الجمعة، يناير 20، 2012

أخلاقيات الصورة الصحفية ـ تأليف : ياسر بكر

أخلاقيات الصورة الصحـفية

Ethics of journalistic Photo

ياسر بكر


رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق القومية المصرية : 
ــــــــــــــــــــــــــ
2566 / 2012

الترقيم الدولى :
ـــــــــــــــــــــــ

5 -510 -716 -977 - 978




الغلاف :
ـــــــــــــ

إخراج فنى وجرافيك

ياسر بكر

المراجعة القانونية :
ــــــــــــــــــــ

المستشار/ مجـدى عكاشــة

المحامى بالنقض
والإداريــة العـليا

المراجعة الفنية :
ــــــــــــــــ

مهندس/ محمـد بشندى

الوكيل الإقليمى لشـركة نورتسو العالمـــية
لمعدات التصوير بالشرق الأوسط وأفريقيا



الإهــــــــــــداء
ــــــــــــــــــ

إلى روح أبى
حضرة /إمام أفندى بكر
معلم قريتنا " تلوانة " وشيخها
ياسر بكر

مقدمة :
ـــــــــــ

فى البدء كانت الكلمة، ثم كانت الصورة. 

فى البدء كانت الكلمة، نطقها الإنسان كحدث صوتى بشكل عشوائى؛ ثم راح يضبط نبراتها مقلداً أصوات الحيوانات والطيور وغيرها من عوامل الطبيعة مثل صرير الرياح وخرير الماء وحفيف الأشجار.

ثم اتفقت الجـماعة الإنســــانية على دلالات هذه الأصــوات عن أعــلام وأشـياء وأفعــال بعينها؛ ثم أضــافت إليها الحـروف لضبط مواقـع الأفراد وزمن الأفعال وحركة الأشياء ؛ فكانت اللغات المختلفة وعاء للعاطفة والفكر الإنسانى، وتسيير حركة الحياة وتبادل الخبرات الإنسانية.

وفى مراحل ضعف اللغة وعجزها عن تلبية احتياجات البشر فى التواصل قامت الصورة فى شكلها الأول (رسوم بدائية ) بسد الثغرة وإقامة الجسر، ووصل ما انقطع من حوار من خلال لغة بصرية يقرؤها جميع البشر دون استثناء، لأنها تتجاوز حدود اللغات وحواجز الثقافات، وكانت الصورة بمثابة أبجدية كونية من قبل أن يعرف البشر الأبجديات، تقرؤها العين دون وسيط. ولا تحتاج إلى المصاحبة اللغوية كى تنفذ إلى إدراك المتلقى، فهى بحد ذاتها خطاب ناجز مكتمل، يملك سائر مقومات التأثير الفعال فى مستقبليه، ويغنى عن ساعات من الكلام . فصارت الصورة توأم الكلمة. 

وعبر التاريخ تغير موقع الصورة ومكانتها لما لها من سحر بما أكسبها طابعا مقدسا فى العصر القديم، كما يدل على ذلك اشتقاق اسمها Imajerie.

وفى تطور دورة الحضارة وازدياد الخبرات الإنسانية ظهرت الحاجة الملحة إلى حفظ هذه الخبرات وتأمين نقلها للأبناء والأحفاد؛ ولأن الحاجة أم الاختراع كان اكتشاف الكتابة التى بدأت تصويرية فى شكلها البدائى pictorial فكانت الصورة هى أول شيء لجأ إليه الإنسان البدائى للتعبير عن نفسه وأفكاره؛ فكانت أول حروف الهجاء فى اللغة الإنسانية فى شكل صور الأشياء والطيور والحيوانات المحيطة بالإنسان، وكانت الكتابة عبارة عن صور توحى بما رسم فيها من تعبير عن الحياة اليومية وكانت لها وظائف أساسية:
1 ــ تسجيل مظاهر الحياة وظواهرها.
2 ــ التعبير عن الأحاسيس والمعتقدات التى لم يختبرها الإنسان فى واقعه المادى.
3 ــ توضيح معانى الكلمات خاصة تلك الجديدة على السامع أو القارئ.

وقد كشفت "رسوم الكهف" التى اكتشفت فى أوروبا فى كهوف "لاسكو" و "شوفيت" فى فرنسا، و"التميرا" فى إسبانيا، والتى يرجع عمرها إلى 3500 سنة ق. م أن الكتابة بدأت على شكل بعض النقوش التصويرية.
وما بين عامى 3300 و3200 ق.م ظهرت اللغة الهيروغليفية، وهى تعنى (نقشا مقدسا) لأول مرة فى مخطوط رسمى، وأخذت الهيروغليفية صورها من الصور الشائعة فى البيئة المصرية، وكانت تضم الأعداد والأسماء وبعض السلع.
وقد استعملت الهيروغليفية لنقش وزخرفة النصوص الدينية على جدران القصور والمعابد والمقابر وسطح التماثيل والألواح الحجرية المنقوشة والألواح الخشبية الملونة، والتى أفضت لنا بالكثير من أسرار الحضارة الفرعونية بعد اكتشاف حجر رشيد، الذى نجح العالم الفرنسى شامبليون عام 1822 فى فك رموزه، التى كانت فتحاً فى علم المصريات، وبداية لظهور ما يسمى بعشق المصريات Egyptomania .
وقبل العام 3000 قبل الميلاد وُجدت كتابات تصويرية فى بلاد ما بين النهرين فى سوريا والعراق، حيث كان التدوين بالنقش على ألواح من الطين تجفف فى الشمس، وتحرق فى النار بطريقة أقرب إلى صناعة الفخار، وقد تطورت هذه الكتابة من استعمال الصور إلى استعمال الأنماط المنحوتة بالمسامير، والتى عرفت بالكتابة المسمارية والتى توصل بها العلماء إلى فك رموزها فى القرن التاسع عشر، وتسنى للباحثين قراءة النصوص الإدارية والرياضية والتاريخية والفلكية والمدرسية والطلاسم والملاحم والرسائل والقواميس المسمارية من خلال حوالى 130000 لوح طينى من الحضارات القديمة، التى عثر عليها فى سوريا وتوجد الآن ضمن مقتنيات المتحف البريطاني .

ومع تطور مسيرة الكتابة من كتابات تصويرية إلى صور رمزية توحى بمعنى معين، كانت هذه الرموز يصعب فهمها على العامة ؛ فلجأوا إلى استعمال رموز عبارة عن نقوش شفرية لصوتيات اللغة المنطوقة، كل نقش يوحى بصوت معين، وهذه الرموز الصوتية كانت خطوة أساسية فى نشوء الأبجدية، وقد لعبت الصورة دوراً كبيراً فى صياغة وتشكيل حروفها.

ومنذ ذلك التاريخ الذى عرف فيه الإنسان الكتابة صار يتفنن فى إبداع الطرق والأساليب التى توطد وتثرى علاقته بها، فبدأ يفكر فى شيء يدوّن به كلمته فكانت الأدوات البدائية من قطع الأحجـــار والمعـادن وغصـون الأشجـار وريش الطيور، ومن ثم نشأت علاقته مع الأشياء التى يدوّن عليها كتاباته، كجدران الكهوف وجلد الحيوان، والخـشب، وقطـع الأحجـار وجـدران المعــابد، ثم كان اخـــتراع الـورق، وبدأت علاقة الإنسان بالورق وأهميته ليسجل عليها كتاباته، من مجـــرد ورقة إلى منشور، إلى كتيب إلى كتاب، وراح يطوّر صناعته على اختلاف أنواعه.

.. ومع اختراع الطباعة ولدت الصحافة المكتوبة. ومع تطور الصحافة المطبوعة ظهرت الحاجة ماسة إلى الصورة إلى جانب الكلمة على قاعدة مقولة أرسطو : " إن التفكير مستحيل من دون صورة "، ولما لها من قيمة جمالية حيث إنها عمل فنى يستوقف النظر، ويبعث البهجة فى نفس القارئ. كما أن للصورة وظيفتها الإخبارية التى نافست بها الكلام، فمهما كان الكلام فى حد ذاته نافذاً مؤثراً، فالصورة أقدر على ربط مضمونه بالحياة، فضلاً عن الأهمية التيبوغرافية للصورة كعنصر هام من عناصر تحرير الجريدة وحسن إخراجها.

وكانت الصور الأولى التى ظهرت فى الصحف رسوماً يدوية تطبع من قطع خشبية حفرت عليها الرسوم باليد (wood cuts )، وأول صورة ظهرت بهذه الطريقة نشرتها صحيفة   ( Weekly News ) الإنجليزية فى ديسمبر 1638 مع موضوع خبرى نشر عن حريق هائل بجزيرة سانت مايكل، وكانت الصورة للمكان الذى شب فيه الحريق.

عرفت الصحف المصرية الأولى الرسوم المحفورة على الخشب ولكنها لم تتعد رأس الصفحة الأولى، حيث استخدمت مع الاسم فى اللافتة كشعار للجريدة، إلى أن نشرت "الأهرام" فى 4 مايو 1881 أول صورة صحفية من هـــذا النوع فى تاريخ الصحافة المصرية وكانت لفـردينـان ديليسبس ومعه طفلته، وقد بلغت هذه الصورة درجة كبيرة من الدقة والإتقان.

غير أن هذه الطريقة فى إنتاج الصورة لم تكن مرضية بشكل كاف فقد كانت بطيئة وعقيمة لكن سرعان ما جاء الحل أيضا باختراع آلة التصوير ؛ وفى عام 1840، اكتشف الإنجليزى وليام تالبوت آلية الحصول على صورة مثبّتة على ورق تصوير ( تصوير سلبى نيجاتيف )، والذى يطلق عليه العامة من المصريين اسم "العفريتة" تماشياً مع ما استقر فى الوجدان الدينى من فكرة القرين، وكان هذا الاكتشاف خطوة هامة باتجاه عملية إنتاج التصوير الإيجابى ( بوزتيف ).

وكانت الصورة فى ذلك الوقت تسمى ضوء الشمس ( SUN LIGHT )، على أساس أن ضوء الشمس كان المصدر الوحيد فى ذلك الوقت للإضاءة المستخدمة فى التصوير، فلم يظهر مصطلح فوتوغرافيا PHOTOGRAPHY ) ) وتعنى ( الكتابة بالضوء)  إلا فى عام 1939 بعد اختراع الفلاش الضوئى الأوتوماتيكى عام 1931.

ولكن هذا الحل أيضا لم يخلُ من مشكلة ؛ لأن المطابع فى ذلك الوقت كانت تطبع الأسود الكامل والأبيض الكامل مثل الحروف والرسوم اليدوية، التى تتكون فقط من خطوط سوداء ومساحات بيضاء فى حين لا يمكنها التعامل مع تدرجات الظلال الواقعة بين الأسود والأبيض والتى تضمها الصورة الفوتوغرافية.

وفى 4 مارس 1880 استطاع " Stephen Horgan " رئيس قسم الحفر والتصوير فى صحيفة " Daily Graphic " من عملية طباعة صورة فوتوغرافية ذات ظل متصل "Continues Tone " إلى صورة ظلية " Halftone " على الصفحة المطبوعة، وكانت الصورة لمنظر طبيعى لمكان يدعى شانتى تاون " Shanty town " بمدينة نيويورك.

وكان هذا اليوم هو الميلاد الحقيقى للصحافة المصورة كما نعرفها اليوم.

وكانت أول صورة صحفية من هذا النوع فى تاريخ الصحافة المصرية قد نشرتها صحيفة "الجريدة" التى كان يرأس تحريرها أحمد لطفى السيد فى يوم 28 يوليو 1908، وكانت صورة لمدحت باشا زعيم الإصلاح الدستورى فى تركيا.

وفى عام 1921، تم تطوير تقنية نقل الصور الفوتوغرافية سلكيا لأول مرة بواسطة جهاز TELEPHOTO، مما أتاح إمكانية نقل الصور عن بعد، ومع اختراع أول كاميرا لايكا مقاس 35 مم عام 1924، وبعدها تم اختراع الفلاش الأوتوماتيكى عام 1931، وتتابعت الاختراعات فى مجال تقنيات التصوير وتقنيات طباعة الصحف وكانت هذه الاختراعات بمثابة إشارة البدء للدخول إلى العصر الذهبى للتصوير الصحفى.

وقد اكتمل العصر الذهبى للتصوير الصحفى ( 1924 ـ 1950 ) بظهور الصحافة المصورة والتى تعتمد على لغة الصورة أكثر من اعتمادها على الكلمات مثل Picture Post و Daily Mirror فى لندن وParis Match فى باريس و Life و Sport Illustrated و The Daily Graphic فى أمريكا.

وكان لهذه الصحف تأثيرها فى الصحافة المصرية والتى استفادت من الصورة ووضعت كلمة " مصوّر".. أو "مصوّرة".. فى عنوانها الرئيسى بهدف توظيف تلك التقنية الحديثة فى الإثارة والإبهار مثل "اللطائف المصورة".. "النيل المصور" و "المصور" و "المحاسن المصورة"..

ووصلت هذه الصحف إلى مستوى مثيلاتها العالمية، بل تفوقت عليها فى أحيان كثيرة.

وظلت الصورة تنقل كإشارة هاتفية عبر الأسلاك النحاسية كتيار كهربائى ضعيف ( فيض من الإلكترونات ) ، إلى أن حدثت النقلة النوعية باختراع ألياف الزجاج الضوئية المصنوعة من الرمال والتى يسرى بداخلها شعاع الليزر حاملاً للرسائل المراد نقلها فى جوف الأرض وتحت مياه المحيطات وعبر الفضاء ، وهكذا حل تيار الفوتون ( جسيمات الضوء ) الواهن الخافت النقى بدلاً من الإكترون العنيف ( نسبيا بالطبع ) المعرض للتشويش والضوضاء ، وهو ما جعل شعار " العالم بين يديك " أقرب إلى الحقيقة الواقعة ، فأينما نكون يمكن للألياف الضوئية أن تنقل لنا صورة من الحياة فى أى مكان من العالم

ومع الانتقال من التكنولوجيا التناظرية Analog technology ممثلة فى التصوير الفيلمى إلى التكنولوجيا الرقمية Digital Technology ممثلة فى التصوير الرقمى، والتى استبدلت فيها الوحدات المادية بالرقمية " Atoms by Bits " كانت عدة عقبات لم تكن تكمن فقط فى تحويل الصورة الصحفية إلى بيانات رقمية Digital data وإنما تكمن أيضا فى كيفية معالجتها بعد أن يتم تحويلها، وكذلك كانت مشكلة الحصول على سعة تخزينيه وكافية لم تكن متوافرة فى البداية.

وفى يناير 1989 وأثناء تنصيب جورج بوش الأب، كانت المحاولة الأولى من نوعها للنقل المباشر والحى للصور الصحفية الالكترونية من موقع الحدث ليبدأ عصر جديد فى تاريخ الصحافة المصورة ؛ فقد استطاع رون ادموند مصور اسوشيتدبرس تصوير لقطات الاحتفال بكاميرا إلكترونية وأمكنه إرسال الصور إلى مختلف أنحاء العالم مباشرة، ووصلت الصور إلى الصحف فى أقل من دقيقتين بعد أداء الرئيس لليمين.

أهداف الدراسة :
ــــــــــــــــــــــــ

1 ــ بيان  أسباب انهيار الكلمة وانعدام مصداقيتها لدى القارئ المصرى؛ ووضع اليد على تلك الأسباب التى جعلت الكلمة تفقد احترامها فى وسائل إعلامنا فتحولت إلى مجرد رطانة لغوية، تتلوّن بكل الألوان والأصباغ حسب النوايا السيئة والإرادات المعوجة لأقلام اعتادت أن ترمى حقائق التاريخ فى سلة المهملات، وتستبدلها بالأكاذيب فى جرأة وصلت حد التبجح والوقاحة. 

2 ــ بيان أننا دخلنا إلى عصر صعود الصورة؛ وأن الصورة أصبحت صانعة الخبر، وأمست صاحبة اليد العليا على الكلمات.

محاور البحث :
ـــــــــــــــــــــــ

1 ــ انهيار الكلمة وضياع مصداقيتها بسبب الاستبداد السياسى وما تبعه من أنماط الملكية للصحف وغيرها من وسائل الإعلام، إضافة إلى أسباب ترجع إلى الصحفيين أنفسهم منها فساد ذمم بعض الصحفيين والسلوك المنحرف لبعضهم الآخر وما تبعه من انتهاك المعايير المهنية الصارمة وتقاضى الرشى بداية من:

( الحصول على العطايا من ديوان المعية السنية ومن هبات ديوان الأوقاف ــ القيام بأعمال السمسرة فى منح الرتب والنياشين ــ السقوط فى مستنقع المصاريف السرية ــ جلب الإعلانات ــ قبول الرشاوى المقنعة تحت مسمى القيام بوظيفة المستشار الصحفى ــ تقاضى بدلات سفر وعمولات من مصادرهم الصحفية، وأخيراً فضائح التمويل الأجنبى لصحف وصحفيين بعينهم.).

2 ــ صعود الصورة بما تحمله من قيمة خبرية؛ فى ظل الدعم الذى جلبته التطورات التكنولوجية الهائلة والتى منحت الإعلام القدرة على فرض ما يريد، مما أثر فى الاتجاهات الثقافية بشكل خاص من خلال اللجوء إلى فرض ثقافة الصورة التى أصبحت المفتاح السحرى فى النظام الثقافى .

3 ــ تاريخ صناعة الصورة وكيفية الحصول على صورة جيدة بمعايير تلتزم معايير المهنية وأخلاقيات الصورة الصحفية القائمة على عدم المساس بالثوابت أو التعرض للأديان أو الأخلاق دون تجريح، أو نشر فحش، أو هتك ستر.

4 ــ نماذج من أشهر الصور التى عمّقت معارفنا، وشكلت وعينا، وحفظت لنا حقائق أحداث التاريخ التى غابت عنا تحت وطأة السنوات وتدافع الأحداث، والتى تعد وثائق تاريخية وثقافية تتيح نافذة حقيقية للتاريخ وبوابة للدخول إلى حقيقة الأحداث فى الزمان الذى التقطت فيه، والتى حاول مزورو التاريخ إعدامها أو إخفاءها باعتبارها شاهد الحق عند إعادة كتابة التاريخ .

.. وكان حجب الصورة إحدى وسائل العقاب، فبعد إعدام إبراهيم الوردانى قاتل بطرس نيروز غالى عام 1910، صدر قرار بحجب صوره ومنع نشرها فى الصحف، وظل هذا القرار سارياً حتى ألغاه انقلاب يوليو1952، والذى بدوره منع نشر صور محمد نجيب بعد إعفائه من منصبه أو حتى مجرد الإشارة إليه، وكذلك المستشار عبد الرزاق السنهورى، الذى اقترب منه منصب أول رئيس لجمهورية مصر، وانتهى به الحال معزولاً فى بيته وغير مسموح بذكر اسمه أو نشر صورته فى صحيفة.

وبعد حرب أكتوبر 1973 تمت إزالة صورة الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة من صور غرفة عمليات حرب بناء على تعليمات السادات بعد خلافه معه. 

وفى عهد مبارك تم حجب صور الفريق أول محمود شاكر عبد المنعم قائد ثانى القوات الجوية فى حرب أكتوبر من وسائل الإعلام؛ لطمس حقيقة وجود قائدين للقوات الجوية فى حرب أكتوبر؛ وتغييب دور الرجل؛ ليصبح مبارك هو قائد الضربة الجوية الأوحد الذى تتغنى به المحافل!!

وكان أول ما فعله عندما تولى منصب رئيس الجمهورية أنه اتصل بأسرة الرجل الذى توفى فى عام 1980، وقال لهم : 

"لو عندكم صور ليا أو تجمعنى مع الوالد يا ريت تبعتوها لى."، وبحسن نية من الأسرة سلّموا الصور إلى جهة ما، ليتم إخفاؤها فى إطار طمس دور الرجل وسرقة تاريخه !!، وهو نفس السلوك الذى سلكه أيضاً مع مسئول مجلة المصور بعد صدور عدد خاص برقم 2975 بتاريخ 16 أكتوبر 1981 بعنوان "مبارك رئيساً للجمهورية"، نشرت المجلة فيه مجموعة صور له أهدتها إليها أسرة المرحوم الطيار رجائى عباس من ألبومه الخاص؛ فالصور تحكى أن الرجل دائما فى مقدمة السرب لكونه الأول ومبارك أبدا فى ذيله لكونه الأخير !!.

5 ــ نماذج من أشهر الصور المزورة فى الصحافة العالمية وبعض أغلفة المجلات العالمية المزيفة، إضافة إلى بعض الصور المفبركة فى الصحافة المصرية وأهمها صورتا مبارك فى غرفة عمليات حرب 73 وفى البيت الأبيض، وبعض أغلفـة مجلة "المصور" التى  تم التدخل الجرافيكى فى  تفاصيل صورها من خلال برنامج معالجة الصور أو الصور التى تم اصطناعها فى الفترة من   2009  إلى  2011.

والتى استخدمت الصورة  فيها لتزييف الوعى والإيحاء بأفكار ومعان وأراء مغايرة لا وجود لها فى الواقع، والتى تدخلت فى صياغتها اتجاهات القائم بالاتصال فى عملية الاتصال المصور والمهارات الخاصة بالتغيير والتبديل والحذف والإضافة من خلال تقنيات الحواسب الالكترونية والبرامج الرقمية الخاصة بمعالجة الصور فى ظل تطور النظم الصحفية وتأثرها بالتكنولوجيا الحديثة التى ميّزت هذا العصر.

معوقات البحث :
ـــــــــــــــــــــــــ

1 ــ ندرة مراجع البحث وقلة مصادره، وإن وجدت فهى مجرد أبواب فى كتب "الإخراج الصحفى"، تبرز قيمة الصورة كأحد العناصر التيبوغرافية الهامة فى إخراج الصحيفة أو مجرد سطور فى كتب " فن التحرير الصحفى"، تتحدث عن القيمة الخبرية للصورة، أو بعض الكتب المتخصصة فى التصوير الضوئى والتى قصر اهتمامها على العمليات الكيمائية والفزيائية والميكانيكية القائم عليها هذا الفن، والتى لم تهتم بالتصوير الصحافى باعتباره أحدث وأبرز تطبيقاته؛ وكذلك الحال فى بعض كتب "التذوق الفنى "، التى اهتمت بالتعريف بالقيمة الجمالية للصورة ومفاتيح قراءتها.

2 ــ الصعوبة البالغة فى البحث عن الصور. وإن وجدت فغلاء أسعار شرائها عائق جديد يحول دون الحصول عليها.

3 ــ كما أن الكثير من الصور التى أمكن الحصول عليها، كانت فى حالة يرثى لها، فالكثير منها قد أتت عليه عوامل الزمن ونال منها القدم وتعرضت للتلف بسبب سوء وسائل الحفظ، وهو ما كلفنى الكثير من المال والجهد والوقت فى محاولات ترميم هذه الصور بما يجعلها صالحة للطباعة، وقد استعنت بجهد وخبرة الزملاء من مهندسى التجهيزات للوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة.

***


.. وقد حرصت على اختيار نماذج للبحث من خلال الصحف الرصينة، التى تلتزم معايير المهنية الصارمة للتدليل على حالات من المفترض كونها صائبة، ولكنى وليلتمس لى القارئ العذر فى أننى عرضت نماذج من صحافة النفايات ( Rubbish) للتدليل على حالات بعينها من المفترض كونها تنطوى على خطأ، كما أننى اضطررت لأن أعرج إلى بعض المعلومات التاريخية لتوضيح الظرف التاريخى للأحداث التى وقعت فى قبضة الصورة ، وأسر إطارها ، والتى تم الاستشهاد بها فى البحث.

.. وفى النهاية، كان الطريق طويلاً وشاقاً، وكان الجهد ثقيلاً ومضنياً، ولكنى أردت أن يكون لى شرف السبق وأن أطأ أرضاً لم تطأها قدم قبلى، محتمياً بنبل القصد، وشرف الوسيلة ومتسلحاً بمنهج علمى فى البحث، ومتشحاً بخبرة 36 عاماً من العمل الجاد والدرس المثابر؛ فإن صادفنى التوفيق فمن الله سبحانه وتعالى، وإن كان نقص أو تقصير فمن نفسى ومن الشيطان .

وأرجو أن يكون بحثى علماً ينتفع به وتضرعا ودعاء ابن بالمغفرة والرحمات لروح أبيه، وأدعو الله أن أكون ولداً صالحاً.

بسم الله الرحمن الرحيم 

"فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض" 

صدق الله العظيم
( سورة الرعد آية رقم 17 )

والله الموفق والمستعان

ياسر بكر

هناك 6 تعليقات:

  1. أتشرف بك واسعد باني من أبناء قرية تلوانة ومن عائلة غيث التي تنتمي إليها السيدة والدتك وللمزيد ان شاء الله انا محاسب عمرو محمد أبو الحسن علي غيث

    ردحذف
  2. أهلا أستاذ عمرو ، مزيد الشرف لى يا أستاذ ؛ وقد كتبت ذلك بالنفصيل على الرابط :
    http://hekiattafihahgedan.blogspot.com/2010/09/blog-post.html

    ردحذف
  3. أشكر لك يا أستاذ ياسر .. على هذا المجهود الرائع وأود أن أتقدم بإضافة عن الفريق أول طيار محمود شاكر عبد المنعم قائد ثانى القوات الجوية فى حرب أكتوبر والحاصل على نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى تقديرا لدوره فى حرب أكتوبر بالتخطيط والتنفيذ وإدارة المعارك الجوية .. وهو أول دفعة الكلية الحربية فبراير 1949 و أول دفعة الكلية الجوية فى مارس 1950 و أول الدراسات والفرق والبعثات الدراسية فى الداخل والخارج التى حصل عليها وأول زمالة كلية الحرب العليا (أكاديمية ناصر العسكرية العليا) .. وهو من نفس دفعة مبارك فى الكليتين الذى جاء ترتيب مبارك (142) على الكلية الحربية و الأخير (16) على الكلية الجوية ، وقد أمر مبارك فور توليه لرئاسة الجمهورية برفع صور الفريق أول محمود شاكر عبد المنعم من قاعة القوات الجوية بالمتحف الحربى بالقلعة وكذلك استبدل صورته الكبيرة بأخرى صغيرة جدا بجوار صورته فى بانوراما أكتوبر بما يهمش فكرة تواجد قائدين للقوات الجوية فى حرب أكتوبر .. وجاء بحديث الدكتور المؤرخ محمد الجوادى فى احدى البرامج التليفزيونية أن سبب تعيين مبارك قائدا للقوات الجوية فى حرب أكتوبر هو العلاقة العائلية التى كانت تربطه بالرئيس السادات برغم أن السادات قال للفريق أول محمود شاكر فى أبريل 1972 عند تعينه قائد ثانى للقوات الجوية "أعلم أنك الأحق بمنصب القائد ولكنى عايز حسنى فى حاجة ثانية وأنت ستكون القائد الثانى" ... شكرا مرة أخرى لسيادتك ولى طلب واحد هو توفير عدد وفير من هذا الكتاب فى المكتبات ليتسنى لى الحصول على نسخة منه وشكرا

    ردحذف
  4. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  5. نرحب بالاختلاف فى الرأى ، ونعتذر عن نشر أية تعليقات تفتقد حدود اللياقة وتتجاوز حدود الأدب

    ردحذف
  6. كيف يمكنني الحصول على نسخة إلكترونية من هذا البحث؟

    ردحذف