ياسر بكر يكتب : لـ
"البلطجة " تاريخ في نقابة الصحفيين !!
البلطجة في نقابة الصحفيين .. صورة تحكي الكثير عن صحافة وطن !!
انزعج الكثيرون من السادة الأساتذة أعضاء نقابة الصحفيين من مشهد مروع لكائن بشري "يدعي" أنه امرأة .. كانت صاحبة الكيان المنبت الصلة بالأنوثة شكلاً ومضمونا .. ومظهراً ومخبراً تحمل عصاة "شومة" في محاولة للفتك بأحد الأساتذة الزملاء من أعضاء النقابة وداخل حرمها بعد أن اعتدت على إحدى الزميلات، ووصمتها بما يعاقب عليه القانون !! .. ونحن بهذا الوصف لا نعيب على الخلقة؛ فسبحان الله الخالق العظيم، ولكن نعيب الخُلق والأخلاق التى جعلتنا لا نرى في هذا الكائن المنحط إلا كل ما هو شائة ومستقذر !!
والحقيقة أن البلطجة ليست "وافد جديد" على نقابة الصحفيين،
ولا "عابر سبيل" في شارع عبد الخالق ثروت؛ إنها جزء من التاريخ النقابي
المثبت في محاضر جلسات مجلسها، والتي يتعمد البعض التعتيم عليها، وعدم إتاحة الفرصة
للباحثين للاطلاع عليها بمزاعم تتعلق بما اسموه زوراً وبهتاناً بـ "الأمن
القومي".
ففي محضر أول اجتماع لمجلس النقابة المؤقت
بتاريخ 7 ابريل 1941 وبعد أسبوع من نشر قرار تأسيسها في الجريدة الرسمية بتاريخ 1
ابريل 1941 .. كان الاجتماع قد عقد في شقة للقمار بعمارة الإيموبليا يملكها
الأستاذ محمود أبو الفتح أول نقيب للصحفيين، ودخل الأستاذ محمد التابعي مقتحماً غرفة الاجتماع ليعلن
لأعضاء المجلس الموقر أن الحكومة صادرت "أخر ساعة"، وأن تلك المصادرة هى
هدية حكومة حسين سري للنقابة الوليدة.
.. وتصدى الأستاذ فارس نمر صاحب المقطم وعضو
المجلس المؤقت للنقابة لتفنيد أكاذيب التابعي قائلاً : "شو خلاف بينك وبين
الحكومة أستاذ تابعي .. أنت ما كو قابض امبارح 500 جنية من مصاري المصاريف السرية ." .
وأسقط في يد التابعي وفقد صوابه من هول
المفاجأة، واشتبك الرجلان في خناقة تطايرت فيها الكراسى والأكواب، واختلطت الأماني
بالشتائم !!
كان التابعي كاذباً؛ فعندما كلف مجلس النقابة
الأستاذ فكري أباظة المستشار القانوني للنقابة وعضو المجلس المؤقت بالتحري عن
أسباب المصادرة اتضح أن "أخر ساعة" قد نشرت خبر بعنوان : " زوجة
الوزير رقاصة" وكان مضمون الخبر عن زوجة وزير الزراعة رقصت في منزلها في مناسبة عائلية
وسط أقاربها ومحارمها وغضب الوزير، وأصر على الاستقالة، وارتأت الحكومة أن المصادرة
أفضل الحلول لاحتواء الأزمة، وأصدر مجلس نقابة الصحفيين بيانا جاء فيه :" أن
ما فعله التابعي بنشر ذلك الخبر إسفاف لا يليق، وأنه ينطوي على انتهاك حرمة الحياة
الخاصة!!" .
وبعد انقلاب يوليو 1952 تم تدجين الصحفيين،
ولم يعد مسموحاً بالتجاوز، وكان يتم اختيار النقيب ومجلس النقابة في انتخابات صورية هي
الأقرب للتعيين من بين أعضاء التنظيم الطليعي، وكان إسقاط عضوية الاتحاد الأشتراكي
عن الصحفي كفيلاً بفقده الهوية الصحفية وحرمانه من مزاولة المهنة، وتحويله إلى مجرد خرقة لا تصلح لأي شئ، ولا لأي عمل .
وفي عصر الرئيس السادات ومع دعاوى الديمقراطية
الزائفة عادت البلطجة إلى النقابة بمظلة حكومية؛ فبعد أن زاد الصحفيون من حدة انتقادهم
للرئيس السادات الذي اعتبر أى نقد لسياساته إساءة إلى مصر، ولم تستجب النقابة لرغبته
في إسقاط العضوية عن منتقديه تفتق ذهن الأستاذ محمد عبد الجواد رئيس وكالة أنباء
الشرق الأوسط والمستشار السياسي للرئيس السادات عن استخدام صحفيين مواليين لتأديب
الصحفيين منتقدي السادات ليبدو الأمر في ظاهرة خلاف في الرأي بين أبناء المهنة
الواحدة، ولا دخل للحكومة به من قريب أو بعيد .. وبدأت المشاجرات اليومية بين
الموالين والمعارضين، وكان يغلب عليها طابع البلطجة من كلا الجانبين !!
لكن بعض حوداث البلطجة في نقابة الصحفيين لا تخلو من طرائف؛ فقد أعتاد الزميل الأستاذ محمد عتمان الصحفي بروز اليوسف إرهاب المختلفين معه بضخامة
جثمانه، وحدث أن بدأ مناوشاته للحصول على بعض المكاسب النقابية بافتعال مشاجرات مع
الاستاذ ابراهيم حجازي عضو مجلس النقابة آنذاك، ولم يجد حجازي أمامه إلا الاحتماء
بأحد البودي جاردات من بطش عتمان، ولما كان ذلك صعباً آنذاك فقد لجأ حجازي إلى
حيلة لا تخلو من طرافة بتعيين الكابتن حسن الحداد بطل مصر في المصارعة صحفياً في مجلة "الأهرام الرياضي"، وكما تم تعيينه في سرية تم قيده سراً في
جداول النقابة، ومع أول ظهور لحجازي في حماية الحداد، اختفى عتمان من حرم النقابة، ولم يعد
يسمع له صوتاً !!، وطويت صفحة من صفحات الحكايات .
إنها الحكايات .. وللحديث بقية وشجون !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق