الرعاة الرسميون للفـسـاد فى صحـــافــة مصـر المحــروسة
وسط دوامات من الظلال الرمادية والسوداء ، ومع التأرجح بين اليأس والرجاء ، لاحت ومضة ضوء ، فمع بداية انعقاد الفصل التشريعى الأول لمجلس الشورى ، طلع علينا بليل رئيسه
المنتخب الصيدلانى أحمد فهمى بتصريح " عنترى " عن تغيرات جذرية فى المؤسسات الصحفية القومية تشمل 47 قيادة صحفية فى " قفة" واحدة ، لكن يا فرحة ما تمت ، خدها الغراب وطار ؛ ، فسرعان ما لحس الرجل تصريحه قبل أن تطلع عليه شمس
النهار ، وبدون مقدمات أو سابق إنذار ؛ ولحفظ ما بقى من ماء الوجه ، برر ذلك ـ لاحقا ً ـ بأن المجلس الأعلى للصحافة ـ جهة الاختصاص ـ سوف يبحث سبل وآليات إصلاح هياكل المؤسسات الصحفية الصحافة، ووضع قواعد ومعايير اختيار رؤساء التحرير، ، ولأن الرجل فى " زنقة" ؛ سرعان ما دارت عجلة الاجتماعات فى المجلس الأعلى
للصحافة ، وقلنا : " لا مانع .. لعل وعسى أن يجعل الله من بعد عسر يسرا " ، خاصة فى ظل ما استشعره من واقع زاعق بالانفلات ، والتدليس ، وتدنى الأداء الذى يهدر حق القارئ فى المعرفة فى مجلة " المصور " التى أنتمى إليها !!
.. تزامنت تلك الاجتماعات مع عقد مكْلَمات فى نقابة الصحفيين لذات الغرض ، تصدرها زملاؤنا من صحفيى الأخوان المسلمين ، وقلنا : " لا بأس ؛ قد تسترد نقابتنا عافيتها ، وينالنا
من الحب
جانب!!"
.. انتقلت الهيصة والزمبليطة إلى صفحات الصحف
، وقلنا: " ما يضرش
؛ جحا أولى بلحم "توره
"!!
.. وهذه الحالة من التسامح والتفاؤل فى أمور المهنة طارئة علىّ ، فلم أكن يوماً متسامحاً ، أو متفائلا بشأنها ؛ ليقينى بأن أيه محاولة لإقامة الحق على أسس الباطل محكوم عليها بالفشل ؛ فاخترت اليأس إحدى الراحتين ورضيت به ، بعد أن اعتدت منذ اشتغالى بالصحافة فى أواخر السبعينيات من القرن
الماضى على مثل هذه الاجتماعات الهزلية ، التى تأخذ سمت الجد ، وفى النهاية لا
تسفر عن شئ ذى قيمة ، ويعود المجتمعون بعدها بخفى حنين من حيث بدأوا ، ويغطس الأمر
فى بئر النسيان ، ليعاود الظهور فى مواسم بعينها أو متزامناً مع حدث جلل أو تمرير
فعل ذى مغزى أو قانون مشبوه أو إجراء فاسد لإلهاء الصحفيين عن سوء واقعهم
الاجتماعى وتغييبهم عن الأحوال المزرية لصحفهم ، وغالباً ما تكون هذه الاجتماعات
أشبه بالجنازة حارة والميت كلب !!
كان مبعث تفاؤلى هذه المرة ؛ أن البلاد تعيش
حالة ثورة تمنيت أن تصل رياحها إلى الصحافة فتقتلع فسادها من جذوره ، وتطرد عفن
الهواء فى دهاليزها ، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن ؛ فالتداعيات محبطة ،
والأطروحات مخيبة للآمال، وعقلية نظام المخلوع مازالت تسيطر على دوائر صنع القرار
، ومازال رجال المخلوع يهيمنون على المجلس الأعلى للصحافة بتركيبته الحكومية، ويسيطرون
على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية فى المؤسسات ومواقع القيادة فى الصحف ،
فكيف يمكن تطهير مواضع الداء بأدوات ملوثة وصدئة وفاسدة ؟!!، وكيف يكون المجلس
الأعلى للصحافة أداة للتطهير والتطوير والنهوض وهو رأس الفساد وسبب البلاء ،وقد
أنشئ خصيصاً لإحكام القبضة على الصحافة والصحفيين وإضعاف نقابتهم وسلب اختصاصاتها
بعد أن فشل السادات فى تحويلها إلى نادِ؟!!.
ثانيا : إذا ما أنزلنا صحيح الحال على صحيح
واقع أعضاء المجلس الموقر ، ندرك أن : "الحداية لا تلقى بالكتاكيت "؛ فأى
إصلاح للصحافة يأتى من قبل أصحاب الذيول المعوجة التى لن تنعدل أبداً ، ولو علقوا
فيها قالب !! ، وأية قواعد لاختيار قيادات
الإصلاح يضعها ذلك " الروتارى " مدير إعلانات شيوخ النفط، دعاة
البداوة والقبلية والتسلط ، وأى خير يأتى من وجه ذلك الكاتب المتلون كالحرباء ، والمتحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ،والراقص على كل إيقاع ، ولا يخجل من أن يصف نفسه بـ (اللابد
فى الدرة) انتهازاً للفرص ، والذى احترف بيع قلمه لمن يشترى وتأجير صوته لمن يدفع
من فضائيات غسيل الأموال ، وأية مكرمة تأتى من ذلك الإمعة الذى طالما نادى بإلغاء المجلس الأعلى للصحافة ، فلما تم تعيينه عضوا فيه ، وذاق لبنه وعسله أصبح من أشد المدافعين عن بقائه ،وأية خير يأتى من هؤلاء الذين جعلوا من بدل الصحفيين "عصا وجزرة " للضغط على الصحفيين فى معيشتهم واستقرار نقابتهم ، وأى فضل يأتى من قبل
رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير(أعضاء المجلس) الذين أفسدوا صحفهم وأفشلوها
وأهانوا زملاءهم فى غيبة نقابة الصحفيين وضعفها فى ظل النقيب المطرود مكرم محمد أحمد ،
والباهت الأداء ممدوح الولى ، وإهدار مواثيق الشرف المهنى !!
فإذا كان الرهان على نسيان ماجرى والتى لخصها نجيب محفوظ فى مقولته : "آفة حارتنا
النسيان" ؛ فإن الوعى الشعبى الجمعى قد حفظ لنا فى أروع دساتيره ممثلة فى الأمثال الشعبية المثل القائل :" وإذا كنتم نسيتم ما جرى ، هاتوا الدفاتر تنقرا" ، .. الدفاتر جميعها على الأرفف وفىالأدراج وفى متناول الأيدى ، وسلاح
"الأرشيف" قادر على إخراس الألسنة وتمزيق أشداق الإفك النجسة ، وفضح
" كتوبجية الحضرة السلطانية " الذين خانوا أمانة شعبهم مصر ونقلوا إليه
الأكاذيب عبر صحفه التى يملكها ، فجعلوا من القواد "حكيم الوطن" وجعلوا
من الطبال " مهندس الإنجازات " ومن الشرشوحة " هانم " ، فهل
يوجد أكثر من هذا فُجراً ؟!، ولم يكتفوا بذلك بل نشروا ثقافة التخلف السياسى
وأشاعوا روح الإحباط بين أبناء الوطن باعتبار أنه ليس فى الإمكان أفضل مما هو كان!!
ومع آخر ضوء من نهار 25 يناير 2011 سقطت ورقة
التوت عن عورات محترفى الاستربتيز الصحفى
، وكنت أعتقد أنهم سيتوارون من الخزى ويدخلون الجحور ، ولكن بجاحتهم فاقت
كل التصورات فصاروا أكثر تشبثاً بمواقعهم والتصاقاً بكراسيهم ، ولأنهم لا يجيدون
سوى لغة واحدة هى لغة تأليه سيدهم وإلصاق أبشع الرذائل والسخائم والشتائم بخصومه ؛ لجأوا إلى نوع آخر
من الرقص أقرب إلى رقص القرود بمؤخراتهم القرمزية العارية ، وعلى طريقة "سلام سيدك يا ولد" و" .. الليل ، الليل يا ميمون " ،
وبعيون وقحة يندب فيها رصاصة استبدلوا اسم مبارك باسم المشير فى كتاباتهم التى تحولت
بقدرة قادر من قصائد فى تأليه المخلوع إلى معلقات فى الإطراء على سيادة المشير
ومجلسه الأعلى ، وبادلهم المشير ومجلسه التحية بأحسن منها ، ووضعهم فى مقدمة الصفوف ليقوموا بأحط الأدوار القذرة فى تبرير تهرب العسكر من دفع استحقاقات ثورة 25 يناير ، وتغذية روح الانتكاسة التى تعيشها وتفريغها
إعلامياً من مضامينها ،وإلصاق أقذر وأبشع الاتهامات بالثوار، وتجميل وعمل " نيو لوك إعلامى " للصوص والقتلة والقوادين والعاهرات من فلول العهد البائد وغسيل سمعتهم وذممهم وإعادة إنتاجهم وتسويقهم لدى الشارع !!
فأى خير يرجى من هؤلاء البهلوانات والأراجوزات
ومحترفى رقص القرود من المأجورين ، الذين لا ولاء لهم إلا لمن يدفع أكثر عن أدوار
يؤدونها أو ثمنا لأقلامهم وعرق ألسنتهم بضع من حبات الفول السودانى تلقى إليهم
فيتوثبون لالتقاطها من على الأرض شاكرين مع تعظيم سلام للبك !! ، .. واسألوا وزراء
المخلوع عن عطاياهم لـ "الصُحفجية" فى العصر البائد ابتداءً من سامح
فهمى ومحمود محيى الدين وفاروق حسنى والهارب رشيد محمد رشيد والسجناء أحمد المغربى
وإبراهيم سليمان وزهير جرانة والمحبوسين احتياطيا فتحى سرور وصفوت الشريف وانتهاء بالوزيرة
عائشة عبد الهادى الشهيرة بـ ( الحجة عيشة وزيرة تبويس الأيدى) ،والوزير زقزوق وطارق كامل !!
ثالثا : إن الصحافة الورقية أوشكت شمسها أن
تغرب فى العالم بأثره لتحتل مكانها فى متحف التاريخ ، ولم يبق أمام الجميع سوى أن
نبحث الوسائل لشد الرحال إلى المستقبل حتى لا تصبح صحافة مصر وصحفيوها مجرد إضافات
كمّية متخلفة إلى عبث الوجود .!!
***
يا سادة : الصحافة ليست ملك القائمين عليها ؛
لأنها صحافة وطن ؛ لذا فالأمر يستلزم التعقل والتدبر ، فالرأى قبل شجاعة الشجعان ؛
حتى لا يستدرجنا "عرابين" المهنة،
الرعاة الرسميون للفساد فى أروقتها إلى
شراك خداعهم ، ويجرونا إلى مناقشات أشبه بحفلات الزار ، أو حلقات من التوهان والدروشة
وتنتهى بمشاجرات وملاسنات أِشبه بخناقات البرابرة التى دائماً وأبداً ما يكون
آخرها "شُرب بُوظة" ينسون بعدها سبب الخناقة ، ومع طلوع النهار تعود "ريما" لعاداتها القديمة وكأن
شيئاً لم يكن !!
واقعة طـــــرد النقيب مكــرم محـــــمد أحمــــد من مبنى نقـــابة الصحفيين ..
لحظة فارقة ، حــرص الصحفيون على تسجيلها بكاميرات هواتفهم النقالة
لحظة فارقة ، حــرص الصحفيون على تسجيلها بكاميرات هواتفهم النقالة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق