.. لماذا هذا المقال ؟! ولماذا فى هذا الوقت بالذات ؟!
سؤال وجهه إلىّ صديقى
الكاتب الصحفى حلمى النمنم ، وقبل أن أفتح فمى بالإجابة، قال مداعباً، هل تود أن "ترمى بياضك" لجماعة الإخوان المسلمين
؟!!، .. هل تريد أن تقدم لهم " عربون محبة " ؟!!
ولما كان كانت إجابة
الصديق رغم طرافتها تنطوى على ملمح اتهام، لم أعهده من قبل !!؛ فكل من يشغله
الشأن العام يعلم يقينا رأيى فى الممارسات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين، وهو
ما سبق أن عبرت عنه فى مقالين تم نشرهما عبر بوابة الوفد الالكترونية أحدهما
بعنوان : " ليسوا إخوانا ، وليسوا مسلمين"، والآخر بعنوان : "مقتل
حسن البنا .. جريمة ثأر !!" ، فأنا لم أغسل الجماعة من أوزارها ، وأيضا لم ألصق بها ما لم تفعله !!
صديقى الكاتب الصحفى يعلم أيضا رأيى فى إتاحة كامل الفرصة للجماعة
للاندماج فى نسيج الصف الوطنى بعد أن نبذت الجماعة العنف، ودشنت حزباً سياسياً،
وأبدت رغباتها فى توفيق أوضاعها فى إطار قانون الجمعيات الأهلية .
ثانيا : أن صديقى يعلم
أنه لم يعد فى العمر الكثير من بقية لتقديم ما أسماه بـ "عربون المحبة
"؛ فلم يبق لى سوى القليل على انتهاء مدة خدمتى القانونية لبلوغى سن الإحالة
للمعاش ، وهو ما يعنى أننى أقف على أعتاب الدنيا خارجاً، لألقى وجه رب كريم، أرجو
أن تسعنى رحمته الواسعة، ولا أرغب أن ألقى الله فى دور "الشيطان الأخرس " الذى كتم شهادة !!
ثالثاُ : أن من بيدهم المقادير فى مجلة "
المصور " مازالوا يتربصون بجماعة الإخوان المسلمين، بل تخطوا حدود التربص
بالجماعة إلى حد التربص بشخص الرئيس المنتخب تارة بالتحريض وتارة أخرى باستباحة مقام رمزية الرئيس ومؤسساته فى اجتراء يعكس العجز عن استشراف ما
طرأ على الشخصية المصرية من نضح التمييز بين الغث والثمين.
لذا كان هذا المقال .
***
ففى 2 ديسمبر 2005 خرجت
علينا مجلة " المصور "فى عددها رقم 4234 وعلى صدر غلافها ما وصفته بالانفراد، وأسمته بـ "وثيقة
الإخوان لفتح مصر ـ النص الكامل لخطة الإخوان للسيطرة على المجتمع"،
مع رسم فوتوغرافى للوثيقة المزعومة والمنسوبة إلى خيرت الشاطر بتوقيع منسوب
إليه بصفته
نائب المرشد، وادعت المجلة أن الوثيقة تنذر بالخطر الداهم خاصة وأنها تختص
بالمرحلة الأولى من ( فتح مصر ) ، والتى تستهدف تأسيس كيان شرعى أو الحصول
على اعتراف بالشرعية، ونشر الدعوة فى ربوع مصر عن طريق التوسع الأفقى،
والوصول بعدد الإخوان إلى ما لايقل عن 3 ملايين أخ، فإذا ما تم تنفيذ
المرحلة الأولى من المستهدف كان من السهل الاستئثار بمشاعر وحماس ما لايقل
عن 50% من الشعب المصرى، وهو ما يساعد الإخوان على الدخول إلى المرحلة
الثانية من فتح مصر .
كان الغلاف صادما ، ... للوهلة الأولى استشعرت شيئاً من عدم المعقولية، وأنه لا يتفق مع طبائع الأمور، ولا يستقيم معها أن يكتب من ينتهج عملاً سرياً خططه وتوجيهاته على مطبوعات تحمل شعاره ويذيلها بتوقيعه، وتذكرت نكتة "محطة المطار السرى" التى كان كمسارية الأتوبيسات ينبهون الركاب للنزول عندها قبل هزيمة 1967 !!، ... وبعد قليل من التأمل فى عناصر الغلاف والتصفح
السريع للمطبوعة، وبنظرة العين المجردة الخبيرة يتضح التباين والاختلاف التام والواضح بين الرسم
الفوتوغرافى المنشور على غلاف المجلة، والذى تضمن محتوى الوثيقة كاملاً على ورقة
واحدة، وبين الرسوم الفوتوغرافية للوثيقة ذاتها على صفحة رقم 15 الداخلية من المجلة؛ حيث جاء نفس المحتوى مقسماً
على ورقات ثلاث !!
.. وهو ما يثير الريبة ويدعو للشك فضلاً عن أن "الوثيقة" المزعومة تبدو وكأنها نتاج
تركيب البانر هيد "اللافتة الرئيسية" لموقع إخوان أون لاين ـ الموقع
الرسمي للإخوان المسلمين ـ علي الورقة التي كتبت عليها الوثيقة، وهو ما بدا
واضحاً فى أطراف الصورة عند موضع التقاء شعار الموقع مع ورقة الوثيقة
التى تبدو مفتقدة لعنصر الاحترافية فى التعامل مع برنامج معالجة الصور.
..
ولكن ليطمئن قلبى؛ ولأبدد الشك الذى بات يكبر فى داخلى، ذهبت إلى الأستاذ
محمد
أبو طالب المستشار الفنى لدار الهلال، والتقيته فى مكتب الأستاذ عادل
عبدالصمد
رئيس تحرير مجلة الهلال الحالى، وبادرته بالسؤال عن قصة غلاف وثيقة فتح مصر، فأكد
لى أن من ادعى انفراده بالوثيقة قد أحضرالرسوم الفوتوغرافية التى نشرت
بالمجلة ً سواء على صفحة
الغلاف أو الصفحات الداخلية، وظل واقفا حتى تم إدخالها إلى جهاز الكمبيوتر
عبر الاسكانر دوت تدخل منا فى تفاصيلها أو بيانتها، ... ثم أستردها ومضى
إلى حال سبيله.
ورغم ثقتى فى ما قاله الأستاذ محمد أبو طالب؛
وليزداد اطمئنان قلبى؛ ذهبت إلى قسم أرشيف الصور فى دار الهلال
فلم أجد أثراً لرسم الوثيقة المزعومة، وكذلك الحال فى قسم المعلومات
الصحفية، لكن الأدهى والأمر أن مجلد المصور الذى تضمن عدد الوثيقة
المزعومة قد تم
استعارته بمعرفة أحد القائمين على المجلة بتاريخ 3 / 5/ 2010، ورغم
مرور أكثر من عامين، ومطالبات الزميل أمين المكتبة باستعادته حيث أن المدة المقررة للاستعارة قانوناً 15 يوماً فقط، ورغم إخطار
المسئول بمذكرة رسمية، فإنه لم يفلح حتى الآن فى استرجاعه، واستشعرت أننا
أمام
من يريد آلا يترك بصمة تدل على فعله !!، .. وأقترب الشك أن يكون يقيناً.
الشاطريكذّب " المصور":
بعد نشر ما وصفته "المصور" بالانفراد، وأسمته بالوثيقة، وبتاريخ 11 /12 /
2005 وجه المهندس خيرت الشاطر إنذاراً إلى المجلة بنشر تكذيب على غلافها للوثيقة
وكون التوقيع المنسوب إليه مزوراً عملا بحق الرد المنصوص عليه فى قانون تنظيم سلطة
الصحافة، إلا أن المجلة لم تنشر التكذيب، مما حدا بالشاطر للجوء إلى القضاء
بإقامة الدعوى رقم 5798 لسنة 2006 تعويضات كلى جنوب القاهرة .
وبتاريخ 30 يونيه
2010 وعلى صفحة 16 من عدد "المصور "، رقم 4473
ـ أخبار المصور ـ نشرت المجلة خبراً بعنوان : "القضاء يرد كيد الإخوان"، جاء فيه :
"
..............
الشاطر زعم إصابته بأضرار من جراء نشر "المصور" خطة
الإخوان لفتح مصر التى أثبت القضاء نسبتها إليه مرة تلو الأخرى، الحكم
استند إلى أن الوثيقة التى انفرد بها حمدى رزق كانت مذيلة بتوقيع نائب المرشد
لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى المطبوعات الخاصة بهم، والتى يتصدرها (المصحف
والسيفين)، وادعى الشاطر كذباً بأن التوقيع المذيل للوثيقة ليس توقيعه فى محاولة لتشويه سمعة المصور العريقة، ولكن القضاء أنصف
الحقيقة ابتدائى واستئناف، وحكم بأن
الوثيقة صحيحة، ونشرها لم يرتب أضراراً على الشاطر .
................. "
الاجتراء
على حكم القضاء :
ولم يكن الخبر
الذى نشرته
مجلة " المصور " سوى حلقة فى مسلسل تجاوز حدود الافتراء، وإهدار حق الرأى
العام
فى المعرفة فحسب، بل تعداها إلى حد الاجتراء على ما جاء فى حكم قضائى صدر
باسم
الشعب وأصبح عنواناً لـ "الحقيقة القانونية" فيما قضى به، فالثابت
بالحكم أنه لم يرد فى منطوقه ولا حيثياته كلمة واحدة مما وردت بخبر المصور
بشأن صحة الوثيقة، فضلاً أن
المحكمة لم تتطرق إلى موضوع الدعوى، والثابت بالحكم أيضا أنه كان حكماً فى
الشكل القانونى، والمتعلق بصفة المهندس خيرت الشاطر القائم برفع الدعوى؛
حيث دفعت " المصور" برفع
الدعوى من غير ذى صفة؛ ومن ثم فقد جاء بالحكم فى صفحته رقم 4 ـ من السطر 11
حتى السطر
21 :
" هدياً بما تقدم، ولما كان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها ومطالعة
المحكمة لمجلة المصور المرفقة بمستندات المدعى ومطالعتها المقالات المبينة
تواريخها بصحيفة الدعوى، تبين أن ما تناولته المجلة فى تلك الأعداد خاص بصفة
المدعى خيرت الشاطر بصفته المعروفة فى المجتمع بنائب المرشد العام، ولم تتعرض إلى
حياة المدعى الشخصية وحرمتها أو شخصه؛ حيث أن ما جاء بالمقالات المنوه عنها
بالمجلة تناولت خطة أعدها نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والموضوعات التى
تناولتها الوثيقة عن خطة الإخوان للسيطرة على المجتمع كانت وثيقة الصلة بصفة نائب
المرشد دون أن يكون هناك أدنى مساس بشخصه، أو حرمة حياته الخاصة، ولما كان ذلك
وكان القائم برفع الدعوى هو المدعى خيرت الشاطر بشخصه وليس بصفته
المعروفة بالمجتمع كنائب لمرشد جماعة الإخوان المسلمين وهى الصفة التى تناولتها
المقالات والموضوعات بمجلة المصور؛ مما يكون الدفع قد صادف صحيح القانون وتقضى
المحكمة بقبوله" .
صورة رقمية من صورة رسمية لحكم القضاء الصادر بشأن وثيقة « فتح مصر» .. الحكم تصدى للشكل وصفة المدعي فقط، ولم يرد فيه كلمة واحدة عن ما ادعته «المصور » بشأن صحة الوثيقة |
الشاطر لم يقم برفع الدعوى آنذاك بصفته نائباً لمرشد جماعة الإخوان
المسلمين لكون هذه الصفة تجرمه وتضعه تحت طائلة القانون؛ حيث كانت الجماعة منحلة ومحظورة، وبناء عليه زالت كل صفة لمن كان يمثلها ـ رغم إصرار قيادات الجماعة على إنكار وجود قرار بحلها ـ فقد قطع عمر التلمسانى المرشد الثالث لجماعة الإخوان الشك باليقين وحسم الجدل المثار حول الموقع القانونى للجماعة فى كتابه (أيام مع السادات) صـ 16 بقوله :
"فقد التزمت الجماعة قرار الحل مكرهه غير راضية؛ فليس هناك جمعية عمومية ولا هيئة تأسيسة، ولا مكتب إرشاد ولا مرشد، وهذا الذى يحاسبنا عليه القانون الوضعى .
................................
...............................
وفى مقابلتى لسيادته ( أنور السادات )، بناء على طلبه فى ديسمبر 1979 باستراحته الفاخرة بالقناطر الخيرية، طلب منى أن أقابل السيدة آمال عثمان وزيرة الشئون الاجتماعية، فأدركت ما يهدف إليه، وهو أن يخضع جماعة الإخوان المسلمين لسلطان وزارة الشئون الاجتماعية، ولم أذهب، لأن مطلبنا الذى لا نساوم عليه، هو عودة الجماعة كما كانت يوم قرروا حلها، ولما قلت له إننى ما تعودت بحث مثل هذه الأمور مع سيدات، قهقة عالياً وقال : " طيب روح يا سيدى للنبوى أو منصور حسن" ، ولم أذهب طبعاً، بعد أن تبينت القصد من إعادته للجماعة على الصورة التى كانت فى مخيلته .".
"فقد التزمت الجماعة قرار الحل مكرهه غير راضية؛ فليس هناك جمعية عمومية ولا هيئة تأسيسة، ولا مكتب إرشاد ولا مرشد، وهذا الذى يحاسبنا عليه القانون الوضعى .
................................
...............................
وفى مقابلتى لسيادته ( أنور السادات )، بناء على طلبه فى ديسمبر 1979 باستراحته الفاخرة بالقناطر الخيرية، طلب منى أن أقابل السيدة آمال عثمان وزيرة الشئون الاجتماعية، فأدركت ما يهدف إليه، وهو أن يخضع جماعة الإخوان المسلمين لسلطان وزارة الشئون الاجتماعية، ولم أذهب، لأن مطلبنا الذى لا نساوم عليه، هو عودة الجماعة كما كانت يوم قرروا حلها، ولما قلت له إننى ما تعودت بحث مثل هذه الأمور مع سيدات، قهقة عالياً وقال : " طيب روح يا سيدى للنبوى أو منصور حسن" ، ولم أذهب طبعاً، بعد أن تبينت القصد من إعادته للجماعة على الصورة التى كانت فى مخيلته .".
***
.. قال القضاء كلمته، وجاء حكمه عنوانًا لـ "الحقيقة القانونية" فيما قضى به، .. لكن أوجهاً كثيرة للحقيقة ضاعت في دهاليز استيفاء الشكل، والبحث في صفة المدعي، وهو ما يجعل حق الرأي العام مازال قائما في معرفة من الذي اصطنع الوثيقة؟!، ومن الذي دسّها على مجلة «المصور». ؟!
***
ملحوظة :
ـــــــــــــــ
في إطار حملة من الاستقصاء الصحفي قمت بها حول "اصطناع الوثيقة" حامت شبهات اصطناعها حول المصمم الجرافيكي سامح حسان المخرج بمؤسسة "روز اليوسف"، وأكدت أدلة الثبوت المُعلنة أن حمدي رزق قد دسها على "المصور" بقصد وبسوء نية !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق