الخميس، أكتوبر 31، 2013

ياسر بكر يكتب : الأولياء .. النظرة برَجُل !!

الأولياء ، هم رجال الله .. صدقوه ما عاهدوا عليه .

فسلكوا الطريق إليه ، وفى مدارج السالكين الكثير من أسرار أهل التمكين، التى تجتذب أهل البداية؛ ولأن الإنسان عجولا وظلوماً جهولا؛ فالأسرار تثير الفضول، والفضول طريق الغواية .. الغواية طريق الضلال ؛ .. وما منا إلا وله مكان معلوم ،.. فإذا أردت أن تعرف مقامك، فانظر أين أقامك ؛  فأهل التمكين إذا اقتربوا  من نبع النور ، عبوا منه ، وسبحوا، واخترقوا ، ولو اقترب أهل البداية لفنوا واحترقوا ..

.. وانعكاس النور على صفحة وجوه أهل التمكين عظيم لذا كانت المقولة الصوفية فى تحذير المتنطعين من أهل الفضول : " النظرة برجل " .. أى الموت أو الجنون جزاء كل من لم يحفظ أدب النبوة، ولم يستطيع صبرا، واجترء على ما لم يحط به خبرا من أسرار الألوهية ..، لذا عاقب الولىّ النبى بالطرد من حضرته بقوله : هذا فراق بينى وبينك .

لدينا من الحكايات ثلاث..

الحكاية الأولى :
ـــــــــــــــــــــــــ

عندما قَدِم سيدى عبد القادر الجيلاتى إلى بغداد ، سأل عن أهل العلم والولاية ، فدلوه على سيدى حماد الدباس، فذهب إليه، فلما طرق بابه ، وفتح الدباس،  وقع نظر الجيلانى على وجه الشيخ ، خر الجيلانى مغشياً عليه، .. فلما أفاق ظل خمسة عشر عاما هائماً على وجهه فى الأحراش والقفار تائهاً فى بحار الجذب تتلاطمه أمواجه كقشة فى اليم حتى أتى أمر الله، فعاد إلى المدينة والتزم مجلسه فى حلقة الدرس، ولم يفتح فاه، ولم يبح بسر، فإفشاء سر الألوهية عند المتصوفة كفر .

فكما يقول سيدى أبو اليزيد البسطامى :


قد كان ما كان  لكن لست أذكره *** فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر


وكما يقول سيدى شهاب الدين السُهروردى ( المقتول )  :


إن بحت بالسر ، يباح دمى *** وكذا دماء العاشقين تباح



الحكاية الثانية :
ـــــــــــــــــــــــــ

اغتر أحد أهل البداية بما رأى من " البروق اللامعة "، والبروق اللامعة مبادئ ظهور أنوار التجليات على أهل البداية؛ فذهب الرجل إلى سيدى أحمد البدوى الذى كان يحرص على أن يضع لثاماً على وجهه حتى لقب بالملثم وقال : " دعنى أرى وجهك " ، فقال البدوى :

" النظرة برجل .. هل تريد أن ترى وجهى ؟ ".

رد الرجل بالإيجاب، .. أماط البدوى بعضاً من اللثام  فسقط الرجل ميتا . 

الحكاية الثالثة :
ـــــــــــــــــــــــــ

قال بعض أصحاب سيدى أبى اليزيد البسطامى : " كان عندى شاب صغير ملازم الخلوة فقلت له : هل رأيت أبا يزيد ؟ "

ـ قال : " رأيت الله فأغنانى عن أبى يزيد . "

فكررت عليه القول .. فخرجنا نطلب أبا يزيد، وإذا به قد خرج من النهر، وفروة مقلوبة على كتفه، فلما رأه الشاب صاح ومات، فقلت لأبى يزيد :

ـ ما هذا ذكر أنه يرى الله وما مات ، يراك يموت !! "

ـ قال : " نعم ، كان يرى الله على قدر حاله، فلما نظر إلىّ رأى الله على قدر حالى ، فلم يثبت ومات . "

***

يا سبحان الله .. فكم لله من لطف خفى  لمن لم يقدروا الله حق قدره وهو سبحانه أقرب إليهم من حبل الوريد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق