الأحد، مارس 25، 2012

ياسر بكر صاحب رواية " حنظلة " .. يقول الكثير :


ياسر بكر صاحب رواية " حنظلة " :

أردت كشف آليات اختيار رؤساء التحرير الحكوميين

حوار : صلاح البيلى


مجلة الوطن العربى
العدد : 1815 ـ 14 ديسمبر 2011 ـ صـ 46 ، 47
الكاتب الصحفى ياسر بكر

" المصاريف السرية فى الصحافة المصرية " كتابى القـــادم وسنعرف فيه أن الشــيخ على يوسف ومصطفى كامل مــولا صحفهما من بيع الرتب والنياشين !!
  • نعيش "عصر الصورة" ولكنها أحيانا تكون " بألف كذبة "!!
الصحفيون يطاردون الأخبار والحقيقة في كل زمان ومكان، ولكن قلما وجد من يكشف أسرار وأحشاء مهنة البحث عن المتاعب بصدق فعلها الزميل محمد غزلان في روايته (الواطي) ويفعلها الآن الزميل ياسر بكر في روايته : (حنظلة .. صديقي رئيس التحرير) فاضحاً عورات وكواليس مهن من أشرف المهن وهي القلم والكتابة ، مؤكداً من خلال سيرة الأحداث والشخصيات ذات الأسماء المستعارة أن الواجهة البراقة غير الأحشاء ويستعد ياسر بكر أيضاً لاصدار كتاب آخر بعنوان : (المصاريف السرية في تاريخ الصحافة المصرية) وكتاب: (أخلاقيات الصورة الصحفية ) وكتاب (إخراج الصحف وتصميم صفحات الويب)  وكان قد أصدر من قبل مجموعة قصصية عنوانها : (حكايات تافهة جداً) وكتاب (الإعلام البديل).
 وفي الحوار التالي نقف على بعض أسباب تفاصيل هتك الستار عن مهنة الصحافة. يعترف ياسر بكر في روايته بان محاولته تلك ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسلة روايات عن واقع الصحافة المصرية بدأت بـ ( القاهرة30) و(اللص والكلاب) لنجيب محفوظ ، مروراً بـ (زينب والعرش) و (الرجل الذي فقط ظله) لفتحي غانم و(سنة أولى حب) لمصطفى أمين و(دموع صاحبة الجلالة) لموسى صبري و (كفاني يا قلب) و(مدام شلاطة ) و (الأشرار) ومن عندي أضيف عناوين كتب أخرى مثل (50عاماً في قطار الصحافة) لموسى صري و (بين السياسة والصحافة) لمحمد حسنين هيكل وهناك مذكرات (التابعي)  و (جلال الحمامصي)  و( مصطفى أمين) وغيرهم.
البدايـة :
      
 تركز أحداث الرواية على (الملواني) محرر الحوادث السكير والبذيء الذي أتى من أسفل السلم الاجتماعي بأحقاده وكراهيته للناس، وقد بدأت علاقته بالصحافة عندما اصطحبه والده (الأسطى عبده الصرماتي) إلى صاحب مصنع الدخان الذي كف بصره ليقرأ له جريدة (الأهرام) مقابل قرش صاغ يومياً أي بدأ قارئاً مأجوراً لحساب الغير لينتهي كاتباً مأجوراً لحساب الغير!
       تطور (الملواني) عندما وجد فيه رجال (التنظيم الطليعي للاتحاد الاشتراكي) ضالتهم فبدأ يكتب التقارير ضد رؤسائه وزملائه ثم يصطنع المعارك ضد من يري أسياده في "أمن الدولة" أنه مطلوب " قرص ودنه" لتبدو (خناقة) عادية كما تحول إلى (هتيف) في الانتخابات النقابية و (بودي جارد) لرئيس التحرير فانتقل كمدير لتحرير اكبر الصحف لدرجة أن كامل زهيري قال فيه : مخبر نعرفه خير من مخبر لا نعرفه.
الصدارة :
       فرغ جراب السادات من الرصيد لدى رجل الشارع ، وغسل كبار الكتاب أيديهم منه فنحي وزير الإعلام ( جودت الموافي) واختار بنفسه رؤساء تحرير الصحف الجدد من الشخصيات المجروحة والتي لديها ما تخجل منه ، والفعل جاء (بالمقامر) و (عاشق الغلمان) و (الديوس)  و(الشاذ)  و(السحاقية) و (الملواني)  وبدأ الأخير سياسته في (قتل الأجنة الموهوبة وأطاح بالكبار وصنع بدلاً منهم (صبيان القعدة) وباغتيال السادات  تحول (الملواني) لمدح سيده الجديد (مبارك) ثم قدم بأحد الاجتماعات شاباً أسود اسمه (حنظلة) على أنه موهوب وبعد قليل عرف أنه طرد من صحيفة سابقة لأنه كان كاتب التقارير الأمنية فيها على زملائه وأفتضح أمره عندما نسي تقارير على مكتبه ونزل مسرعاً ليقابل والده (العربجي) الذي جاءه من القرية!
أخر الثعبان:
       وفي الصفحة 36 ينقل لنا الكاتب مواجهة بين (الملواني)  و(حنظلة) قال فيها الأول للثاني (إوعى تنسي إني جايبك من (بكبورت)  وإن خيرى عليك وعلى أهلك، ولولا أن اللواء الجبالي من أمن الدولة باس جزمتي مكنتش عينتك .. فعلاً الطبع غالب ، وديل الكلب ما ينعدل ولو علقت فيه قالب
– أنت مفصول
 بكي "حنظلة" الذي كان قد كتب تقاريره الأمنية على رئيس تحريره (الملواني)  فعل ذلك لكي يكشف عن آخر جذور (حنظلة) ويعرف من سوف يتوسط له فيعرف كيف يتعامل معه !
       هكذا تمضي الرواية في سبعة فصول و 94 صفحة من القطع الصغير لتنتهي بقرار النائب العام بالقبض على جميع شخصياتها وإحالتهم للمحاكمة وإدخال (حنظلة)  مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية.

ثرثرة:
       يقول المؤلف ياسر بكر روايتى صحفية لا تلتزم بقواعد العمل الروائي ولكنها تندرج تحت "أدب البوح أو الثرثرة" ، لكن أهم ما فيها كشف الآليات  التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في العالم الثالث عند اختيار رؤساء التحرير دعمهم من خلال الاشتراكات المفروضة على الهيئات الحكومية والإعلانات المفروضة مع توجيههم لملفات معينة يتم تصديرها إليهم مثل ملفات : (الإخوان والسلفيين والأقباط) وبعض الملفات الإباحية لإثارة الغرائز على قاعدة (مردوك) في الـ ( 3s) وهي (الرياضة والجنس والفضائح) والثلاثة تبدأ بحرف (S)  بالانجليزية بهدف تجريف الوعي والعقل وتزييف الحقائق والوصول بالصحافة لما أطلق عليها فتحي غانم (صحافة التسالي) مثل (الفشار وقزقزة اللب) !
المصاريف السرية:
  •  كتابك التالي عن المصاريف السرية في الصحافة يبدو أنك اخترت طريق الكشف؟
 ـ صحيح وهو بعنوان : ( المصاريف السرية في تاريخ الصحافة المصرية) من أول تمويل الصحف من بيع الرتب والنياشين وقد تورط فيها الشيخ علي يوسف والزعيم مصطفى كامل حين مول جريدته (اللواء) من بيع الرتب والنياشين حتى الآن.
الإعلام البديل

  •  لك كتاب باسم (الإعلام البديل) ، ماذا تقصد به ؟
ـــ هو أول كتاب عن الصحافة الالكترونية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات فى خلق نشاط اتصالي بين الأفراد وقد ظهر المصطلح في أوروبا سنة 1992 ولكنني أري أنه متواجد بشكل مواز مع الإعلام الرسمي، فالرسمي في دول العالم الثالث يمثل الخطاب أحادي الجانب لنظم استبدادية في العالم الثالث ، أما (البديل) فيمثل وجهة نظر المهمشين ومصالحهم ، وأهم أشكال الإعلام البديل" النكتة والموال والمثل الشعبي والملحمة الشعبية والكتابات على واجهات المنازل وهياكل المركبات وعربات الكشري والفول والطعمية ، وابتكر المثقفون ( نشرات الماستر ) فظهرت في السبعينات (النديم ومصرية وشموع) ثم ظهرت المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي .
  •  هل تريد أن تقول إن (الورقي) سينتهي لحساب (الرقمي)؟
ـ  الصحافة الورقية على وشك الدخول لمتحف التاريخ و(ماير) استاذ الصحافة الإلكترونية قال إنها ستختفي على العام 2018 لذلك أطالب نقابة الصحفيين بسرعة إنشاء (متحف الصحافة) ليضم كل الماكينات والأدوات التي استخدمت على مدار 200 سنة قبل أن تندثر في ظل تجريف الوعي والإعلام والتاريخ .
عرض الصورة:

  • ما الذي جعل متأكداً ان (الورقي) سينتهي ؟ 
ــ  لأن الرقمي أقل تكلفة كما أن أسعار الورق تتضاعف ومع الاستخدام الجائر للغابات تتعالى صيحات مناصري البيئة بعكس الرقمي نطاقه افتراضي ولا يترك مخلفات أو استخدام جائر للبيئة. لذلك أقول إن التحول حتمي ، وآخر إحصائية لوزارة الاتصالات أكدت أن 32 %من الشعب المصري يستخدمون الإنترنت ، 60% منهم يستخدمون المنتج الإعلامي و 15% منهم تنتج المنتج الإعلامي وتسوقه عبر النت  ، وأنظر لأرقام التوزيع  الصحف ستجد أن (الأخبار) هبطت من 1.5 مليون نسخة إلى 193 ألف نسخة و (الأهرام) الأسبوعي من 1.5 مليون نسخة إلى 400 ألف نسخة ، كما أن (الرقمي) أتاح للقارئ كتابة تعليقاته وخلق (الموان الصحفي) بدلاً من إرسال خطابه لـ ( بريد القراء) وانتظار نشره وقد لا ينشر والقادم هو (عصر الصورة) وهو ما تنبأ به أحمد بهاء الدين قبل 20 سنة في كتابه: (شرعية السلطة في العالم العربي) عندما قال إن الكلمة فقدت مصداقيتها نتيجة لتلوين الكلمات بما يخدم مصلحة النخبة الحاكمة وأن الصورة ذات التفاصيل الواضحة هي الحقيقة ، وبعد وفاته بـ 18 سنة ألف الأميركي (ستيفن ميشل) كتابه (انهيار الكلمة وصعود الصورة) وأثبتت ابحاث أكسفورد أن 75% من القراء يشاهدون الصورة فقط و 50% يقرأون العناوين و 29% يقرأون كلام الصور و 25% فقط يهتمون  بالمنشور لذلك فالتمسك بالقديم معناه التمسك بالطربوش ووابور الجاز!


خداع الصورة

  • ولكن الصورة أحياناً تكذب وتكون ملفقة ؟! 
ـ  لذلك شرعت في وضع كتاب (أخلاقيات الصورة الصحفية) بعد أن أصبحت الصورة صانعة الخبر وسقطت الكلمة لرضوخها للاستبداد والفساد المالي وبالفعل صارت (الصورة بألف كذبة) وهو ما جعل وكالات الأنباء تنشر شريط التوثيق في ذيل كل صورة ليتحمل المصور المسؤولية الأدبية والجنائية عن صوره ، ففي عصور الاستبداد تحجب الصور وتزيف كحجب صورة ابراهيم الورداني قاتل يوسف نيروز بطرس غالي سنة 1910 ثم ألغي الحجب بعد ثورة 23 يوليو (تموز)1952 التي قامت بحجب صورة اللواء محمد نجيب وعبدالرزاق السنهوري، وبعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وخلاف السادات مع الشاذلي قام بحجب صورة وبعد رئاسة حسني مبارك وضع صورته وبعد رئاسة حسني مبارك وضع صورته مكان صورة الشاذلي بطريقة (الفوتو مونتاج) التي حل محلها طريقة (الفوتو شوب) والآن عادت صورة الفريق الشاذلي للصدارة وفي مكانها في صور قاعة عمليات القوات المسلحة في حرب اكتوبر (تشرين الأول) بجوار الرئيس السادات بعد خلع (مبارك) وهكذا الصور دائماً ما تكشف الحقائق وتصنع الأكاذيب وكلاهما سوف يستمر ما استمرت البشرية.
صورة رقمية للحوار المنشور بمجلة " الوطن العربى "
العدد : 1815 ـ 14 ديسمبر 2011 ـ صـ 46 ،47

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق