الاثنين، مايو 14، 2012

ياسر بكر يكتب: كذبة " الأسلحة الفاسدة" .. والمساس بحرمة التاريخ !!

ياسر بكر يكتب :


 كذبة " الأسلحة الفاسدة"، .. والمساس بحرمة التاريخ !! 


ـ الكذبة قوامها شـــــــائعة ، وأبطالها ضباط مغرضون ، وبرلمانى 

 مخـــدوع ، وصحـــفى مخادع بنى مجــده الصـحفى على كــذبة !!


 كثيرة هى القصص التى نحشو بها عقولنا، ثم يتبين لنا عند الفحص، والتمحيص أنها قصص مزيفة، وأوهاماً من صنع خيال خصب .. صغيراً كنت فى قريتى تلوانة ـ مركزالباجورـ منوفية، عندما اتصل علمى للمرة الأولى بـ "الحدوتة " المسماة إعلاميا، وفى كتب تزييف التاريخ بـ "الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين"، ساعتها لم يكن لى قدرة البحث فى تفاصيلها أو جهد الكشف عن أسرارها، ولكنها الصدفة وحدها تسوق إلى أذنى همسات أعمامنا، وخالاتنا من أهل القرية حولها ـ هكذا كنا نناديهم ـ كان الحديث عنها دائما مرتبطا بحضور "البيه" عبد الغفار إلى القرية فى سيارته الشيفروليه الفارهة، وهندامه الأنيق، وبصحبته زوجته السيدة / جنات عبد الله فى ملابس إفرنكية لم نألف مثلها فى الأرياف .. كان انبهارنا أكثر بالسيارة التى تقف أمام منزله الملاصق لمسجد سيدى محمد الحجازى المجاور لدارنا بشارع داير الناحية، والذى يطلق عليه أهلنا "درب الشرم"، كانت الأمهات تدعون للأبناء فى ساعات الرضا بالرفعة، وعلو المرتبة، وأن يصبحوا مثل عبد الغفار بيه، وكان الرجال يقولون أن عبد الغفار بيه رجل طيب؛ ولهذا فقد نجاه الله من مكيدة الأسلحة الفاسدة، وبيّض صفحته ، فالرجل قد وظّف الكثير من أبنائهم الذين ضاقت عليهم الرقعة الزراعية الطاردة لأبنائها فى مخازن الذخيرة بالجيش، أو كما كانوا يطلقون عليها "الجباخانة".. البيه عبد الغفار، هو القائمقام عبد الغفار عثمان كبير مفتشى المفرقعات بالجيش المصرى أثناء حرب فلسطين، والمتهم الخامس فى قضية أو كذبة "الأسلحة الفاسدة" التى كانت أخر المسامير التى دقها ضباط انقلاب 23 يوليو فى نعش العهد الملكى، وعهد أسرة محمد على وأخر ملوكها الملك فاروق فى مساس واضح بحرمة التاريخ، فلم يرد فى التقارير التى أعدها الدكتور عبد الرحمن عزام أمين عام جامعة الدول العربية التى دخلت الجيوش العربية تحت لوائها إلى فلسطين ثمة إشارة إلى فساد أسلحة، لكن عزام أوجز أسباب الهزيمة بقوله :

 

      "علينا أن نشترك جميعاً فى اللوم لإساءة تقدير قوة اليهود، والثقة الزائدة فى قوة جنودنا النظامية، فهى مكونة من جنود محترفين، وضباط متفرغين، وكان ينبغى أن تتمكن بسهولة من تحطيم جيش المستوطنين الإسرائيليين، ولكننا كنا مخطئين، فالإسرائيليون كانوا مستعدين، وقاتلوا جيداً، وقد كرسوا أنفسهم تماماً لنضالهم، أما بالنسبة للجيوش العربية، فإن المصريين وحدهم يمكن القول بأنهم قاتلوا فعلاً، أما الاردنيون فقد تركوا ميدان المعركة دون إنذار، وتركوا فراغاً على جناحنا الأيمن استغله اليهود الذين نجحوا فى حصارنا بالفالوجة " .



السهم يشير إلى القـائمقام عبد الغفـار عثمـان، أثناء إجابته على أسـئلة
المحـكمة، وهو ينفى التهـــمة التى تطــالب النيابة برأســـــه من أجلـها

 بداية الكذبة : 


    بدأت القضية بخبر صغير نشرته الصحف فى 20 أبريل 1950 عن استقالة رئيس ديوان المحاسبة بعد أن لقى من العنت، والإرهاق الكثير لمعرفة سر اعتمادات حملة فلسطين؛ مما حدا به لتقديم استقالته من رئاسة الديوان، .. وعلى أثر ذلك وقف النائب مصطفى مرعى فى البرلمان يتحدث عن أسباب استقالة رئيس ديوان المحاسبات، وكيف أنه لم يستقل لأسباب شخصية، وإنما احتجاجاً على الضغط الذى كان يحسه فى ذلك الحين من الملك ورجالة، وتحدث النائب عن لجنة "احتياجات الجيش" التى تألفت فى 13 مايو 1948، ومنح رجالها السلطة التامة فى الشراء، وأسهب فى الحديث عن المخالفات زهاء ساعتين، وأنهى حديثه بسؤال إلى دولة مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء عن أسباب المخالفات ؟!، وطلب رد الحكومة، وفى 8 مايو ردت الحكومة : ( أن رئيس ديوان المحاسبة لم يقطع فى استقالته عن أسباب معينه لتقديمها، أما عن ملاحظات الديوان فإنه لم يحدث فى عهد الحكومة القائمة خلاف بين الجهتين، بل على العكس فإن ما وصل من ملاحظات الديوان يجد العناية من الوزارات المعنية)، ولكن يبدو أن الإجابة لم تعجب صاحب السؤال، فلما أراد أن يعلق عليها طويلا، ذكره رئيس مجلس الشيوخ د. محمد حسين هيكل باشا باللائحة؛ فقال : "أنه سيقدم استجواباً ." 

هروب النائب : 

 

       .. وبالفعل تم نظر الاستجواب يوم الاثنين 28 مايو 1950، واستغرق وقتاً طويلاً، ورأى المجلس تأجيل سماع رد الحكومة لليوم التالى، وفى اليوم المحدد فوجئ المجلس بغياب صاحب الاستجواب لسفره إلى الإسكندرية بحجة أنه مسافر للخارج، وهو ما أغضب فؤاد سراج الدين باشا الذى حضر إلى المجلس للرد على الاستجواب ليجد مقدمه قد غاب فوقف يقول : 

 

    " لعل هذه القاعة على كثرة ما عرض فيها من استجوابات، لم تشهد استجوابا اجتمعت فيه أسباب التناقض، والغرابة مثل هذا الاستجواب، لم تشهد استجواباً انقلبت فيه الأوضاع .. نعم، هو استجواب غريب فى بدايته، غريب فى نهايته، وإن كان واضحاً فى هدفه وغايته ، .. لم تر هذه القاعة استجواباً انتحل فيه المتهم صفة المدعى، ولم تر استجواباً صفق فية المطعون للطاعن كما وقع فى هذا الاستجواب، ولم تر استجواباً هش المضروب فيه لجلاده، ويسأله المزيد كما وقع فى هذا الاستجواب، وهو فى ظاهرة اتهام للحكومة على أخطاء لم تجنها، ولم تقع فى عهدها، وفى حقيقته حملة للتشهير على قوم وصفهم المستجوب بأن الأقدار شاءت أن يكون لهم مركز خطير فى البلد، " .. وانتقل فؤاد سراج الدين باشا إلى الحديث عن وقائع الاستجواب، وما تم خلاله من انتهاك للائحة المجلس؛ فقال :

 

    " اعترض من اعترض، وقاطع من قاطع، وصفق من صفق، ولكن شيئاً واحداً أحسست به فى مقعدى، وهو أن هذا المنبر قد اهتز اهتزازاً عنيفاً ـ كما لاحظ سعادة رئيس المجلس ـ لفرط ما خُولفت تقاليد هذا المجلس، ولائحته الداخلية، ويضيف فؤاد سراج الدين باشا : ثم تأتى الحكومة لترد على الاستجواب؛ فيغيب مقدمه عن حرم البرلمان، ويسترسل قائلا ً :

 

     ".. ورغم أن حكومة الوفد لم تكن فى الحكم حال وقوع موضوع الاستجواب، فقد كانت فى عهد وزارة محمود فهمى النقراشى باشا ( السعديين )، التى تلتها وزارتا إبراهيم عبد الهادى باشا (السعديين)، وحسين سرى باشا (الأحرار الدستوريين)، ولم تثر تلك القضية إلا فى ظل حكومة الوفد !!، وأشار إلى عدد من المجلدات الموضوعة على الطاولة أمامه قائلا : 

 

      كل هذه المجلدات التى أمامكم، هى تقارير ديوان المحاسبة فى عهد الوزارات السابقة، والتى لم تكلف نفسها بالرد على ما جاء بها !! "،  .. ولإنقاذ الموقف بعد هروب النائب مصطفى مرعى، تبنى الاستجواب الدكتور إبراهيم بيومى مدكور، وتقدم باقتراح تأليف "لجنة تحقيق"؛ فأحيل اقتراحه إلى لجنة الشئون الدستورية، وانتقل المجلس إلى جدول الأعمال بأغلبية 56 صوتاً فى مقابل 38 . 

     ذكر د . محمد حسين هيكل باشا فى كتابه (مذكرات فى السياسة المصرية ـ ج 3 ـ صـ 89) : وقد تبين من بعد أن سفر مقدم الاستجواب محدد له يوم السبت (السبت 2 يونيو)، أى بعد أربعة أيام من الموعد المحدد لكلام ممثل الحكومة (الثلاثاء 29 مايو) !!

 

 سر هروب النائب : 


     ظل سر هروب النائب سر لم يعرفه الكثير، وبدأت الشائعات تتردد عن ضغوط مُورست عليه من قبل الملك والسراى، لكن الحقيقة كانت غير ذلك؛ فقد أدرك النائب أنه تم استدراجه إلى كذبه، وهو ما قد لا يحمد عقباها، وهو ما كشف عنه أحمد حمروش أحد ضباط انقــلاب 23 يوليو 1952 فى (الجـزء الأول من كتابه قصة ثورة 23 يوليو) : 

 

    " حكاية الأسلحة الفاسدة استغلت فى منشورات الضباط الأحرار الذين وجدوا فيها ورقة دعائية مجانية؛ لتأليب الضباط الصغار، وفضح مفاسد القيادات العليا فى الجيش، والهجوم على القصر والحاشية، وانتقل نشاط الضباط من المنشورات إلى الصحف؛ فأخذوا يتصلون بالكتاب، والنواب، والصحفيين لتزويدهم بالبيانات، والمعلومات حول صفقات السلاح، ويروى أحمد حمروش نماذج من هذه الاتصالات، فقد لجأ عبد المنعم أمين الذى كان مدرساً فى مدرسة المدفعية، وعضو مجلس قيادة الثورة فيما بعد إلى مصطفى مرعى بعد تقديم الاستجواب بما عنده من بيانات، ولكن مصطفى مرعى تشكك فى أن يكون عميلاً مدسوساً عليه، .. كذلك ذهب عبد اللطيف البغدادى، وحسن ابراهيم، ومصطفى مرتجى، ومحمد شوكت من ضباط الطيران إلى مصطفى مرعى، وأبلغوه إعجابهم، واستعدادهم لتنفيذ ما يستقر رأيهم عليه حتى لو وصل الأمر إلى قتل الملك، وهنا جفل منهم مصطفى مرعى، وآثر أن يتحفظ معهم كما تحفظ مع عبد المنعم أمين، وسافر إلى أوربا !!

 

 من البرلمـــان 

إلى " روز اليوسف " : 


     بهروب مصطفى مرعى، أصبح الاستجواب لقيطاً فى البرلمان، لكن يبدوا أن المغرضون من أصحاب المصلحة لم يعدموا الحيلة، ففى يوم 6 يونيو 1950 خرجت مجلة "روز اليوسف" بمقال لإحسان عبد القدوس بعنوان : "من هو الضابط الذى يمتلك قصراً فى كابرى ؟ "، أكد عبد القدوس فى ثلاث من موضع من مقاله أنه يفتقد الدليل على ما يكتبه، ففى الموضع الأول يقول :" أنه لا يستطيع ذكر أسماء لأن ليس لديه مستندات ."، وفى الموضع الثانى يقول : " لولا نقص المستندات لقلت الكثير ."، وفى الموضع الثالث يقول :".. وحتى لو كانت لدى المستندات الكافية لأقول كل شئ فماذا يجدى ما أقول، إذا وقفت وحيدا، وليس فى يدى سوى قلمى، ماذا يجدى أن اصرخ وأثور على الورق بينما الكل من حولى قد سدوا آذانهم، وأعمى الجشع عيونهم !!" ، ثم انتقل إلى كلام مرسل عن صفقات السلاح، وما شابها من فساد، وعمولات، وتحدث عن أحد ضباط الجيش الذى صار يمتلك قصراً فى جزيرة كابرى ـ مصيف أصحاب الملايين ـ يدعى إليه كل عام شخصيات مصرية كبيرة للتمتع بالجمال، والراحة، والهدوء على حساب شهداء فلسطين الذين قتلهم الرصاص المغشوش، وعلى حساب الشعب المصرى الكريم الذى ابتزت أمواله باسم العروبة، والشهامة، ولم يخلو المقال من انتقاد فؤاد سراج الدين باشا بقوله : "لماذا تحمس معالى سراج الدين باشا كل هذا الحماس فى الدفاع عن الاتهامات التى وردت فى تقرير رئيس ديوان المحاسبة، هل كان يدافع عن الحكومات غير الوفدية ؟! إن هناك سرا، وهو سر ليس فى حاجه لان يكشف عنه فؤاد باشا، وهو سر مفضوح !! " ثم أتبعه بمقال ثان فى 13 يونيو بعنوان : "النبيل عباس حليم كات يستورد سلاحاً"، ومقال ثالث فى 20 يونيو بعنوان : "زوجة الضابط التى تتاجر بالأسلحة"؛ مما حدا بمصطفى نصرت وزير الحربية والبحرية لتقديم بلاغ إلى النائب العام فى 22 يونيو بشأن ما نشرته "روز اليوسف" فى العدد رقم 1149 بتاريخ 20 يونيو 1950، والعددين السابقين من اتهامات لرجال الجيش، جاء فيه : 

 

     "إن سمعة الجيش، وضباطه يجب ألا يتطرق إليها شك من جهة الأمانة، والاستقامة؛ ولذا رأيت إبلاغ عزتكم للتحقيق فى التهم المنسوبة إلى رجال الجيش؛ وذلك لإظهار الحقيقة؛ فيحول إلى المحكمة من تثبت إدانته حتى يقصى كل من تحوم حوله الشبهات.".

  صورة البــــــــلاغ الذى تقـــدم به مصطفى نصرت وزير الحــــربية 
إلى النائب العــــام بشأن ما نشرته " روز اليوسف " فى العدد 1149 
بتاريخ 20 يونيو 1950 والعددين السابقين من اتهامات لرجال الجيش 

عبد القدوس أمام النيابة : 

 

     على الفور تم استدعاء عبد القدوس رئيس تحرير روز اليوسف للمثول أمام النيابة ، ونظراً للأهمية، تولى النائب العام التحقيق فى القضية بنفسه، ولم يتمكن عبد القدوس من تقديم أدلة مادية عن صفقات السلاح سوى عن واقعة واحدة خاصة بعقد مبرم بين زوجة المقدم جورج إبراهيم سعد، والتاجر عبد الصمد محمد عبد الصمد، وذكر للنائب العام أن المعلومات بشأن باقى الصفقات قد استقاها من بعض الضباط فى الجيش، ولكنه رفض الإدلاء بأسمائهم حرصاً على مستقبلهم .. هكذا جاءت أقوال إحسان عبد القدوس (خريج الحقوق الذى فشل باعترافه فى ممارسة مهنة المحاماة )، محض أقوال مرسلة، لم يستطع إقامة الدليل المادى على ما جاء بها باستثناء العقد المشار إليه!!  

إبعاد الوزير ورئيس الأركان :


    وفى 18 سبتمبر 1950 بعث النائب العام برسالة خطية إلى وزير العدل عبد الفتاح الطويل باشا جاء فيها : 

    " .. ولاشك أن معاليكم تقدرون، وستعاونون النيابة فيما تطلبه من إبعاد أى موظف سواء كان بالقصر الملكى أو بالقوات المسلحة أو بوزارة الحربية، والبحرية عن وظيفته مؤقتا متى تراءى لها ذلك لمصلحة التحقيق"، ووافق وزير العدل على طلب النيابة، وطالب النائب العام ألا يتقيد التحقيق إلا بما نصت عليه القوانين ، وبناء عليه كان أول المبعدين الفريق محمد حيدر قائد القوات المسلحة، والفريق عثمان المهدى رئيس هيئة أركان حرب الجيش المصرى .

 حكم البراءة : 


    استغرقت التحقيقات 6 شهور كاملة، وجاءت فى 16 ألف ورقة فولسكاب، وجاء تقرير الاتهام فى 9 صفحات فولسكاب، وقدمت التهم فيها إلى قاضى الإحالة فى 15 يناير 1951، وشمل قرار الاتهام كل من :

 1 ـ محمود توفيق أحمد باشا ـ 60 سنة ـ وكيل وزارة الحربية والبحرية

 2 ـ اللواء إبراهيم سعد المسيرى بك ـ 48 سنه ـ مدير سلاح المهندسين ورئيس لجنة احتياجات الجيش

 3 ـ المقدم مصطفى محمد شديد ـ 41 سنة ـ سلاح الأسلحة والمهمات

 4 ـ النبيل عباس حليم ـ 53 سنة ـ من الأسرة المالكة

 5 ـ القائمقام عبد الغفار عثمان ـ 48 سنة ـ كبــير مفـتشى الذخـــيرة بالجيش المصرى

 6 ـ الرائد فؤاد محمد عاطف ـ 32 سنة ـ مفتش المفـرقعــات برفـح

 7 ـ المقدم حسين مصطفى منصورـ 43 سنة ـ كبير ضباط مخازن الذخيرة

 8 ـ الرائد فؤاد بقطر ـ 31 سنة ـ مفتش مفرقعات السلاح البحرى

 9 ـ أمير البحر (اللواء بحرى) أحمد بدر بك ـ 41 سنة ـ قــــــائد الســــلاح البحرى

 10 ـ محمود فهمى ـ 38 سنة ـ تاجر وسكرتير عباس حليم

 11 ـ جوزيف كلوكلو تردنيس ـ 41 سنة ـ تاجر

 12 ـ المقدم جورج إبراهيم سعد ـ 36 سنة ـ أركان حرب سلاح المهندسين

 13 ـ عبد الصمد محمد عبد الصمد ـ 30 سنة ـ تاجر 

 

    .. وتم إحالة القضية إلى محكمة الجنايات فى 18 مارس 1953 وصدر الحكم فى جلسة 10 يونيو 1953، حيث أصدرت المحكمة برئاسة المستشار كامل أحمد ثابت، وعضوية المستشارين محمد كامل البهنساوى، وأحمد مختار حكمها التاريخى الذى قضي ببراءة كل المتهمين من كل التهم المنسوبة إليهم ، ما عدا متهمين اثنين فقط حكم عليهما بغرامة 100 جنيه علي كل منهما، وهما القائمقام عبد الغفار عثمان، والبكباشي حسين مصطفي منصور كعقوبة على الإهمال حسب القانون .

 

     يقول اللواء جمال حماد (المؤرخ العسكرى، وعضو مجلس قيادة انقلاب 23 يوليو 52) فى حديثه لجريدة الأهرام اليومى ـ 11 ديسمبر 2009 : 

    (حين صدر هذا الحكم انقلبت الدنيا، لأن الناس تهيأت لسماع حكم يتلاءم مع كونها قضية رأي عام كبرى، بل هي أهم، وأخطر القضايا التي ارتكزت عليها الثورة؛ لذلك كان هناك ميل من قبل مجلس قيادتها لتغليظ العقوبة، وكان محمد نجيب مؤيدا لهذا الاتجاه، ووقع الاختيار علي عبد الغفار عثمان كبير مفتشى الذخيرة ليكون كبش الفداء!!) . 

 

مغالطات عبد القدوس :


    جاء حكم المحكمة فى القضية بعد انقلاب 23 يوليو ورحيل الملك، ليضع للحقيقة عنوانا فيما قضى به، لكن إحسان عبد القدوس بدلاً من الرجوع إلى الحق، وتقديم الاعتذار للرأى العام، استمر فى النفخ فى كذبته التى بنى عليها مجده الصحفى الزائف، فقد ضمن إحسان هذه القضية واحدة من قصصه السينمائية وهى قصة فيلم «الله معنا» المأخوذ عن رواية بنفس الاسم، وكان الفيلم من إخراج أحمد بدرخان، وعرض فى أعقاب انقلاب يوليو مباشرة عام 1955، وكان من المفروض أن يصبح أول فيلم سينمائى يستقبل الانقلاب، ولكن الرقابة التى كانت تابعة وقتها لوزارة الداخلية رفضت التصريح بالفيلم دون إبداء الأسباب، وحاول إحسان أن يدافع عن فيلمه، والذى تناول قضية كذبة الأسلحة الفاسدة التى فجرها، وباءت كل محاولاته بالفشل، ومر على هذه الواقعة عامان، ولم يجد أمامه سوى اللجوء إلى شريكه فى الكذبة البكباشى جمال عبدالناصر بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية، وطلب منه مشاهدة الفيلم قبل أن يصدر حكمه عليه، ووافق عبدالناصر على أحداث الفيلم كاملة، لكنه اشترط أن يتم حذف بعض الأجزاء من الفيلم كانت تشير أحداثها إلى شخصية محمد نجيب، والذى أدى دوره فى الفيلم الفنان زكى طليمات زوج والدة إحسان .

 

 عبد الغفار عثمان 

أمام " محكمة الثورة ":


    .. ومرة أخرى لم يتقبل الرأى العام الحكم الذى أصدرته محكمة الجنايات، وأمام ضغوط الرأى العام الذى تم شحنه إعلاميا بالأكاذيب عن قضية وهمية؛ اضطر مجلس قيادة الثورة لتقديم القائمقام عبد الغفار عثمان إلى "محكمة الثورة " التى انعقدت برئاسة قائد جناح عبد اللطيف البغدادى، وعضوية القائمقام أنور السادات، وقائد جناح حسن ابراهيم، وهى محكمة هزلية لا حصانة فيها للمتهم، ولا لمحامية، وأحكامها جاهزة من قبل، والدفاع أمامها ليس بمرافعة بل مهاترة!!، .. وفى 7 نوفمبر 1953 حكمت المحكمة عليه بالسجن 15 عاماً وتجريده من الرتبة العسكرية، ومصادرة أمواله، وأموال زوجتيه.

 

القاضى يتكلم 

 بعد ربع قرن من الصمت : 


     التزم القاضى المستشار كامل أحمد ثابت الصمت، ولم يعقب على حكمه الذى أصدره، حتى تمكنت الزميلة الأستاذة فيفى العريان من إجراء حوار معه نشرته جريدة الجمهورية فى عددها الصادر فى 3 يونيو 1976 بعنوان : " القاضى يتكلم بعد ربع قرن .. لماذا أصدرنا حكم البراءة فى قضية الأسلحة الفاسدة ؟!" .. قال القاضى : 

 

    " كان الجيش المصرى يعانى من نقص السلاح، والمؤن، والذخيرة، وبالرغم من معارضة العسكريين الذين أجمعوا أن الوقت غير ملائم لاتخاذ إجراءات حربية، فقد كانوا متأكدين أن الوحدات المصرية، وجميع الأسلحة لا تملك الإمكانيات أن تخوض حرب منتصرة؛ فقد كان عدد المحاربين اليهود 60 ألف مزودين بأحدث الأسلحة، وأرقى التدريبات، بينما ما حشده العرب لا يتجاوز 10 آلاف بالإضافة لأسلحتهم المحدودة، لكن رجال السياسة لم يأخذوا برأى العسكريين؛ فكان دخولهم الحرب مجازفة، ولتعويض نقص السلاح؛ أنشئت لجنة تسمى لجنة احتياجات الجيش بقرار من مجلس الوزراء فى 3 مايو 48، وقد أعفيت من كل القيود، والإجراءات المالية؛ حتى تسرع فى الحصول على الأسلحة، والذخائر، ثم أن محكمة الجنايات لم يثبت لديها مصرع جندى واحد من أسلحة فاسدة !! " .. انتهى كلام القاضى الذي كشف حقيقة تسليح الجيش المحدود الذى لم يكن يصلح سوى للزوم مهام التشريفات فقط !!  

شهادات للتاريخ :


     هذه هى شهادة القاضى عن الأسباب التى بنى عليه عقيدته، وأسس عليها حكم البراءة، فما بالنا بشهادات شهود من أهلها، وأهلها نفر من الذى روجوا للكذبة من ضباط انقلاب 23 يوليو 1952 : يقول اللواء محمد نجيب فى كتابه "كلمتى للتاريخ" ـ صـ 20 : 

     (أنا لا أريد أن أنزلق مثل الكثيرين إلى تعليق عدم انتصارنا فى حرب فلسطين على مشجب الأسلحة الفاسدة، وهى القضية التى استخدمت للدعاية ضد النظام القائم حينذاك، ولكنها انتهت بالبراءة فى عهد الثورة .) 

       الأغرب من هذا، أنه لم يرد فى اليوميات التي كتبها جمال عبد الناصر بخط يده فى أثناء حرب فلسطين عن المدة من سنة 1948 حتى نهاية سنة 1949 جملة واحدة عن الأسلحة الفاسدة، تلك اليوميات التى احتفظ بها الأستاذ محمد حسنين هيكل لمدة 55 عاما، والتى نشرتها جريدة العربى الناصرى بعنوان :"دفتر يوميات عبد الناصر".

    ويؤكد محمد نجيب فى كتابه "كنت رئيسأ لمصر"  : 

    (فى خلال شهور الحرب لم يلفت جمال عبد الناصر انتباهى،  لكنى أتذكر أنه كان يحب الظهور، ويحب أن يضع نفسه فى الصفوف الأولى، والدليل على ذلك ما حدث فى الفالوجا .. كنا نلتقط صورة تذكارية فى الفالوجا، ففوجئت بضابط صغير، يحاول أن يقف فى الصف الأول مع القواد، وكان هذا الضابط جمال عبد الناصر، ولكنى نهرته، وطلبت منه أن يعود لمكانه الطبيعى فى الخلف،  وعرفت عنه، بعد ذلك  أنه لم يحارب فى عراق المنشية كما أدعى، ولكنه ظل طوال المعركة فى خندقه لا يتحرك، .. وفى الحقيقة كان الجنود السودانيون هم الذين حاربوا فى هذا المكان، ونجحوا فى الاستيلاء على 13 دبابة من اليهود، .. والمعروف أن السودانيين مغرمون بكتابة الشعر، .. وقد سجل بعضهم تفاصيل القتال الذى دار فى عراق المنشية فى قصائد طويلة وصفوا فيها عبد الناصر وصفاً غير لائق بضابط مصرى!!

وفى أثناء الهدنة مع اليهود، جاء ضابط يهودى اسمة كوهين يسأل عنه، .. ولم يكن موجودا؛ .. فكتب له خطاباً، وتركه مع ضابط من الأخوان اسمه معروف الحضرى .
 
ولم أعرف ما فى الخطاب؛  لأن أخلاقنا لم تكن تسمح بقراءته .
 
.. وفى الحقيقة، لم أعر مثل هذه الأمور اهتماماً فى ذلك الوقت، وكان هذا خطأ كبير من أخطائى، التى أعترف بها، .. لكنه اعتراف بعد فوات الأوان . )

.. وقد أكد إيجال يادين نائب رئيس وزراء إسرائيل صدق ما قاله اللواء محمد نجيب على مائدة المفاوضات أثناء زيارة السادات للقدس عام 1977 بقوله : 

( حينما كان الصاغ جمال عبد الناصر رئيس أركان حرب الكتيبة السادسة مشاة ضمن القوات المحاصرة في بلدة عراق المنشية قطاع الفالوجا، كان يتحدث عبر خطوط الجبهة مع اليهود المحاصرين للفالوجا، وأن إيجال يادين الذي كان رئيساً لأركان حرب جنوب فلسطين فى ذلك الوقت  كان يرسل إليه هدايا البرتقال، والشيكولاتة !! )

وقد برر الأستاذ محمد حسنين هيكل اتصال عبد الناصر باليهود فى الفالوجة بتفسير يدعو إلى السخرية أكثر منه إلى الدهشة، والعجب، وخاصة أنه لا ينطلى على طفل صغير ، ويحيط شخص عبد الناصر بشبهات كثيرة بقوله : 

( .. وجاء ثمة عامل مؤثر آخر أثر تأثيراً عميقاً فى حياته سنة 1948 عندما شاءت له أقداره أن يكون أحد اللذين حاصرهم الإسرائيليون فى الفالوجة، والذين قاتلوا  برغم ذلك ببسالة، وواصلوا القتال رافضين الاستسلام، وكان خلال ذلك يتحدث عبر خطوط الجبهة مع الإسرائيليين المحاصرين للفالوجة، وكان الحديث يدور حول الكيفية التى أجبر بها اليهود بريطانيا على التخلى عن انتدابها على فلسطين . )


ويؤكد اللواء أ .ح جمال حماد متعه الله بالعافية وطول العمر على صحة تلك الشهادات فى الحلقات الخمسة عشرة التى نشرتها مجلة "أخر ساعة" بعنوان : "الحقيقة فى قصة الأسلحة الفاسدة"، والتى بدأت المجلة نشر أولى حلقاتها فى عدد 28 / 3 /2001، وأكده فى حديثه لجريدة الأهرام اليومى بتاريخ  11 ديسمبر 2009 :



( بصراحة شديدة حجم الدعاية في قضية الأسلحة الفاسدة لا يقل عن 60%، وقد روجت السينما لهذه القضية طويلا، وكل ما في الأمر أن المدافع التي قيل إنها كانت ترتد لصدور جنودنا كانت تنفجر نتيجة لسخونتها، وكثافة استخدامها في ضرب النار، وقلة التدريب؛  فالمدفع الـ 25 رطلا من أفضل المدافع في العالم وهيأ النصر للانجليز في العلمين، ولكن الذخائر التي استخدمت كانت فاسدة نتيجة للعوامل الجوية، وحرارة الشمس، أما الهزيمة فقد تحملتها مصر؛ لأنها مصر الرائدة والأخ الأكبر دائما؛ كان جيشنا أكبر جيش في الجيوش السبعة، وكان يتكون من (1000مقاتل) يحاربون بالبنادق فقط، وبلا خرائط !!  ) .

.. يتفق مع اللواء جمال حماد فى الرأى أحمد حمروش أحد ضباط انقــلاب 23 يوليو 1952، فقد ذكر فى ( الجـزء الأول من كتابه قصة ثورة 23 يوليو ) :

    
" هكذا كانت قضية الأسلحة الفاسدة، قضية دعاية أكثر منها قضية مخالفة للقانون... وقضية إثارة أكثر منها قضية اختلاس، وسرقة .. والأقلام التى انجذبت إليها صورتها على أساس أنها قضية رئيسية فى هزيمة الجيش، متجاوزة بذلك قضايا أخرى أكثر أهمية، وأكثر نفاذاً فى التأثير على قدرة الجيش على القتال . "


.. ويقطع عبد اللطيف البغدادى فى شهادته بأسباب هزيمة الجيش فى حرب  فلسطين، والتى ضمنها مذكراته التى نشرت بعنوان "مذكرات عبد اللطيف البغدادى" عن دار نشر المكتب المصرى الحديث فى عام 1977، وهى شهادة لها أهمية خاصة لسببين :


    
الأول :  لكونها صادرة عن عبد اللطيف البغدادى رئيس "محكمة الثورة" التى حكمت على القائمقام عبد الغفار عثمان بالسجن 15 عاماً، وتجريده من الرتبة العسكرية ومصادرة أمواله، وأموال زوجتيه .
 
   
الثانى : أن هذه الشهادة جاءت بخلاف ما نطق به من حكم الإدانة بحق عبد الغفار عثمان .


 يقول البغدادى:



".. وكان النقراشى باشا رئيساً للحكومة فى ذلك الحين، وقد طلب من قادة الجيش المصرى الاشتراك فى المعركة الدائرة على ارض فلسطين، واعتراض بعض القادة منهم لعدم استعداد الجيش المصرى بالأسلحة اللازمة، والكافية لخوض هذه المعركة، وهو نفسه كان يعرف هذه الحقيقة أيضا، ولكنه تحت ضغوط الملك فاروق أصدر أمره للجيش بالتدخل " .



.. يعود البغدادى ليعترف صراحة عن أسباب الهزيمة، وليس من بينها ثمة إشارة لأسلحة فاسدة أو قتلى من الجنود نتيجة لاستعمالها؛ فيذكر على صفحتى 27 و 28 من الجزء الأول من نفس المذكرات:


".. ولكن الجيش المصرى كان فى أشد الحاجة للأسلحة والذخيرة، ولم يكن يمكنه الحصول عليها إلا من السوق السوداء العالمية، وفى حدود ضيقة جداً، ومن أصناف رديئة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، وكان قد سبق استخدامها، وكان هناك ـ قرار من هيئة الأمم بحظر بيع السلاح للأطراف المتحاربة ـ ولكن رغم هذا القرار فقد أمكن لليهود الحصول على احتياجاتهم كاملة من السلاح من السوق الأوربية، وخاصة من تشيكوسلوفاكيا،  وتخللت تلك الحرب ثلاث هدنات، وأوقف القتال فى كل هدنة، وكان ذلك فى صالح اليهود لأنهم كانوا  قادرين على شراء ما يلزمهم من الأسلحة، والذخيرة بخلاف العرب، كما أنهم كانوا يعملون أيضاً على كسر قرار إيقاف القتال بغرض تحسين مواقعهم العسكرية، والاستفادة بأراض جديدة يعملون على احتلالها عندما يكونون قادرين على ذلك .".




.. ويعترف د . ثروت عكاشة فى الجزء الأول من مذكراته بعنوان : "مذكرات في السياسة والثقافة" :



(إن ما قيل عن فساد الأسلحة، والذخائر التي كانت في أيدي الجيش المصري، حديث يتجاوز الحقيقة.)

.. ويقطع الصاغ حسين حمودة (من ضباط انقلاب 23 يوليو) فى شهادته التى ضمنها كتابه بعنوان " أسرارحركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمين "  : 


( أنه لم يرسل إلى ميدان القتال بفلسطين سنة 1948 أية أسلحة فاسدة؛ لأن السلاح كان يجرب فى مصر قبل إرساله إلى ميدان القتال) .


   
شهادة أخرى على ملأ من الناس فى القاهرة، ففى يناير عام 1988 استضاف معرض القاهرة الدولى للكتاب ضمن فاعليات ندواته الفريق حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي السابق الذى شهد  :

" أنه كان ضابطا في حرب فلسطين عام 1948، ولم تكن هناك بندقية واحدة فاسدة في أيدي الجيش المصرى" .



***

كل ما لدينا من وقائع وشهادات تؤكد أن كذبة سوداء مسماة بـ "الأسلحة الفاسدة" هي صورة صارخة، ومثال زاعق لعملية الغش، والتدليس في كتابة تاريخ الوطن والمساس بحرمته من أشخاص تحوطهم الشبهات، وصحفى مخادع بنى مجده الصحفى على كذبة يدعى إحسان عبدالقدوس!!، وأن هذا الدعىّ لم يسلم من بطش من مارس الكذب لحسابهم، فقد نشر مقالاً بعنوان  : (الجمعية السرية التي تحكم مصر) أثناء أزمة مارس 1954، والاعتداء على الدكتور عبد الرزاق السنهورى، وترتب على المقال القبض عليه، واعتقاله، ودخوله السجن الحربى الذى لقى فيه من هوان الرجال ما يعجز القلم عن سطره، ويعف اللسان من نطقه، وبعد خروجه منه صباح يوم 31 يوليو 1954، وما أن وصل إلى بيته، دق جرس التليفون يحمل إليه صوت جمال عبد الناصر شريكه فى كذبة "الأسلحة الفاسدة" ضاحكاً،  وهو يقول له :

    "هيه إتربيت، ولا لسه يا إحسان، طيب تعال إفطر معايا، ما تتأخرش أنا منتظرك" . 

 
استقبله جمال عبدالناصر؛ تناولا الفطور معاً، كان عبدالناصر ينظر إليه نظرات ذات مغزى يفهمه إحسان الذى بدا منكسراً لا يقوى على ابتلاع طعامه، فى هذا اللقاء أفهمه عبد الناصر أن الزمن قد تغير، وألمّح له بأشياء أخرى(......)، بعدها راح عبدالقدوس يكتب روايات الجنس، والفراش مبتعدا عن السياسة .

 
***


.. الغريب فى الأمر أيضا أن مجرمى تزييف التاريخ  مازالوا يصرون على الكذبة فى مناهج التعليم فى مصر !!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق