الثلاثاء، نوفمبر 22، 2016

ياسربكر يكتب : "القصد الجنائي" في قضية الصحفيين !!


ياسربكر يكتب : "القصد الجنائي" في قضية الصحفيين !!

علاقتي بالأستاذ نقيب الصحفيين ليست على ما يرام، لم تكن وراء فتور العلاقة أسباب شخصية، بل على العكس كنت أرى الأستاذ النقيب أفضل الأسوء في ظل انقراض القيادات التاريخية التي حملت على ظهرها تاريخاً نقابيا، وإبداعاً مهنيا وانتاجاً فكريا.. كان من أهم أسباب النفور من النقابة في دورتها هذه أن الأستاذ النقيب قد أغلق عقله وأذنية فلم يعقل رأى سوى رأي حزبه ولم يستمع سوى لصوت أحد هو صوت عشيرته، فضلا عن كونه قد أدخل غشاً على الجماعة الصحفية في برنامجه الانتخابي فوعد بما لا يستطيع، ولم يفي ببند واحد من مما وعد، ولن يفعل!!

يضاف إلى تلك الأسباب رأي شخصي؛ فقد كنت أعتقد ـ خطأ ـ أن نقابة الصحفيين هى مظلة حماية لأعضائها إلى أن كانت تجربتي الشخصية مع صبيان "أمانة السياسات" التي كشفت لي أننا كنا نتوهم حماية من " خيال المأتة "، ومن يومها وأنا أتعامل مع النقابة بوصفها " نادي اجتماعي" لتقديم الخدمات فقط !!، وهذا رأي شخصي قد يحتمل الخطأ وقد يحتمل الصواب لكنه لا يقلل من احترامي للكيان النقابي والزملاء القائمين عليه .. وأيضا لا ينفي احترامي للزملاء المختلفين معي في الرأي من أنصار مدرسة الترويج للفخار الوطني المتوارث والمزعوم في ادعاء دور وطني وتاريخي للنقابة!! 

غير أن هذا كله لا يمنع من مقولة حق بعد صدور حكم قضائي بحبس الأستاذ النقيب وأثنين من أعضاء المجلس سنتين وكفالة 10 ألاف جنية لكل منهما؛ فالحكم ينطوي على شبهة عوار بيّن، فالأساس في أي حكم بالإدانة هو توافر القصد الجنائي من وراء الفعل المؤثم بنص القانون، وهو الركن الأدبي في أى جريمة؛ فإذا انعدم هذا الركن فلا جريمة ولا عقاب .

.. وهو المسوغ القانوني لطرح السؤال الآن : هل كان الأستاذ النقيب يقصد مخالفة القانون بإيواء بعض المطلوبين للمثول أمام جهات التحقيق ؟! .. الإجابة بالطبع : لا ؛ فقد قام الأستاذ النقيب بالاتصال بضابط الأمنى الوطني الذي تقع النقابة في دائرة اختصاصه وأبلغه بوجود المطلوبين .. وكانت الإجابة : " أنه ليس لديه معلومات "!!، واتصل الأستاذ النقيب بجهات أخرى وكانت الإجابة معلومات مشوشة أضافت المزيد من الغموض والتضليل أدخل الغش على الأستاذ النقيب وأوقعه في الخطأ بدون قصد وبحسن نية!! .

إذن فنحن أمام فخ تم نصبه بعناية بمعرفة بعض الجهات في الدولة لاستدراج نقابة الصحفيين للدخول إلى أزمة تنال الكثير من كرامة المهنة، وكبرياء أقلامها، وشموخ أعلامها!!، فلم يكن الأستاذ النقيب يقصد إهدار القانون أو تحدي القائمين عليه كما صورته النيابة العامة في مرافعتها السياسية المنبتة الصلة بصحيح القانون !!.. كان النقيب يقصد اتخاذ إجراءات قانونية نقابية سليمة وصحيحة لأثنين من الصحفيين قصدا سراى نقابتهم أملاً في الحصول على دعم نقابي في الحصول على ضمانات استجواب قانوني أو محاكمة عادلة أمام قاضيهم الطبيعي .

هذا لا يمنع أن الأستاذ النقيب وبعض من أعضاء الجمعية العمومية قد انتابتهم هستيريا التصريحات بعد انتهاك حرم نقابتهم في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ النقابة .. تلك التصريحات التي اسقتطتهم في دائرة الرعونة والخطأ والمغالاة والمبالغة !!.. لكن هذا ليس موضوع القضية وإن كان ذريعة لإيقاع الكيد بالأستاذ النقيب وأثنين من أعضاء المجلس .. هكذا سقط الجميع في دائرة الحماقة النقابة والنظام والخاسر الوحيد هو الوطن !!

فقد كانت الصحافة المصرية منذ ولادتها وحتي اليوم، منذ إنشاء أول جريدة وطنية وهي جريدة " وادي النيل " وهي النبراس الذي ينير الطريق لحكم رشيد ويضع تحت بصر وسمع النظام نبض الجماهير، ولم يكن يضيق بالصحافة سوي بعض الطغاة، وقد جنوا مغبة أعمالهم والأمثلة كثيرة !!

قام زيور باشا بسن ترسانة القوانين المقيدة للحريات، وذهب عهده إلى غير رجعة بأبشع اللعنات، .. ومع انقلاب 23 يوليو 1952 وضع البكباشي صلاح سالم سيف " المصرفات السرية " على عنق النقابة دون تقديم رؤساء الحكومات كمحرض على الجريمة .. ثم انتهي به الأمر إلى التجسس على اجتماعات مجلس النقابة وحل مجلسها، .. ومضى عهد البكباشي صلاح سالم وزير الإرشاد، وألقيت ممارسات عصره في مزابل التاريخ .

راح الرئيس السادات يكيد للصحفيين برغبته في تحويل نقابتهم إلى نادي ولم تفلح المحاولة؛ فأنشأ المجلس الأعلى للصحافة كيان موازي لينازع النقابة في بعض اختصاصاتها .. لينتهي به الحال صريعا تدوسه الأقدام وتسجل عدسات كاميرات الصحف لقطة النهاية في ذاكرة الوطن !!

وأمسى حسني مبارك يسن القوانين بليل لحبس الصحفيين، .. ويسقط مبارك ونظامه؛ .. لتسجل صحافة مصر إنتصارها بلقطة صحفية لمبارك  مُلقى على ظهره في قفص الاتهام غير قادر على مواجهة قضاته أو النظر إلى شعبه .

.. ويظل المجد لصحافة مصر ..

فمن يضيق بالصحافة .. إنما يذبح "هدهد سليمان"، ويحرم ذاته من "الخبر اليقين" .. قد تسول للبعض شرور نفسه وسيئات أعماله أن في التضييق على الصحافة وإهانة الصحفيين هو أيسر وأقصر الطرق من أجل امتلاك وطن "منزوع الرأى والمعارضة"، وهو منطق أعوج إذا ما علمنا أن أبسط القواعد المعرفية في حقول علم السياسة هو أن "المعارضة جزء من النظام الرشيد، والمعارض يشد من أزر المفاوض الوطني على كافة الأصعدة الحياة والمناحي التعامل والتفاعل بما يصب في خانة تقوية الأمن القومي والأمن الوطني ويدعم الوجود ويقوي الهوية!!

.. الصحافة المصرية ليست ملك القائمين عليها أو ملك الدولة التي تمتلك أغلب مؤسساتها.. إنها صحافة وطن، والإساءة إلى صحافة الوطن أو إهانة القائمين عليها هو أسوأ أشكال فقدان الرشد !! . 

لن يقدم الصحفيون التماساً .. ولن يطلبوا عفوا .. ولن يسألوا صفحاً .. ولن يركعوا لغير الله الواحد الأحد الحق .. وسيمضوا في طريق التقاضي بالطعن على حكم يعتقدون أنه معيباً وكلهم ثقة في أنه مازال في مصر قضاة شرفاء لا ينحنون لغير الله في محراب العدالة .

.. وكل الدعم والتأييد والمساندة للأستاذ النقيب يحيى قلاش وإن اختلفنا معه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق