الأحد، مارس 12، 2017

ياسر بكر يكتب : مكاتيب "العرضحال" .. وتضليل الصحفيين"!!




ياسر بكر يكتب : مكاتيب "العرضحال" .. وتضليل الصحفيين"!!

اقترب موعد انتخابات نقابة الصحفيين، حانت ساعة الفصل في السباق مع اقتراب عقارب الساعة من عناق لحظة النهاية بإغلاق الصناديق في جولة الإعادة.. كان الزيف والادعاء هما سمتا كل أيام "الصخب الانتخابي" وهذا ما تعودناه طوال عمرنا النقابي (40 سنة)؛ فكل شئ مباح .. الشائعات .. الأكاذيب .. الفضائح .. الوشايات، ولا خجل .. الجميع يرفع شعار : "اللي تغلب به ، العب به" .. ومع اقتراب ساعات "الصمت الانتخابي" يتفانى البعض في أساليب الدعاية بكل ألوانها وأطيافها بتمرير "رسائل ملغومة" يحاول البعض أن يكسبها طابعاً شخصياً شديد الخصوصية باعتبارها "رأي شخصي"، ومع احترامنا لكل الآراء؛ فإننا نرى ـ وهو رأي شخصي أيضا ـ أن الرأي الشخصي عندما يتعلق بالشأن العام، ويتوسل إلى القارئ عبر وسائل معلنة؛ فهذا يعطي كل قارئ الحق في الاختلاف العلني عبر ذات الوسائل أو مثيلاتها!!

الجديد في المعركة الانتخابية في نقابة الصحفيين هذا العام أنها معركة تديرها جهات ذات قدرات معلوماتية عالية، وتتمتع بامكانيات هائلة للتحرك على الأرض سواء لتحقيق الدعاية أو بث قازورات الدعاية المضادة، وهو ما أوقع الكثير من مرتزقة موسم الانتخابات في "حيص بيص"، وجعل أدعياء "الزعامة" في عبد الخالق ثروت الذين يتطاولون على صغار الصحفيين بموروث الخبرة، ومخزون الحكمة أقصر قامة من "عقلة الصباع" ، و"زعبلة القلة "

الأستاذ النقيب الحالي يحي قلاش يخوض الانتخابات على أمل تحقيق "انفراجة" في أزمته، وهو حق مشروع، وهو ما جعله أسير "أخلاق الأزمة" وظهر جليا في "أزمة الأداء" التي تبدت في حالة الادعاء عن انجازات سيادته في تركيب مكيفات هواء أو إصلاح المصاعد وهو عمل يدخل في صميم عمل مهندس الصيانة أو على الأكثر مدير المبني، وباعتماد أمين الصندوق، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بمنصب "النقيب" !! بينما لم نلمس للأستاذ النقيب أيدي ولا عطاء يذكر.. ولا ذراعاً لا باعاً في مجال الحريات، ولا المساندة النقابية والقانونية للزملاء السجناء المتهمين في قضايا الرأي، ولا الرعاية الاجتماعية لأسرهم، ولا الرعاية الكريمة لشيوخ المهنة في الوقت الذي لم يمل من ترديد تقولاته بإصلاح الخلل فى ميزانية النقابة بتدبير 62 مليون جنيه من عدة مصادر فى مقدمتها «دعم غير مسبوق للدولة» ـ حسب ما قاله البرنامج نصا ـ دون أن نلمس لها مردود في أحوال الصحفيين !!
ادعاء النقيب عن انجازات غير مسبوقة يمكن قبوله في اطار "الدعاية الانتخابية" التي يندرج أغلبها تحت مسمى "الهجس" ، لكن الادعاء أنه حامي حمى النقابة في مواجهة من اقتحموها (مع تحفظنا على لفظ الاقتحام)، واللمز الرخيص في بعض زملائه من أعضاء الجمعية العمومية وأنهم يرغبون في تسليم مفاتيحها إلى الحكومة!!، وكأن مفاتيح النقابة كانت يوما بمنأى عن يد الحكومة!!

.. ولأن سيادة النقيب قلاش يتناسى في غمرة معاركه "الدونكيشوتية" أنه كان يجلس على يمين الرئيس السيسي قبل يومين من افتعال أزمة النقابة، ويتناسى أيضا الدور الذي قام به مجلس النقابة في لقاء الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد 30 يونيو 2013!!، فلا بأس من أن ننعش ذاكرة سيادته وأن نفهمه أن مشكلته أنه نسي نفسه وتوهم أن الرئيس قد ينحاز لشخصه ضد إحدى الدعائم الثلاث المساندة لنظام الحكم (الجيش ـ الشرطة ـ القضاء)، وزاد الطين بلة توجيهه الإهانة من بعض حمقى الحشد الذي دعى له لشخص الرئيس، ومطالبته بالاعتذار !! 

وتناسى قلاش أن الرئيس لم يأت إلى الحكم على خلفية سياسية، بل جاء على خلفية عسكرية قوامها "الضبط والربط" القائم على تطويع الفرد وكسر إرادته الفردية ليصبح جزء من المجموع الذي ينصاع للأمر، وهذا هو سر "تكدير قلاش" الذي أتمنى آلا ينسحب هذا "التكدير" إلى عقاب جماعي للكيان النقابي بأسره.
.. تبعية النقابة للنظام ليست جديدة في تاريخها؛ فمنذ تاريخ إنشاء النقابة بقرار من اسماعيل باشا صدقي في 31 مارس 1941 تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 1 أبريل 1941 .. لم يكن الطاغية يرغب في إنشاء كيان نقابي بالمعني المفهوم، بل كان يرغب في تطويع مهنة الصحافة، وإدخالها إلى "حظيرة الطاعة الحكومية" بجعلها رهينة المحبسين: الدعم الحكومي، والقبضة الحكومية على الأداء النقابي بتحويل "نادي أصحاب الصحف" برئاسة محمود أبو الفتح إلى "نقابة الصحفيين"، ونقيبها محمود أبو الفتح !! .. رغم "الرطانات" اللغوية في الكتابات الوطنية عن "بلاط صاحبة الجلالة" و"حرية الصحافة " ودور الصحافة في إحداث والتبشير بالثورات .

ولأن النقيب قلاش في مأزق، فلا مانع لديه ولا حرج من الاستعانة بصديق عبر المحادثات الليلية .. ولا مانع لدية من استنساخ بعض أفعال النقباء التاريخيين بمحاولة "فتح قنوات مع النظام" دون وعي بتغير الظرفين السياسي والتاريخي، ولأن بعضهم مازال يغني على "ليلاه"؛ فقد استجاب له بعضهم بعمل " عرس جنب طهور" بمعنى إظهار النفس بمظهر المدافعين عن النقيب والكيان النقابي وتحقيق بعض المكاسب الخاصة، ففي يوم الأحد 19 فبراير 2017 خرج علينا أحدهم بمقال بعنوان : "عندما يصبح الإلحاق مطلبا " جاء فيه بالحرف الواحد :
"مشكلة النقابة الحالية أنها أرادت أن تكون مستقلة، ورفضت الإلحاق والاستتباع، لم تكن معارضة، وإنما حرصت على أن تظل متفهمة ومتعاونة، وبسبب استقلالها فإنها احتملت أصواتا معارضة بقدر ما اتسعت لأصوات المؤيدين. لكن ضيق الصدور رفض وجود نقابة مستقلة حتى إذا كانت مع النظام وليست ضده."
وهو كلام شديد الالتباس .. فنحن لا نعرف عمن أرادت النقابة الاستقلال؟!، هل أرادت الاستقلال عن الدولة التي منحتها "دعماً غير مسبوق" ـ حسب ما قاله برنامج النقيب نصا ـ ، وإذا كان الاستقلال النقابي مطلباً فلماذا ذهب مجلس النقابة متطوعاً بكامل هيئته ـ فيما عدا محمد عبد القدوس ـ لتقديم الدعم الإعلامي لصانعوا أحداث 30 يونيو 2013 التي أطاحت بالرئيس المنتخب بإرادة شعبية حرة في أول انتخابات نزيهة تشهدها مصر !!

يبقى مفهوم الإلحاق، والإلحاق في علوم التحكم بالوعي وتوجيه الإرادت وضبط السلوك،  الإلحاق يعني تدعيم الصلة مع المتلقي، وبناء القناة التي يتم تمرير الرسالة من خلالها .

.. ولم يذكر كاتب المقال هل كان الإلحاق الذي رفضته النقابة "إلحاقاً وفقاً" أو "إلحقا بـ " فالفارق بينهما كبير ؛ فـ "الإلحاق وفقاً" يعني تدعيم الصلات الوشائجية الجمعية بما يحقق صالح الجماعة وهو معنى إيجابي، أما "الإلحاق بـ" فتعني الكذب والتدليس والتضليل والترويج لقيم خادعة وزائفة، وهو معنى سلبي تحقق منذ تأميم الصحافة في مايو 1961 .

يقفز كاتب المقال فوق حقائق التاريخ فيدعي أن النقابة رفضت ما أسماه بـ "الاستتباع"، وإضافة حرف السين إلى الفعل تعني : " ظاهرالفعل على غير حقيقته!!" بما يعطي الانطباع، وكأنها ليست تابعة بالفعل خاصة أن 80 % من أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين يعملون في الإمبراطورية الضخمة لـ "الصحف القومية" المملوكة للدولة والتي تسيطر على كل مقدراتها وتمنع عنها خطر "الموت الإكلينيكي" وتمنحها "قبلة الحياة" عبر الدعم الحكومي الدائم !! تلك الكيانات المترهلة التي يعمل أغلب العاملين فيها بالأمر الإداري بداية من قمة الهرم الوظيفي في المؤسسات، وانتهاء بأصغر عامل !!

ويرى كاتب المقال أن : "نقابة الصحفيين تعرضت لمسلسل من الأزمات المفتعلة طوال العام الأخير، وأدى إلى صدور حكم بسجن نقيب الصحفيين واثنين من مساعديه لأول مرة فى التاريخ النقابى" .. ولم يقل لنا سيادته من أي جانب جاء الافتعال من النيابة العامة الأمينة على أحوال المجتمع أم من جانب النقابة التي تدعي حظوة ترفعها فوق مؤسسات الدولة !!

وهو كلام ينطوي إسقاط لحقائق التاريخ النقابي او تناسي لها ـ ولا أقول مغالطة عن قصدـ فقد انتخب الصحفيون الأستاذ حسين فهمي نقيباً لهم سنة 1956 وهو في السجن، وتم سجن الأستاذ مجدي أحمد حسين عضو المجلس ومقرر لجنة الحريات، وسجن الأستاذ حسين عبد الرازق عضو المجلس .

.. وفي يوم الخميس 9 مارس 2017 خرج علينا آخر بمقال بعنوان :"انتخابات نقابة الصحفيين.. موقفى الصريح" وبعد أن قدم إلينا نفسه وفق ما يهوى وعلى غير ما نعرف !! راح يتحدث عن ما ادعاه "قيم" تلزمه بانتخاب قلاش ، فقال :

"القيمة الأولى ـ على حد زعمه ـ، هى الوفاء والمروءة، إذ يعتقد ـ على حد زعمه أيضا ـ أنه إن لم يصوت له فكأنه يسلمه إلى السجَّان، وعيب فى حقنا كصحفيين أن نتواطأ على نقيبنا، أو نغمض العين عما يجرى له "

وهو كلام يفتقد الانضباط والرشد؛ فنحن جماعة الصحفيين لم نتواطأ على النقيب، ولم نغمض العين عما يفعله؛ وقد ألقيت أنا كاتب هذه السطور بطوق النجاة إلى النقيب في مقال بعنوان : "القصد الجنائي في قضية الصحفيين " وكنت أتوهم أنه حصيف وسيلتقط طرف الخيط .. لكنه تغافل عنه ومضى في إدارة الصدام .

مقال:"انتخابات نقابة الصحفيين.. موقفى الصريح" يسهل للجاني الهروب بفعلته، ويصبح في مأمن من العقاب، ويجعل من الجمعية العمومية درع واقي من طائلة القانون، وفي ذات الوقت فإن مثل هذا الفكر يكسر مؤسسة العدالة في مواجهة الحشود؛ فيضيع صوتها وسط " ديمقراطية الضجيج"، فالقضاء هو "الخندق الأخير" في حياة الأمم وبدونه فلا دولة .. إنهم يرفعون عن قصد وبسوء نية شعار "هدم الدولة" في مكاتيب " العرضحالجية " لتضليل الجماعة الصحفية من أجل مكاسب شخصية بسيطة ورخيصة !!.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق