـ أن حسن التهامي ذكر في مذكراته أن عبد الحكيم عامر قد دفع حياته ثمناً لإصراره على التحقيق في أسباب الهزيمة التي كان متأكداً أنها صنعت على أيدي عبد الناصر، حيثُ لفظ أنفاسه بين يدي الليثي ناصف؛ مما سبب إصابة الليثي بصدمة عصبية لم تفارقه حتى أرسله السادات للاستشفاء في لندن، وهناك سقط من الدور العاشر ومات ومعه سره وسر قتل المشير. *(7)

ورقة الحرب:
ــــــــــــــــــــ

   وبإعلان غلق المضايق قدم عبد الناصر على طبق من ذهب إلى إسرائيل الورقة التي تطلبها لبدء الحرب ضد مصر، وتستند عليها سياسياً وإعلامياً على المستوى الدولي كغطاء لهجومها المنتظر، فقد كانت تريد الحرب لكنها دائماً تنقصها الذريعة كي تبدو دائماً في دور الضحية التي تنال الاستعطاف.

تقديم الذريعة:
ـــــــــــــــــــــ

    قدم عبد الناصر لإسرائيل الذريعة التي كانت تنقصها لخوض الحرب ضد مصر، بعد أن فشلت في إيجادها أو محاولة اختلاقها على مدى شهور، فحاولت مرة اصطناعها بالإغارة على قرية «السموع» الأردنية يوم 13 نوفمبر 66 بحجة تدمير قواعد الفدائيين الفلسطينيين، وخسرت الأردن سبعين رجلاً بين قتيل وجريح، وعبرت الأردن عن خيبة أملها في كل من مصر وسوريا، لأنهما لا تتحملان مسئوليتهما في الصراع ضد إسرائيل، والحقيقة أن إسرائيل قامت بالإغارة ردعاً للأردن، ولاختبار رد فعل كل من سوريا ومصر بصفة خاصة والدول العربية بصفة عامة، ومدى قدرتها على العمل المشترك على ضوء قرارات القمة العربية، واطمأنت إسرائيل إلى رد الفعل السلبي من جانب العرب.

     ووجهت إسرائيل الاتهامات لسوريا بزعم أنها تقوم بتشجيع أعمال الفدائيين داخل الأرض المحتلة، وفي 7 أبريل 67 حدث اشتباك بالنيران على الحدود السورية تدخل فيه الطيران الإسرائيلي والسوري، وفقدت سوريا 6 طائرات، الأمر الذي وضع مصر في موقف حرج لارتباطها باتفاقية دفاع مشترك مع سوريا.
    واستمرت إسرائيل في خلق التوتر، لكنه لم يصل إلى الذريعة لنشوب حرب، ففي 12 مايو 67 أعلن الجنرال إسحاق رابين من إذاعة إسرائيل: «أننا سنشن هجوماً خاطفاً على سوريا، وسنحتل دمشق لإسقاط نظام الحكم فيها ثم نعود»،  لكن تهديدات رابين كانت مجرد كلام يكذبه الواقع الملموس على الأرض.

الجيش مقيد تحت أقدام العدو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   من خلال مجموعة من التصرفات لحكمة رجال الحكم والدولة وضع عبد الناصر الجيش مقيداً في سلاسل العجز تحت أقدام العدو؛ ففي 23 مايو قدم السفير الأمريكي بالقاهرة إلى محمود رياض رسالة من جونسون بتوقيعه إلى الرئيس عبد الناصر، يؤكد فيها حسن النوايا وأهمية تجنب القتال مشيراً إلى أن المنازعات لا يجب أن تحل بالاجتياز غير المشروع للحدود بالقوات المسلحة، ومقترحاً أن يقوم نائبه ـ هيوبرت همفري ـ بزيارة المنطقة لإجراء مباحثات مع الرئيس جمال والزعماء العرب وكذا زعماء إسرائيل إذا مرت تلك الأيام بغير قتال.

   وحضر يوثانت إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر في إطار عمل السكرتير العام لتهدئة الأوضاع بعد سحب قوات الطوارئ ودخول القوات المصرية إلى شرم الشيخ وبعد أن وافق عبد الناصر على مقترحات يوثانت، وجه إليه سؤالاً:
سيادة الرئيس: إن الإسرائيليين متخوفون من قيامكم بهجوم عسكري ضدهم، هل تعدني بأن مصر لن تهاجم إسرائيل؟

   رد عبد الناصر قائلاً: نحن لم نعلن في أي وقت أننا سنهاجم إسرائيل. إن إسرائيل هي التي هددت رسمياً بغزو سوريا، وما نفعله هو إجراء دفاعي لمنع هذا التهديد من أن يصبح حقيقة. وعلى ذلك (لن نكون نحن البادئين بالهجوم).
غادر يوثانت القاهرة في يوم 25 مايو متفائلاً بعد ما قبلت مصر مقترحاته والتأكيدات التي حصلت عليها من عبد الناصر، فلم تكن رحلته سوى جزء من الخداع السياسي الأمريكي فقط، بل كان من نتائجه الهامة التي أبلغت إلى إسرائيل وأمريكا ـ في حدود عمل السكرتير العام ـ أن مصر لن تكون البادئة بالهجوم.

   وفى فجر يوم 27 مايو أيقظ السفير السوفييتي بالقاهرة عبد الناصر من نومه لإبلاغه رسالة هامة من القادة السوفييت يطلبون فيها ألا تكون مصر هي البادئة بإطلاق النيران، وذكر أن الرئيس جونسون قد أبلغ الكرملين بأن مصر ستقوم بالهجوم في فجر هذا اليوم.

   وتلقى د. محمود رياض وزير الخارجية رسالة مماثلة تحمل تهديداً سافراً حيثُ جاء فيها: « إن على مصر أن تتحمل نتائج عملها إذا بدأت بفتح النيران».

   وإمعانا في الخداع أبلغت أمريكا مصر يوم 3 يونيو باستعداد جونسون لاستقبال زكريا محيى الدين نائب رئيس الجمهورية، وأعلنت القاهرة عن هذه الزيارة التي تبدأ يوم 5 يونيو، بينما كان هو اليوم الذي حددته إسرائيل للحرب.

   هكذا نجح الخداع السياسي الأميريكي في كشف نوايا عبد الناصر من أن مصر لن تبدأ عملاً عسكرياً ضد إسرائيل.


   .. بتصرفات صبيانية بلغت قمة العبث، وضع عبد الناصر الجيش مقيداً في سلاسل العجز تحت أقدام العدو!! وقد وصف عبد الناصر أسبابها في حوار مع عبد اللطيف البغدادي بقوله:

« أصلي لقيت العالم العربي نايم ويائس.. فحبيت أصحيه ».*(8)

مش خرع زي إيدن:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

   في يوم 28 مايو 1967 عقد عبد الناصر مؤتمراً صحفياً مع مندوبي الصحف ووكالات الأنباء، وتم نقله على الهواء إلى الجماهير عبر وضع مكبرات الصوت في الميادين والساحات الشعبية، وأجاب عبد الناصر عن 44 سؤالاً، قال عبد الناصر العديد من التصريحات التي تعجب العوام:

ـ لن أتزحزح ولن أقبل أي مساومة.
ـ سندافع عن سيادتنا إذا تدخلت أمريكا عسكرياً.
ـ إنني أتوقع هجوماً إسرائيلياً في أي لحظة.
ـ أي اعتداء سنواجهه بحرب شاملة.
ـ بريطانيا لم تتعظ من حرب 56.
ـ أمريكا تثير ضجة مفتعلة بانحيازها الكامل لإسرائيل.
ـ سوف نُلحق بالمعتدين أضراراً لا يتصورونها.
ـ أنا مش «خِرع» زي إيدن بتاعكم ولسه محصلتش 50 سنة وصحتي كويسة والحمد لله.

   كان هذا جواب عبد الناصر رداً منه على سؤال لأحد الصحفيين الأجانب الذي سأله عما إذا كان لا يزال في مقدوره مواجهة معركة عسكرية، كما واجهها أثناء أزمة السويس بعد أن كبر سنه الآن.

مقــال هـــيكل عن
« الضربة الأولى»
ــــــــــــــــــــــــــــ

   كانت كتابات هيكل تمثل من وجهة نظر الكثيرين الرؤية الأيديولوجية المعتمدة لدى عبد الناصر، فما كان يكتبه هيكل يبدو كما لو كان عبد الناصر قد قاله، وكانت أجهزة الاستخبارات تقوم بترجمة تلك المقالات وتحليل محتواها لتوضع على مائدة متخذي القرار.

   وكتب هيكل عن الضربة الأولى في مقاله «بصراحة» بتاريخ 26 مايو، بعنوان: « الصدام بالسلاح محتم.. لماذا؟»:

« إنه لا بد لنا أن نتوقع أن يوجه العدو إلينا الضربة الأولى في المعركة، لكنه يتعين علينا ونحن ننتظر الضربة الأولى من العدو أن نقلل إلى أقصى حد مستطاع من تأثيرها ثم تكون الضربة الثانية في المعركة، وهي ضربتنا الموجهة إليه رداً وردعاً ـ ضربة مؤثرة إلى أبعد حد مستطاع..».

كان المقال أشبه بنكتة حمقاء، فلم يحدث في التاريخ أن أعلنت دولة إستراتيجيتها في الحرب علناً!!

اجتماع 2 يونيو:
ــــــــــــــــــــــــــ

   وفي 2 يونيو اجتمع عبد الناصر بقادة القوات المسلحة بمقر القيادة، وكان تقديره للموقف قد تغير عن التقدير السابق الذي أعلنه في لقائه بالطيارين في قاعدة أبو صوير، فقد أعلن للمجتمعين أن:

   « إسرائيل ينتظر قيامها بعملية هجومية ضد مصر خلال 48 ـ 72 ساعة وتوقع أن تبدأ عدوانها بتوجيه ضربة جوية ضد قواتنا الجوية ووسائل الدفاع الجوى للحصول على السيطرة الجوية، وأثناء المناقشة قرر قبول تلقي الضربة الأولى لأسباب سياسية حتى لا يكون بدء الحرب من جانبنا، وطلب الاستعداد لمواجهة الموقف وتقليل الخسائر.

   اعترض الفريق صدقي محمود على هذا القرار وبعد أن طالت المناقشات، التفت عبد الناصر نحو المشير الذي قال: طيب يا صدقي تحب تضرب الضربة الأولى وبعد كده تحارب أمريكا؟، ورد الفريق صدقي: إذا كان الوضع كده يبقى أمري إلى الله.

   وسأل عبد الناصر الفريق صدقي محمود عن نسبة الخسائر عند تلقي الضربة الأولى، فكان رده أنه يتوقع أن تكون ما بين 10ـ 15 %، فذكر الرئيس أن هذا يرضيه، كانت تقديرات الفريق صدقي محمود مبنية على تقارير المخابرات العامة والمخابرات الحربية التي تبين ـ فيما بعد ـ أنها كانت قاصرة ومضللة!!

مأساة المشير عامر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ورغم أسباب الهزيمة التي صنعها عبد الناصر بيديه صنعاً، واختار خسائرها على عينه، فلا يمكن إعفاء المشير عامر منها؛ فقد كان عامر برتبة رائد عند وقوع انقلاب يوليو 52 وبعد أقل من عام رقي إلى رتبة اللواء مع تعيينه قائداً عاما للقوات المسلحة في 18 يونيو 53، ثم ترقى بعد خمس سنوات إلى رتبة المشير في 20 نوفمبر 1958، وبعد الانفصال عن سوريا قام عامر بترقية نفسه ليصبح نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة.

   كانت ترقية عامر إلى رتبة المشير مثار سخرية العسكريين في العالم، فقد حدث في مساء يوم 4 مايو 1967، عندما استقبل عبد الناصر الـ « فيلد مارشال» مونتجمري، ومن المفارقات الطريفة أن المشير عبد الحكيم عامر كان بصحبة عبد الناصر في استقباله، وعندما رأى مونتجمري رتبة المشير والنياشين المعلقة على صدر عامر، أخذه الذهول طويلاً، لكن عبد الناصر قدمه له من جديد قائلاً: أعرفك بـ «فيلد مارشال » عبد الحكيم عامر، فسأله مونتجمري على الفور: في أي حرب حصلت على اللقب يا سيدي؟!

    كان لدهشة الرجل أسبابها المنطقية، وخاصة أنه من المستقر عليه في التقاليد العسكرية أن رتبة المشير لا تُمنح إلا لقائد عسكري خاض حرباً بفكر جديد، وانتصر فيها، بحيث يصبح هذا الفكر فتحاً جديداً وإضافة حقيقية إلى مجال العلوم العسكرية.

    وســاد صمت طويل وبارد لم تقطعه إلا كلـمات الترحيب بالضيف الإنجليزي والحديث عن انطباعاته حول مصر بعد ٢٥ عاماً من انتهاء الحرب العالمية الثانية.

الصراع بين الرئيس والمشير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   بعد الانفصال بين مصر وسوريا.. على أثر انقلاب عسكري في سوريا في 28 سبتمبر 1961، الذي كان ضربة قوية لفكرة الوحدة العربية وهزيمة للقومية العربية وتقليصاً لدور مصر وتخفيضاً لشعبية عبد الناصر؛ نشأ صراع داخل القيادة في مصر، فقد حمل عبد الناصر مسئولية الانفصال الأدبية والسياسية والعسكرية للمشير عامر، وحصل لوم أدبي ولم يظهر الخلاف بينهما على السطح، ولم يكن معروفاً إلا لرجال « المطبخ » الذين يعملون مع الرجلين، ومن هنا نشأت عقدة بين عبد الناصر وعامر..

   .. وراح المشير عامر يوسع في سلطاته وصلاحياته بحجة ضمان أمن القوات المسلحة لضمان أمن الثورة؛ فقد أصبح رئيساً للجنة الاقتصادية العليا ورئيساً للجنة السد العالي ورئيساً للجنة تصفية الإقطاع ورئيساً لاتحاد الكرة، بالإضافة إلى قيادة الجيش ونيابة رئيس الجمهورية.

   وأصبح الجيش المصدر الرئيسي لتعيين الوزراء والمحافظين ورؤساء مجــــالس الإدارات ووكـــلاء الوزارات والسفـراء، وكانت المناصب العـليا لا تشغل إلا بضباط المخابرات العامة أو الحربية، وزاد نشاط المباحث الجنائية العسكرية في إحكام قبضتها على كل عناصر المجتمع.

   وتدخل الجيش في شئون هيئة الإصلاح الزراعي والإسكان والثروة السمكية وهيئة النقل العام ومؤسسة المطاحن وشركة منجنيز سيناء وجريدة الجمهورية واتحاد الكرة وأعمال البوليس ومباحث أمن الدولة ولجنة تصفية الإقطاع التي مثلت قمة الإرهاب والإذلال للأسر العريقة؛ فاقتحمت منازلهم ليلاً وروَّعت الأطفال، وانتهكت حرمة مخادع النساء استناداً إلى ادعاءات لا سند لها من الحقيقة، وكانت مأساة عائلة الفقي في قرية كمشيش النموذج الصارخ لتلك الممارسات، حيثُ أجبر جنود الجيش رجال الأسرة على ارتداء ملابس النساء، ووضعوا ألجمة الخيل في أفواههم وأجبروهم على أكل علف الحيوانات على الملأ من أهل القرية.

   ولم تنجُ الأندية الرياضية من الإفلات من قبضة الجيش؛ فقد روى الفريق أول عبد المحسن كامل مرتجى قصة تكليفه برئاسة النادي الأهلي للمرة الأولى سنة 1965، أثناء الأزمة التي تدهور فيها مستوى فريق كرة القدم بالأهلي حتى بات مهدداً بالهبوط لدوري الدرجة الثانية، فقال:

   إن المشير عامر زاره في مقر القيادة حيثُ كان قائداً للقوات البرية، وطلب منه أن يصطحبه إلى منزله في الجيزة، وفى الطريق مرا على النادي الأهلي وقال له: من بكره أنت رئيس النادي، فرد بأن محافظ القاهرة صلاح الدسوقي رئيس للنادي، أبلغه المشير بأنه سيترك المنصب له، فقال له إن مسئولياته في الجيش تحول بينه وبين رئاسة النادي، فكان رد المشير إن هذه أوامر الريس لإنقاذ النادي الأهلي من الهبوط! في نفس الوقت كان قائد الطيران رئيساً لنادي الطيران وقائد البحرية رئيساً للنادي الأولمبي!!

تهديدات المشير:
ـــــــــــــــــــــــــــ

   كانت التهديدات غير المباشرة تصل إلى عبد الناصر بإبعاده إلى يوغوسلافيا، بمعنى نفيه إلى بلجراد، وكان عبد الناصر على ثقة من جدية هذه التهديدات وإمكانيات عامر في تنفيذها، وترحيب السوفييت بمثل هذا العمل الذي سيسهل لهم السيطرة الكاملة على قائد مثل المشير، وتصبح مصر أمامهم مدينة بحقوق كثيرة، فيسهل عليهم إنشاء القواعد العسكرية على أرضها.

شلة المشير:
ــــــــــــــــــــ
   كان المشير يردد في جلساته الخاصة أن وجود عبد الناصر مرتبط برضائه عنه وحمايته له، فيرد أفراد الشلة في نفاق مدفوع الثمن، وهم ينادونه: «يا ريس» إلى متى تترك هذا الرجل يا ريس؟

ويقول آخر:
ـ آن الأوان يا ريس تأخذ مكانك الحقيقي، كفايه كده عليه.
.. ويضحك المشير عامر في سعادة محاولاً إخفاءها ويقول:
ـ اختشي يا واد منك له، إيه اللي جرى لعقولكم».*(9)

   .. وظل هذا الصراع قائماً ويتعمق تدريجياًً، حتى أصبحت له أبعاد أخرى عرقلت وضع إستراتيجية عسكرية للدولة إلى أن دخلت مصر حرب 67 .

أكاذيب عبد الناصر:
ـــــــــــــــــــــــــــــ

   ذكر عبد اللطيف البغدادي في شهادته كيف تم الاتفاق على الكذب بين عبد الناصر والمشير عامر في غرفة العمليات ظهر يوم 5 يونيو قائلاً:
«وعندما رآني (يقصد عبد الناصر) أشار لنا جميعاً قائلاً:
ـ ياللا نروح ونسيب عبد الحكيم يشتغل..

   وعندما هممنا بالانصراف توقف عند الباب واستدار إلى عبد الحكيم وقال له:
ـ يا عبد الحكيم طلع حاجة للجرايد..
فرد عبد الحكيم متسائلاً:

ـ نقول أسقطنا مائتي طائرة..

فقال عبد الناصر:

ـ بلاش نقول نص العدد.. نقول إننا توغلنا في الأراضي الإسرائيلية، وسأجعل هيكل، يقصد محمد حسنين هيكل يكتب هذا البلاغ».*(10)

   ويضيف البغدادي لم يقتصر الكذب على عدد الطائرات بل تعداها إلى جنسية الطائرات المشاركة في الهجوم، فقد أخبر المشير عامر الرئيس عبد الناصر أنه تم إسقاط طائرة أمريكية في ترعة الإسماعيلية، وطلب الرئيس عبد الناصر الاتصال بالمهندس مشهور أحمد مشهور للتأكد، وسرعان ما أخبرهما المهندس مشهور أن الطائرة إسرائيلية*(11)، ومع ذلك أصر عبد الناصر على الكذب في خطاب التنحي!!

   لم يكن البغدادي وحده هو الذي أدلى بشهادته عن أكاذيب عبد الناصر، ولكن مصادر العدو الإسرائيلي التقطت مكالمة دارت بينه وبين الملك حسين للاتفاق على صيغة الكذب أيضاً:

« ـ عبد الناصر: إذن ستنشر جلالتك بياناً عن تدخل الأمريكيين والإنجليز.
ـ حسين: (جواب غير مسموع).
 ـ عبد الناصر: والله، أقول إنني سأنشر بياناً، وستنشرون بياناً، وسنحرص على أن يعلن السوريون أيضا أن الطائرات الأمريكية والإنجليزية تهاجمنا انطلاقاً من حاملات الطائرات التي تملكها، سننشر إذن هذا البيان. سنؤكد تماماً على هذه النقطة.
ـ حسين: تمام.. ممتاز.
ـ عبد الناصر: هل توافق جلالتك؟
ـ حسين: (جواب غير مفهوم).
ـ عبد الناصر: ألف شكر، لا تستسلموا. نحن معكم من كل قلوبنا، أطلقنا اليوم طائراتنا على إسرائيل، وهي تقصف المطارات الإسرائيلية منذ هذا الصباح.
ـ حسين: ألف شكر. بالسلامة». *(12)

لامبالاة بالهزيمة:
ـــــــــــــــــــــــــــ

   ذكر ثروت عكاشة في مذكراته أنه: «في ساعة متأخرة من ليلة الخميس 8 يونيه، اتصل بي المرحوم صلاح نصر، وأبلغني أن عبد الحكيم عامر عقد العزم على الانتحار، فغادرت بيتي وذهبت إلى القيادة، ولقيت صلاح نصر، ولفني وإياه صمت الذهول، وفيما نحن كذلك إذا بالباب يفتح فجأة وإذا وزير الحربية شمس بدران يباغتنا بقوله:

ـ «أما اتخمينا حتة خمة!».

ولم تحرك العبارة منا ساكناً، فأردف يقول:

ـ « لم أنتم هكذا حزانى، هل أنتم في مأتم؟ أطلب لكم قهوة سادة!!». *(13)

السفينة ليبرتي:
ــــــــــــــــــــــ

   .. ذكرت صحف القاهرة في إطار «صناعة الكذب» شائعة مضمونها أن السفينة الأمريكية ليبرتي قد قامت بالتشويش على أجهزة الرادار المصرية وحالت دون أدائها لمهامها، وتلك كذبة أخرى تدعو إلى السخرية أكثر من أي شيء آخر، فحقيقة الأمر لم تكن هناك أجهزة رادار مع تمام الساعة التاسعة إلا خمس دقائق من صباح يوم 5 يونيو؛ فقد قصفتها الطائرات الإسرائيلية.

    .. وليبرتي كانت إحدى سفن التجسس الأمريكية التي تحمل علامة GTR5 وهي اختصار لكلمات General Technical Research أي «سفينة بحث تقني عام»، وهو التغطية البحثية والعلمية التي كانت تستخدمها كثير من سفن التجسس الأمريكية التابعة لوكالة الأمن القومي التي تمخر عباب المحيطات، وقد أغرقتها إسرائيل عن عمد في البحر المتوسط يوم 8 يونيو؛ لأن السفينة رصدت عمليات إعدام جماعية لمئات الأسرى المصريين بسيناء، وأن إسرائيل أرادت ألا يكون هناك شهود على جريمتها بحق الأسرى العزل حتى لو كانوا حلفاءها الأمريكيين.

قتل الأسرى المصريين:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   في التاسعة وخمس دقائق رصد طاقم السفينة قيام وحدات من الجيش الإسرائيلي بارتكاب إحدى مجازر القتل الجماعي لأسرى الجيش المصري، مع حلول منتصف النهار، كانت المجزرة لا زالت دائرة بعد أن ضاق الإسرائيليون بهؤلاء الأسرى الذين باتوا يشكلون عبئاً لا يمكن تحمله؛ فليس هناك مكان لإيوائهم، ولا وسائل لنقلهم إلى إسرائيل، ولا عدد كاف من الجنود الإسرائيليين لحراستهم والإشراف عليهم، لذا كان الحل الأمثل قتلهم والتخلص منهم على الفور.
 وقد ذكر شهود عيان ممن نجوا من على ظهر السفينة «ليبرتي» بأنهم شاهدوا بأعينهم تفاصيل عملية الإبادة، مثل إجبار ما يقارب من ستين جندياً مصرياً على الوقوف في صف واحد بجوار مسجد العريش، ثم إطلاق النار عليهم دفعة واحدة من البنادق الرشاشة الإسرائيلية، وكيف تحول رمل الصحراء تحت أقدامهم إلى بركة من اللون الأحمر.

جونسون يغرق
السفينة وسرها:
ـــــــــــــــــــــــــ
   ظلت هذه التفاصيل طي الكتمان في مخازن وكالة الأمن القومي التي عُرف ـ فيما بعد ـ أنها كانت تراقب عن كثب كل تفاصيل عملية قصف السفينة ومتأكدة أن قصف السفينة لم يتم بطريق الخطأ، كما ادعت إسرائيل التي طلبت من جونسون «دفن الموضوع»!!

روح شاكيد
ــــــــــــــــــ

   .. وقد أوضح مقطع في الفيلم الإسرائيلي «روح شاكيد» لا يزيد على ثلاث دقائق تلك الجريمة، من خلال عرض مهمة الفرقة الإسرائيلية في مطاردة كتيبة كوماندوز مصرية مفككة كانت تقاتل الإسرائيليين في غزة، وانسحبت بشكل غير منظم إلى صحراء سيناء، وهناك قامت الفرقة الإسرائيلية بقتل 250 منهم بعد استسلامهم بالقرب من مدينة العريش.

صناعة الكذب
في خطاب الرئيس:
ــــــــــــــــــــــــــــــ

   في استمرار لمسلسل الكذب قال عبد الناصر في خطابه وبعد فقرات من الهدهدة ودغدغة المشاعر:

« لقد كانت هناك مفاجآت تلفت النظر:
أولها ـ أن العدو الذي كنا نتوقعه من الشرق ومن الشمال جاء من الغرب..

الأمر الذي يقطع بأن هناك تسهيلات تفوق مقدرته وتتعدى المدى المحسوب لقوته قد أعطيت له..

ثانياً ـ العدو غطى في وقت واحد جميع المطارات العسكرية والمدنية في الجمهورية العربية المتحدة.. ومعنى ذلك أنه كان يعتمد على قوة أخرى غير قوته العادية لحماية أجوائه من أي رد فعل من جانبنا.. كما أنه كان يترك بقية الجبهات العربية لمعاونات أخرى استطاع أن يحصل عليها.

ثالثاً ـ الدلائل واضحة على وجود تواطؤ استعماري معه.. نحاول أن نستفيد من عبرة التواطؤ المكشوف السابق سنة 1956 فيغطي نفسه هذه المرة بلؤم خبيث.. ومع ذلك فالثابت الآن أن حاملات طائرات أمريكية وبريطانية كانت بقرب شواطئ العدو تساعد مجهوده الحربي.. كما أن طائرات بريطانية أغارت في وضح النهار على بعض المواقع في الجبهة السورية وفي الجبهة المصرية.. إلى جانب قيام عدد من الطائرات الأمريكية بعمليات الاستطلاع فوق بعض مواقعنا».

   .. كان عبد الناصر يكذب، وكان متأكداً أن جيش الدفاع الإسرائيلي دون أي معونة خارجية هو الذي مرغ أنفه في وحل الهزيمة.

من «النكبة» إلى «النكسة»
الحرب في الفكــر الصـهيوني:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   اعتمدت الصهيونية العالمية على «القوة المسلحة» لإنشاء دولة إسرائيل، فقد أنشأت في وقت مبكر جداً في فلسطين أول منظمة عسكرية سميت «الهجاناه»؛ فكانت نواة الجيش الإسرائيلي الذي أعلن تكوينه ووجوده فور إنشاء الدولة.
وكان شعار بن جوريون الذي أطلقه حينئذ: «بالدم والنار سقطت اليهودية، وبالدم والنار تعود من جديد»، وكان ذلك تأكيداً لقرار من الصهيونية العالمية يقضى بأن «الحرب هي الوسيلة الوحيدة لإنشاء الدولة»

   وجاءت حرب 1967 بنتائجها الأليمة، وأصبح بن جوريون ـ نبي إسرائيل المسلح ـ أكثر وضوحاً في التعبير عن أهمية القوة العسكرية لتحقيق التوسع الذي تريده إسرائيل: «حدود إسرائيل تكون حيثُ يقف جنودها».

   .. وبنظرة فاحصة لكل الجولات التي خاضتها إسرائيل لم تخرج بيدها فارغة حتى وهى مهزومة في 73؛ في عام 48 استولت على أرض عربية بزيادة 30% على نصيبها في قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة في نوفمبر من العام السابق. بالإضافة إلى قرية أم الرشراش المصرية وهي بلدة حدودية مصرية مع فلسطين ـ كما ورد في الوثائق الدولية والحدود السياسية المصرية الفلسطينية، وطبقا للفرمان العثماني الصادر في عام 1906 ـ وتقدر مساحتها

بـ 1500 كيلومتر مربع. وبعد توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في رودس في يوم 24 فبراير 1949، قامت بعض العصابات اليهودية بقيادة إسحاق رابين في ليلة 10 مارس 1949 بالهجوم عليها في عملية بربرية اسمها الحركي (عوفيدا)، وقتل جميع أفراد حاميتها من رجال البوليس المصري، واحتلوها وحولوها إلى ميناء إيلات والذي تأسس سنة 1952.

   وفي عام 1956 وبعد العدوان الثلاثي وتوقف النيران في سيناء، أعلن بن جوريون في الكنيست: «أن السيادة المصرية على سيناء قد سقطت وأصبحت سيناء جزءا لا يتجزأ من إسرائيل»، إلا أن الظروف الدولية لم تكن مواتية لتحقيق أطماعها بعد أن اضطرت وحليفتيها إنجلترا وفرنسا تحت ضغط كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي والمجتمع الدولي إلى الانسحاب من الأراضي المصرية؛ فقد وقفت الولايات المتحدة ضد هذا العدوان الذي تم تدبيره ـ تدبيراً وتنفيذاً ـ سراً من وراء ظهرها، كما وقف الاتحاد السوفييتي موقفاً حازماً بإنذار قوي هدّد فيه بعمل عسكري حاسم ضد الدول الثلاث.

   .. كانت صدمة إسرائيل عندما اضطرت للانسحاب من سيناء وقطاع غزة بعد انسحاب القوات الإنجليزية والفرنسية من بورسعيد، لكنها رأت في انتزاعها حق الملاحة في خليج العقبة وتأمين حدودها بمظلة دولية تعويضاً كافياًً عن اشتراكها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بعد أن قررت الأمم المتحدة وضع قوات طوارئ دولية في شرم الشيخ وعلى حدودنا الشرقية وعلى حدود القطاع الفلسطيني في غزة التي كانت تديره مصر.
كما حصلت إسرائيل على نصيبها في الغنائم بحصولها على المدمرة المصرية «إبراهيم الأول» التي اشترتها مصر من انجلترا عام 1942 وضمتها إلى الأسطول الملكي المصري، وفي حرب 56 أسرتها البحرية الفرنسية، وسلمتها لإسرائيل التي أطلقت عليها اسم «إيلات»، وهي المدمرة التي دمرتها البحرية المصرية أمام شواطئ بورسعيد في أكتوبر 67.

   وفى 67 احتلت إسرائيل سيناء ومرتفعات الجولان والضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة.

   وفى 73 ورغم الهزيمة الساحقة لإسرائيل فإنها أيضا لم تخرج بيدها فارغة، فقد نجحت في تجريف أرض الثغرة من الثروة الحيوانية والحاصلات الزراعية والموارد المعدنية وتفكيك المصانع ومصافي البترول ونقلها إلى إسرائيل، وما عجزت عن نقله؛ قامت بتدميره، إلى أن جاءت اتفاقية كامب ديفيد لتقدم لها ما عجزت عن الوصول إليه بالحرب من حدود آمنة تدخل في نطاقها أم الرشراش المصرية!!

***

    ذهبت هزيمة يونيو 67 إلى هامش التاريخ في صفحة مجللة بالسواد من سجل الوطن، وانتقل عبد الناصر إلى رحاب الله، لكن درس الهزيمة ظل ندبة سوداء في وجدان الأمة التي يؤمن ضميرها أن عبد الناصر أضر بمصالحها في مواضع كثيرة؛ استجابة لحالة من الهوس الشخصي لزعامة الأمة دون الأخذ بأسبابها؛ فقد تسبب في خفض سقف المطالب العربية من فلسطين التاريخية إلى حد المطالبة بالأرض المحتلة في تلك الهزيمة، ومازالت إسرائيل تماطل؛ فحدود إسرائيل دائماً تكون حيثُ يقف جنودها!!

   .. قد يقول البعض إن الأمة مصدر السلطات، وقد تمسكت بعبد الناصر رغم الهزيمة في أسرع استفتاء شعبي في التاريخ،. لكن الحقيقة أن الشعب لم يكن يعلم حجم الكارثة حتى وفاة عبد الناصر، ولو أنه علم ربما كان له رأي آخر....!! وكان عبد الناصر يدرك ذلك، وأكده في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 26 يوليو 67 بقوله:

 « لقد سقط النظام يوم 9 يونيه، وأنا لا أوافق من يقول إن المظاهرات التي جرت كانت إعراباً عن الثقة بالنظام ». *(14)

 روابط ذات الصلة :


http://hekiattafihahgedan.blogspot.com/2010/09/v-behaviorurldefaultvmlo.ht 
 

 للمزيد من المعلومات راجع كتاب " صناعة الكذب " :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق