ياسر بكر يكتب : "سارقو
الفرح" من حياة المصريين !!
الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين في لحظة مرح في حفل زفاف صديقة بهجت عثمان |
الدكتور مصطفى محمود في لحظة مرح مع الراقصة |
في أول اجتماع لمجلس نقابة الصحفيين في 7
أبريل 1941 في شقة بعمارة الإيموبيليا .. كانت الشقة مملوكة لمحمود أبو الفتح نقيب
الصحفيين المؤقت آنذاك وكانت مخصصة لـلتسلية و"الفرفشة" ولعب القمار،
وعلى الترابيزة المخصصة للعب القمار انعقد أول اجتماع لمجلس النقابة التي صدر قرار
من رئيس الوزراء حسين سري باشا بإنشائها في 31 مارس 1941 ونشر في الجريدة الرسمية
بتاريخ 1 أبريل 1941.
.. وفجأة دق جرس الباب واقتحم محمد التابعي
رئيس تحرير مجلة "أخر ساعة" ومالكها
مكان الاجتماع ثائراً وقال :
" إن هدية رئيس الوزراء حسين سري باشا إلى
النقابة الوليدة هو مصادرة العدد الأخير من " أخر ساعة " .
ورد عليه فارس نمر صاحب جريدة "المقطم
":
" أستاذ تابعي .. شو ها الحكي .. أنت ما
كو قابض 500 جنية من رئيس الوزراء حسين سري باشا من مصاري "المصاريف السرية"!!".
.. وصعق التابعي من المعلومة تلقى في وجهه؛ وألجمته
المفاجأة، فدخل في تلاسن لفظي مع فارس نمر كاد يصل إلى تشابك بالأيدي ورفع كل منهما
كرسي لتحطيم رأس الآخر .
وتدخل الحاضرون لفض المشاجرة وعهد النقيب
المؤقت محمود أبو الفتح إلى فكري باشا أباظة عضو المجلس بصفتة محاميا ببحث أسباب
مصادرة " أخر ساعة ".
كان التابعي قد نشر خبراً بعنوان :
"زوجة الوزير رقاصة" كان التابعي يقصد السيدة زوجة وزير الزراعة في
وزارة حسين سري باشا على مدى مددها الثلاث .. وكان مضمونة أن السيدة حرم الوزير قد
قامت بالرقص في منزلها ابتهاجاً بمناسبة عائلية وسط نساء من أهلها ومعارفها
وأقربائها ..
وثار الوزير وقدم استقالته التي قال في
أسبابها :
"لست أهلاً للثقة مادامت زوجتي رقاصة"
وأمام تلك الأزمة أرتآت الحكومة مصادرة "أخر ساعة".
وانتهي فكري باشا أباظة من التحقيق بأن ما أتته
"أخر ساعة" إسفاف لا يليق فضلاً عن كونه ينتهك حدود الخصوصية لامرأة في
محل سكنها !!
.. إسفاف لا يليق، وانتهاك لحدود الخصوصية
لامرأة في محل سكنها!!
كان هذا هو حكم نقابة الصحفيين في سنة 1941
.. الذي تذكرت حيثياته بمناسبة استخدام "سلاح الإعلام" في "جلد
الخصوم"، و"الاغتيال المعنوي" وتصفية المختلفين معهم بلا رحمة أو
هوادة بعد أن قلب العائدون من البادية بفكر الوهابية حياتنا إلى ظلام بضرب كرسي في
"الكلوب" في أي شعاع نور أوإجهاض بارقة فرح في حياتنا!!
استوقفني في هذين الأسبوعين حدثين عن انتهاك
خصوصية أحدهما متصل ببيت السيدة منى عبد الناصر وفرح ابنها "البكري" بعد
سنوات من الإخفاق والأحزان التي انتهت بموت عائل الأسرة في حادث مأسوي!! .. تبرير
البعض لذلك التدني بأن السفير الإسرائيلي كان موجوداً هو العذر الأقبح من الذنب؛
لكون السفير الإسرائيلي ليس موجوداً في القاهرة منذ شهور، .. ولو كانت معلومة
وجوده صحيحة فهذا لا يبرر إنتهاك حرمات المساكن، وتصوير النساء خلسة بدون رضاهن !!
والحادث الآخر هو رقص أستاذة جامعية في
مناسبة خاصة فوق سطح منزلها !!
لقد جعلتنا "إساءة استخدام التكنولوجيا
" نعيش في بيوت من زجاج .. لكن الأهم أننا قد تعرينا من الأخلاق؛ فصارنا من
أكلة لحوم البشر !!
.. فما فعلته السيدتان ليس بدعاً ولا يختلف
كثيراً عما تفعله سيدات من أسرنا في الريف
من الابتهاج بالمناسبات السعيدة ببعض الزغاريد وقيام بعضهن بالرقص وسط أقربائهن
ومحارمهن !!
.. فلم تكن البهجة والفرح بدعاً في حياة المصريين
عامة، وأعلامهم خاصة، لذا سأنشر صورتين لرجلين من الأعلام من كبار رجال الفكر
والصحافة هما الأستاذين أحمد بهاء الدين والدكتور مصطفى محمود.. في لحظة من لحظات
الفرح واللهو البرئ ابتهاجاً بزواج صديقهما رسام الكاريكتير بهجت عثمان وفنانة
العرائس رعاية النمر، ولم ينصب لهما أحد المشانق.
نشر صورتا الرجلين في لحظة لهو برئ ليس الهدف
منه الإساءة للرجلين بقدر إعطاء العبرة التي يتعلم منها "سارقو الفرح"
من حياة المصريين العائدون من البادية بفكر الوهابية آداب التعامل مع حدود الخصوصية،
وأن لحظات من اللهو البرئ المباح ليست جريمة تستحق الجلد و"الاغتيال
المعنوي".