الخميس، مارس 31، 2016

ياسر بكر يكتب : إحسان عبد القدوس وثقافة العهر !! ( الحلقة الثانية )



ياسر بكر يكتب : إحسان عبد القدوس وثقافة العهر !!
( الحلقة الثانية )
قد يتبادر إلى ذهن البعض خطأ أنني أقصد بـ " ثقافة العهر " كتابات البورنو Porno الإباحية التي دأب عليها إحسان عبد القدوس في أغلب أعماله تقريباً وبرع فيها وذاع صيته وحقق من ورائها الشهرة والثروة؛ فهذا جزء من كل، وقليل من كثير، .. ولكنني قصدت  بـ " ثقافة العهر " حالة بعينها تتخلى فيها الكتابة عن شرفها؛ فتهتك عرض الكلمات، فتخرج مدرجة بدماء الأحبار السوداء؛ فتصنع الأباطيل وتروج للأكاذيب وتزيف الحقائق ويزور التاريخ ويصبح الكاتب مجرد "شماشرجي" .. تحت الطلب ورهن إشارة من يدفع أو يملك استطاعة الوعد أو يمتلك القدرة على الوعيد !!

ليس معنى هذا أنني أقر ذلك النوع من كتابات "البورنو Porno " الإباحية التي تفوق مخازي الشيخ " صادومة " في انتهاك مكمن العفة؛ لكونها تعلو أرفف المكتبات في وضح النهار وتنتقل عبر التكنولوجيا إلي البيوتات ويحظي مروجوها بشتى أشكال التكريم والحماية تحت ما يسمى كذباً بـ " حرية التعبير "!! .. ولا يعني هذا أنني راض عنها.. تلك الكتابات التي يغلب عليها إثارة الغزائز ومخاطبة الشهوات وتسليع بضاعة الزنا والترويج لطرائقه والتي تعد أحد أهم أساليب الإلهاء للتلاعب بوعي الشعوب وإحكام السيطرة على مقدراتها كأحد أضلاع الثالوث : المال ، الجنس، المخدرات !!

.. ولا أُنكر أيضا أنني قد قرأت معظم كتابات إحسان عبد القدوس في سنوات مراهقتي، وإلا لما كان هذا المقال، ولا أُنكر أيضا أن تلك الكتابات بقدر ما أسهمت في إنعاش أحلام صحوي ويقظتي النهارية بقدر ما أمرضتني بعشق مضاجعة عرائس الخيال !!، وكانت عونا للشيطان على ضعفي الإنساني في أضغاث منامي، .. كان الفراغ قاتلاً في بلدتي تلوانة إحدي القرى المهملة في جنوب المنوفية، وكان النهار سمجاً مثل تنطع القرويين، والليالي حبلى بكل أنواع المخاوف والمخاطر والمواجع، .. وكان حلم الخلاص من ذلك الواقع المُزري يبدو رمادياً شائهاً، يلوح تارة في الأفق ويختفي تارة وراء الغمام أو يغطس في ثنايا البؤس تارات .. كانت بطلة عرائس الخيال ونداهة "الفانتاسي Fantasy " دائما "شادية" المُهرة الريفية البيضاء !!

قد يقول قائل أن الجنس أحد مكونات حياة البشر، ومن الطبيعي أن تبدو مخايلاته في الآداب الإنسانية كأحد أساليب البناء والتصاعد الدرامي للوصول إلي ذروة الحدث،  وهذا حق فأنا لست توظيف الجنس لنقل المعلومة وتحقيق المعرفة دونما سقوط في مستنقع سوقية اللفظ وإسفاف المعني لمن أراد الأدب، فالأدب أحد اشتقاقات فعل التأديب وليس الإباحية وكتابات البورنو Porno، وليس هناك أرقي وأعلى من التعبير القرآني في الآية الكريمة : (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ـ آية 223 البقرة ـ ، وكما علمنا الكبار : "أن نكتب ما تقرأه العذراء في خدرها فلا يقبح عليها"، وقد تعامل التراث بحرية ووعي وانفتاح مع تلك الأمور دون إسفاف وابتذال سقط فيه مروجي الإباحية الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين شبابنا فنجد على سبيل المثال كتاب في القرن التاسع الميلادي بعنوان: "رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه " لأحمد ابن سليمان باشا الشهير بإبن كمال باشا الذي يتناول فيه قضية الجنس وفقا للمعارف المتاحة في عصره ويبدأ كتابه بتقديم جاء فيه : " لم أقصد به إعانة المتمتع الذي يرتكب المعاصي، بل قصدت إعانة من قصرت شهوته عن بلوغ نيته في الحلال الذي هو سبب لعمارة الدنيا " ، وفي السياق ذاته يأتي كتاب الإمام جلال الدين السيوطي بعنوان : " الرحمة في الطب والحكمة " وفقاً لعلوم زمانه ومعارف أوانه، ويندرج تحتها أيضا كتاب أبي حامد الغزالي بعنوان: " إحياء علوم الدين " في فصله المعنون بـ "كتاب آداب النكاح" .

إحسان عبد القدوس
لم يكن إحسان عبد القدوس يوماً مُبرأ من " ثقافة العهر " فقد كان موصوماً دائما بما أحاطت به شبهات كثيرة؛ فقد ورد أسمه ضمن سجلات "المصاريف السرية " لحكومات ما قبل انقلاب 23 يوليو 1952 هو والسيدة والدته والزوج الثالث للسيدة والدته قاسم أمين !! تلك السجلات التي كشف عنها الصاغ صلاح سالم وزير الإرشاد!! 

ولم يكن عبد القدوس بعيداً عن شبهات طوقت عنقه حول دعم الإرهاب لحساب "الحرس الحديدي " والإقرار الفعلي للاغتيال السياسي أحقر الوسائل لحسم الخلافات في الأفكار والأراء ووجهات النظر المتباينة رغم التشدق بدعاوى الديمقراطية بإيواء المشبوة حسين توفيق في منزله وفي قلب غرفة نومه، وهو ما صاغة في روايته بعنوان : "في بيتنا رجل " وأقر به صراحة في كتاب بعنوان : " إحسان عبد القدوس .. يتذكر " للدكتورة أميرة أبو الفتوح ، يقول عبد القدوس : 

" ولم يعتبر حسين نفسه في بيته فحسب ، بل وجد نفسه شريكاً في أقدس مكان بالنسبة لكل زوج ... لقد تحول إلى شريك لي ـ برضاى الكامل ـ في حجرة نومي .. !! " ص 90 ، 91 .

.. والحقيقة أنه لم يكن وراء مقتل أمين عثمان باشا دوافع وطنية كما ادعى إعلام القتلة، ولم يكن الرجل بالسوء الذي صوروه به، وكان مقتله ضمن عمليات تصفية حسابات لحساب القصر والملك تمت بنجاح بينما فشلت ثلاث محاولات مماثلة لقنص النحاس باشا ولنفس الأسباب قام بإحداها المشبوة حسين توفيق وبالثانية ذئب الحرس الحديدي أنور السادات وبالثالثة مصطفى كمال صدقي وعبد الرءوف نور الدين ضباطا الحرس الحديدي بتفجير سيارة ملغومة بجوار مسكنه.

يروي محمد ابراهيم كامل وزير الخارجية الأسبق وأحد المتهمين في قضية اغتيال أمين عثمان المقيدة برقم 1129 لسنة 1946 عابدين في كتابه بعنوان : " السلام الضائع في كامب ديفيد " كيف تم اختراق جماعة حسين توفيق بمعرفة ذئب الحرس الحديدي أنور السادات، وتحويل مشاعره من مقاومة الإنجليز إلى قتل أبناء وطنه يقول محمد ابراهيم كامل:

" عرض عمر أبو عليّ على حسين توفيق أن نتقابل مع بعض ممثلي الجمعيات الأخرى، للتفاهم حول كيفية تحقيق التعاون بيننا، ولم تمض أيام قلائل حتى تم اللقاء في أحد المقاهي الكائنة بميدان الأوبرا وقابلنا أنا وحسين توفيق عمر أبو علي الذي قدم لنا شاباً كان يرافقه لفت نظري أنه يكبرنا في السن، كان أسمر اللون ممشوق القوام ذا شارب ضخم وصوت أجش عميق النبرات إلا أنه كان يلبس ثياباً غريبة إذ كان يرتدي بدلة رمادية داكنة وتحتها صديري فاتح به مربعات حمراء وربطة عنق فاقعة اللون وقدمه لنا عمر أبوعلي بأسم  أنور السادات .

أدخل السادات على تفكيرنا تعديلاً لم يكن واردا، وهو أن الطريقة الفعالة لتحقيق أهدافنا هي القضاء على الزعماء المصريين المتعاونين مع الإنجليز، وأننا إذا تمكنا من اغتيال عدد منهم فسيأتي اليوم الذي لن يجد الأنجليز مصريا واحدا يتعاون معهم في حكم البلاد . "

بقية القصة يكملها سيد جاد ضابط الحرس الحديدي في كتابه بعنوان: " الحرس الحديدي، كيف كان الملك فاروق يتخلص من خصومه" يقول سيد جاد :

" تم تهريب حسين عن طريق أحد ضباط الحرس الحديدي ( عبد الرءوف نور الدين ) الذي أعطاه سترته الرسمية ليرحل بها " ص 153

يعني العملية كلها تمت لحساب " الحرس الحديدي " ولم تكن لدوافع وطنية ولا يحزنون وأن الحرس الحديدي هو الذي دبر عملية القتل لحساب القصر والملك وهو الذي قام بتهريب القاتل وإعداد صكوك تبرئة الباقين عن طريق خطف أوراق القضية وتمزيق صفحاتها، وهذا يقدم لنا تفسيرا : لماذا لم يكرم السادات المستشار محمد صادق حمدي الذي برئه في الوقت الذي كرم فيه كل من جاء اسمه في مسيرته التي خلط بينها وبين تاريخ الوطن بداية من سائق قرية نبروه وانتهاء بعبد الستار أبو حسين قهوجي قرية سنتريس؟! ويفك الخيوط المتشابكة عن علاقة عبد القدوس بالحرس الحديدي وتنظيم الضباط الأحرار أحد امتدادته، وأيضا علاقته بالحزب الشيوعي المصري الذي قام سعد كامل أحد أعضائه بنقل المشبوة حسين توفيق فور هروبه إلي منزل عبد القدوس .. سعد كامل زوج ماري روزنتال اليهودية الإيطالية التي أسمت نفسها ـ فيما بعد ـ نائلة كامل شقيقة جوزيف روزنتال مؤسس الحزب الذي أرسى مبادئه هنري كورييل الذي رفع شعار : " إجذب بالجنس وجند بالنظرية " وهو الدور الحقيقي الذي مارسه عبد القدوس في كتاباته طوال حياته لإلهاء الشباب المصريين والتغرير بهم لصالح الصهيونية العالمية وإقامة دولة إسرائيل .

.. تبقى كذبة " الأسلحة الفاسدة " التي بنى عليها خادعاً مجده الصحفي الزائف، ورغم أن صناع الكذبة من ضباط انقلاب 23 يوليو 1952 قد  تخلوا عن افتراءاتهم وعدلوا عنها في شهاداتهم للتاريخ كما جاء في كتابات اللواء محمد نجيب واللواء جمال حماد وأحمد حمروش وخالد محيي الدين وعبد اللطيف البغدادي وثروت عكاشة والصاغ حسين حمودة والفريق حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي الأسبق .

.. إلا أن عبد القدوس ظل متمسكاً بأهداب الكذب حتى آخر لحظة في حياته دون مراعاة لحرمة التاريخ .. وأورث الكذبة لابنيه يتفاخران بها في المحافل، .. فلم يستطع عبد القدوس  في تحقيقات النيابة أن يقدم سنداً ولا مستنداً على ما ادعاه !! .. ولم يكن أمامه وقد صار بلبوصاً من أي سند قانوني سوى أن يدعي أنه تعرض لمحاولة أغتيال بينما كان خارجاً من مطعم الأريتاج وألمح بالاتهام إلى أبن عم الملك النبيل عباس حليم، ولم يجد الرجل رداً على افتراءات الكذاب سوى زيارته بعد العدوان المزعوم .. وامعاناً في السخرية منه ومن أكاذيبه حمل إليه هدية صينية فضية فاخرة محملة بحلوى " مارون جلسية " قدمها له وهو يضحك ساخراً  : " المجرم الخطير جاي يطمئن على البطل الخطير .. !!" .

وفي المحكمة التي انعقدت بعد انقلاب 23 يوليو 1952 لم يجد عبد القدوس  ما يبرربه كذبته سوى تطعيمها بالجوانب الوطنية مثل ادعاء الكذب للحض على كراهية نظام الحكم وصولاً إلى الانقلاب عليه من أجل ما يعتقد أنه الأفضل والذي عبر عنه بقول ساقط لخصه فيما يلي :
" أني أثرت هذه القضية حتى أصل إلى الثورة وقد قامت الثورة وأعتبر أن القضية قد انتهت لذلك فأني أعتذر للقضاء عن إعادة سرد التفاصيل التي سبق أن أدليت بها أمام النيابة "

.. ويأتي ضمن مسلسل 
زكي طليمات في المحفل الماسوني وإلى جواره كمال الشناوي وأحمد علام
استمرار الأكاذيب تأليف عبد القدوس  لقصة فيلم " الله معنا " عن الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين الذي أخرجه زكي طليمات رئيس شعبة الفنانين في المحفل الماسوني والزوج الثاني للسيدة والدته .

كانت السمة الغالبة على كتابات عبد القدوس  روح إدانة الجميع ، وإلصاق النقائص بهم؛ .. فقد كانت  نقطة الوجع في حياة عبد القدوس هي السيدة روز اليوسف النصرانية المارونية التي اصطنعت لنفسها تاريخاً لا يركن إلي سند أو مستند لتصبح فاطمة اليوسف المسلمة، .. ورغم كونها لم تدخل مدرسة في حياتها ولم تحصل على شهادة، وظلت أمية لا تعرف القراءة والكتابة حتى لقيت وجه الله .. إلا أن "صناع الأكاذيب" قد جعلوا منها الممثلة القديرة وسارة برنار الشرق، والكاتبة العظيمة وسيدة الصحافة العربية، .. والسيدة بعيدة عن ذلك كل البعد فقد كانت الشهادة التي حصلت عليها عندما وطأت بقدميها بر مصر هو ترخيص من الإدارة المحلية بمقتضى المادة 16 من لائحة النسوة العاهرات الصادرة بقرار نظارة الداخلية وتصديق مجلس النظار عليها في أول يونية لسنة 1885م .. والذي أعاد نشر صورته على الصفحة الأولي من جريدة المسرح المصري يوسف بك وهبي عندما اشتد الخلاف بينهما( التي صدر منها عدد واحد فقط بتاريخ 6 مارس ـ 22 مارس 1931) والتي كان يترأس تحريرها الأستاذ عليّ أحمد بليغ، وقد أشار إليه الزميل الأستاذ إبراهيم عيسى ضمن مقال بجريد الدستور في إصدارها الأول بترخيص أجنبي عام 1995، .. والتي عبر عن فحواها الشاعر عبد الحميد الديب في هجائه لعباس محمود العقاد عندما أسرف في نقده بمجلة "روز اليوسف"  بقوله :

أيا قواد غانية *** إذا ضمت ( ... )
مت جوعــــاً

.. ولم تسطع الحياة المضطربة لمحمد عبد القدوس الأب أن تشكل حماية لإحسان .. بل كان الأب متهماً من وجهة نظر إحسان ومطالباً بالتبرير، ففى الرسائل المتبادلة بينهما والتي قدمت بعضها لمجلة "المصور " السيدة نرمين القوسيني سكرتيرة إحسان وابنة أخت زوجته، يقول عبد القدوس  الأب لإحسان :

" أنك ابن حلال صرف ، فلم أدخل بأمك إلا بعد العقد عليها، وقد ذهبت بها إلي أحد أصدقائي بشبين الكوم الذي استدعى مأذون بندر شبين الكوم الذي قام بإجراءات العقد، وقد مكثنا عند هذا الصديق ثلاثة أيام ثم استئذنا في السفر " .

.. أورثت سلبيات النشأة إحسان عبد القدوس عدوانية تجاه المجتمع والتي بدت ظواهرها في أحداث زواجه من قرينته السيدة لواحظ المهيلمي الشهيرة بـ " لولا " يقول إحسان :

" كانت نظرة أسرتها لي لم تكن نظرة الرضا فضلاً عن الإعجاب أو الترحيب .. ووجدنا الحل في فرض الأمر الواقع على الجميع ، وفي عصر أحد أيام نوفمبر 1943 دخل المأذون إلى بيت محمد التابعي ليعقد قراني سراً على زوجتي .

وبعد ثلاثة أشهر اكتشفت أخوات " لولا " الحقيقة وكان عليهن أن يعترفن بالأمر الواقع ولكي تبدو الأمور طبيعية أمام الناس عملن كتب كتاب صوري وأحضروا نفس المأذون الذي عقد قراننا ، ووقفنا لالتقاط الصور كأي عروسين ".

وعندما أراد عبد القدوس أن يجد ذاته متوهما أنه أحد صناع انقلاب 23 يوليو 1952 ، وأحد الشركاء في إدارة تداعياته؛ فكتب مقالاً بعنوان : " الجمعية السرية التي تحكم مصر " ، وترتب على المقال القبض عليه واعتقاله ودخوله السجن الحربي الذي لقي فيه من هوان الرجال، وبعد خروجه منه في 31 يوليو 1954 ، وما أن وصل إلى بيته حتى دق جرس التليفون يحمل صوت البكباشي جمال عبد الناصر شريكه في كذبة "الأسلحة الفاسدة " وهو يقول له :

" هيه اتربيت.. ولا لسه يا إحسان ؟! طيب تعال افطر معايا .. ما تتأخرش أنا منتظرك "

.. كان عبد الناصر ينظر إليه نظرات ذات مغزى، وكان إحسان الذي بدا منكسراً لا يقوى على ابتلاع طعامه، ومنذ ذلك اليوم راح يكتب روايات الجنس والفراش مبتعداً عن السياسة، .. ولما عاد إليها بقرار شفهي من الرئيس السادات كانت مقالاته في مجلة " أكتوبر بعنوان : " على مقهى في الشارع السياسي " دعماً لرأي السادات في مواجهة خصومه والرأي العام الغاضب من سياساته !!

كان هتك أعراض الرجال أحد أساليب ضباط انقلاب 23 يوليو  1952 لكسر أنوف معارضيهم؛ فقد حدث أن أبدى فضيلة الشيخ محمد المجدوب إمام وخطيب أحد المساجد الصغيرة المجاورة للجامع الأزهر استيائه من دخول الضباط إلى المساجد وسط صخب العامة وفلاشات الكاميرات .. وزاد من الأمر سوء أن أحد القراء كان يقرأ من سورة النمل : " وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ "ـ النمل آية 6 ـ .. وأخد القارئ يعيد كلمة " ولكم فيها جمال " أكثر من عشر مرات، ولم يتوقف حتى أشار إليه البكباشي جمال عبد الناصر مبتسما بما يعني أن رسالته قد وصلت !! .. لم يعجب الأمر فضيلة الشيخ محمد المجدوب وأسهب في نقده؛ فقبض عليه ليخرج بعد أيام من سجنه مشلولاً لا يكف عن البكاء حتى مات، ولم يفضي بسره إلا للشيخ الباقوري الذي نقل ما حدث للشيخ الجليل للبكباشي جمال عبد الناصر الذي علق قائلاً :

" هما عملوها الأشقياء .. أحسن عشان يبطل كلام . "

.. قد يكون لنا بعض العذر في أننا في سبيل كشف العام قد اضطررنا لنبش الخاص .. ولكن العملاء لم يتركوا لنا خياراً فقد خلطوا الخاص بالعام باحترافية ليقدموا لنا في النهاية " طبخة مسمومة " .. لكنهم نسوا أن للتاريخ أنياب وأظافر تستطيع نزع الأقنعة وخمش الوجوه وتمزيق الثياب وتعرية العورات وشق الصدور وكسر الرؤس وتحطيم القماقم وإخراج الحقائق سافرة عارية من كل زيف، فلا يدخل التاريخ إلا من يستحق .. وليظل نهر التاريخ صافياً رقراقاً .. يتدفق عبر الأيام رائقاً من أكاذيب العملاء.
.. وللحديث شجون وبقية ..

***

الحلقة القادمة : محاولات العملاء للقضاء على اللغة العربية !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق