السبت، يوليو 26، 2014

ياسر بكر يكتب : عزة سامى .. و" البقع العمياء" فى الإعلام !!

ياسر بكر يكتب : عزة سامى .. و" البقع العمياء" فى الإعلام  !!

رحلت عن عالمنا الزميلة الأستاذة عزة سامى الصحفية بجريدة الأهرام ( يرحمها الله ) .. كانت الزميلة قد كتبت قبيل رحيلها بأيام فى تدوينة على صفحتها بأحد مواقع التواصل الاجتماعى ـ ما فُهم منه ـ أنها تتوجه  بالشكر لرئيس حكومة الكيان الصهيونى لقتله أهلنا فى الأراضى المحتلة ، .. ومع تصاعد حدة غضب رواد الموقع على الزميلة، وعنف التعليقات التفاعلية؛ آثرت الزميلة عدم الدخول فى مناقشات وارتآت إغلاق حسابها .. ولم يحمها إغلاق الحساب والإنزواء بعيدا عن العالم الافتراضى لمواقع التواصل .. وأيضا لم يكن الموت شافعاً أو ماحياً للعداوة بين من استفزتهم الكلمات؛ فقد كانت تلك التدوينة بمثابة " الخطأ ذات الحضور الطاغى " الذى يطغى على ما عداه من صواب وخطأ على حد سواء،..أو إن شئت الدقة أشبة بخطأ " الديناميت"؛ حيث الخطأ الأول هو الخطأ الأخير ، هكذا كان تأثير الفعل على مسيرة الزميلة المهنية الحافلة بدواعى الفخار منذ بداتها محررة بوكالة أنباء الشرق الأوسط ، ثم محررة بجريدة الأهرام ورئيسة للقسم السياسى به ، ثم مشرفة على صفحة السياسة .

.. ليس معنى هذا دفعا عنها؛ فقد جانبها التوفيق فى تلك الحالة بحسب اعتقادى، .. بقدر ما هو تصديا لمن أراد أن يسوّغ لنا ما لا يمكن تسوّيغه ، وأن يجعلنا نقبل بما لا يجوز قبوله بالتفريط فى الثوابت من  أجل العوارض أو المبادئ من أجل شخص عابر فى ظروف عابرة بدعاوى أخلاقية زائفة  .. وورع كاذب، وبعبارات من فحوى ونوعية .. " جلال الموت "، و " .. رهبة الموت "، و " قدسية الموت "، و  "اذكروا محاسن موتاكم " .. وهو كلام قد يصدق ـ أقول قد ـ على الأقارب أو الأصدقاء أو المعارف أو الجيران فى حالات بعينها، وفى مواقف شديدة الخصوصية .. محدودة الأثر ، لكنه بالتأكيد لا ينطبق بأى حال من الأحوال على كل من تصدى للعمل العام وأثاره فى حياة الأمم والشعوب.. ولو صحت تلك الدعاوى لكان كل كتاب التاريخ والدارسين نمامين ومغتابين، ونابشى قبور، ومعدومى الضمير، ولا يرعون للموت حرمة، ولما كان هناك شئ اسمه علم التاريخ!! .. وما ينطبق على المؤرخين والدارسين ينسحب على العاملين بالإعلام أو الرأى؛ لكون المشتغلين بهما وكلاء عن الرأى العام فى تقصى الحقيقة ومعرفتها وتمحيصها ونشرها وتداولها ؛ ليتخذ كُل فى موقعه ما يمليه عليه ضميره بما يتفق مع مصالحه والصالح العام ، والكاتب وحده يحمل وز ما قال به، ووزر من أضلهم بغيرعلم خاصة إن كان رأياً ينطوى على آفة من هوى من خلال التلاعب بالتعتييم على بعض أجزاء الطيف المعلوماتى بمساحات من التشويش لحجب درجاته ..تلك المساحات التى يُطلق عليها " البقع العمياء Blind Spots " لإخفاء مسارات عدم الاتساق فى الحدث أو الرأى أو الرواية وتقديم المعلومة منقوصة أو مشوهة بغرض إدخال الغش والتضليل ، .. وما قالت به الزميلة الفقيدة فى تدوينتها لا يتفق مع طبائع الأمور ولا يستقيم معها، ولا يخدم إلا مصالح العدو ؛ فحق أهلنا فى فلسطين المحتلة فى تحرير الأرض ليس محلا لجدال .. واستعادة الحقوق المسلوبة ليست مجالاً لتفاوض مع عدو خسيس ونذل وجبان.

.. ولسنا هنا بصدد الاحتكاك بذكرى الفقيدة ، ولسنا بصدد محاولة تفكيك النص الذى صاغته، أو نظل أسرى الدوران فى حدوده ..بقدر ما نحن بصدد الخروج من ذلك كله ، والانطلاق نحو بناء تصور عن موقف نحاول أن نجعله أكثر مقاربة للحقيقة بما يضعها فى سياقها بما يحفظ للخاص خصوصيته ، ويبقى على العام مهابته فى محاولة جادة لإرساء قاعدة مهنية .

***
يرحم الله شهدائنا فى فلسطين، .. ويرحم الزميلة الأستاذة عزة سامى؛ فعند الله تجتمع الخصوم .. القاتل ، .. والقتيل ، .. ومن أعان على القتل ولو بشطر كلمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق